الثورة/أحمد المالكي
أربعة أعوام من الحصار والحرب الاقتصادية الشاملة على شعب الايمان والحكمة بدءا بإغلاق كل المنافذ والممرات البرية والبحرية والجوية ، مروراً باستهداف وتدمير البنية التحتية والمنشآت الاقتصادية في اليمن وتجفيف منابع الايرادات بالسيطرة على منابع النفط والغاز والاستحواذ عليها لصالح المرتزقة وقوى العدوان وفرض القيود المختلفة على الصادرات الزراعية والحيوانية واستهداف وتعطيل حركة الصيد وتعطيل صادرات القطاع السمكي، وصولاً الى نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن وقطع المرتبات وطباعة المليارات من العملة الوطنية بصورة مستمرة من دون غطاء بهدف ضرب قيمة الريال اليمني واستهداف العملة الوطنية ، وسحب العملة الأجنبية من الأسواق، والمضاربة بها.. هذه المنهجية الحصارية والحرب الاقتصادية القذرة بلاشك كان لها أثر كبير وكارثي في زيادة معاناة الشعب اليمني معيشيا وإنسانيا واقتصاديا.. نتتبع فيما يلي ابرز ملامحها:
منذ اليوم الأول عمدت قوى العدوان إلى فرض حصار خانق على الشعب اليمني لإرغامه على الاستسلام لسلطة السفارات والخضوع للمخططات الاستعمارية الصهيوامريكية، حيث تدهورت الاوضاع المعيشية لعامة المواطنين في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية.
تداعيات شاملة
ولم يقتصر الأثر السلبي لتلك المؤامرة على المناطق الخاضعة لسلطة المجلس السياسي الاعلى وحكومة الانقاذ الوطني فحسب، بل شمل المحافظات والمدن الجنوبية التي ترزح تحت الاحتلال الأجنبي حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية بشكل أكبر من سعرها في المناطق التي يتواجد فيها الجيش واللجان الشعبية وبدأ المواطن في تلك المناطق يلمس الآثار السلبية لتلك المؤامرة، حتى وصل به الحال أخيراً إلى النزول للشارع والاحتجاج على ممارسات تحالف العدوان.
حرب اقتصادية
دخلت الحرب الاقتصادية والتجويع الممنهج لملايين اليمنيين في الآونة الاخيرة مرحلة جديدة، حيث تفاقمت الازمة الاقتصادية بسبب الحصار وانهارت العملة اليمنية بشكل غير مسبوق إثر قيام دول تحالف العدوان بسحب العملة الصعبة من اليمن وطباعة ملايين الريالات اليمنية من دون غطاء.
كما أن الحرب الاقتصادية أدت ايضاً الى تفاقم الاوضاع الانسانية حيث تزايدت حالات الوفاة بسبب سوء التغذية وأصبح ملايين اليمنيين في حالة فقر وجوع مطبق.
الحرب السعودية التي جاءت كما تقول الرياض “لإنقاذ اليمنيين”، ادت باليمن لانهيار تام واصبحت ازمة اليمن أكبر وأسوأ أزمة إنسانية عالمياً بحسب تقارير الامم المتحدة.
تهاون دولي
خبراء الاقتصاد والمهتمون والمتابعون للشأن الاقتصادي اليمني يؤكدون أن هناك تهاوناً كبيراً جداً من قبل المجتمع الدولي إزاء الكارثة الانسانية التي يواجهها الشعب اليمني خاصة وهو على اعتاب العام الخامس من العدوان السعودي الاماراتي والحصار المطبق، ويشير المراقبون للشأن اليمني إلى أن قوى العدوان الامريكي الصهيو سعودي تنتقم من الشعب اليمني لأنه رفض الوصاية السعودية، رغم ان اليمنيين لم يعادوا دول الجوار، وانما طالبوا فقط بحقهم في سيادة بلادهم والحفاظ على استقلالهم.
واوضحوا، ان سعر صرف الريال اليمني أصبح أداة حرب لدى العدوان السعودي الاماراتي وبدعم امريكي، مستشهدين بتصريحات السفير الامريكي السابق ماثيو تولر الذي أكد بشكل علني للوفد الوطني في أواخر اغسطس من عام 2016م، بأن “بلاده ستعمل على ايصال الريال اليمني حتى يصبح لا يسوى الحبر الذي يطبع به”.
تدمير ممنهج
ويؤكد خبراء الاقتصاد انها حرب ممنهجة تستهدف كل ابناء اليمن، وان العدوان السعودي الاماراتي قد دمر الاقتصاد اليمني والبنية التحتية بشكل كامل في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الجيش اليمني واللجان الشعبية على مدى أربعة أعوام من الحصار والحرب الاقتصادية.
الخبراء والمهتمون بالشأن اليمني يؤكدون أيضا أن العدوان منذ شن حربه على اليمن انتهج سياسة التجويع واتخذ من الاقتصاد ورقة للي ذراع الشعب اليمني وتركيعه لتمرير مخططاته وفرض اجنداته.
وأمام صمود اليمنيين وفشل خيار العدوان العسكري، لجأ الى تصعيد الحرب الاقتصادية، اضافة الى ما يقوم به طيرانه الحربي من تدمير للمنشآت الحيوية والاقتصادية وكل مقومات الحياة.
سلاح المرتبات
معاناة انسانية كبيرة خلفها العدوان وحصاره لموظفي جهازي الدولة العسكري والمدني عن طريق قطع مرتبات اكثر من مليون ونصف المليون موظف في القطاع العام بعد قرار نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن ،وتنصل ما تسمى بالشرعية والمجتمع الدولي عن تنفيذ التزاماتهم بالاستمرار بدفع المرتبات لكافة موظفي الدولة عقب نقل مهام البنك رغم أن المرتبات كانت تدفع لكافة موظفي الدولة قبل نقل البنك في الشمال والجنوب من دون تمييز وفي ظل سلطة اللجنة الثورية العليا .
احتلال الثروات
التقارير الاقتصادية تشير إلى احتلال دويلة الامارات والسعودية ومرتزقتهما قطاعات النفط والغاز، ما يحرم أبناء الشعب اليمني من إمكانية الاستفادة من إيرادات تلك القطاعات نتيجة سيطرة دول العدوان على حقول النفط المنتِجة في محافظات شبوة وحضرموت ومارب .
وتؤكد التقارير أن قوات إماراتية سيطرت على جميع حقول النفط المنتِجة في قطاع المسيلة النفطي، وقامت بتعزيز وجودها العسكري في منشأة المسيلة النفطية بلواء كامل من القوات الخاصة الإماراتية مزوّد بأربع طائرات أباتشي موجودة داخل مطار شركة بترو مسيلة (كنديان نكسن سابقاً)، والواقع في قطاع “14 النفطي”.
وبذريعة حماية المنشآت النفطية تفرض القوات الإماراتية المتمركزة في شركة بترو مسيلة جباية ما نسبته 5% من حجم الإنتاج اليومي على ثلاث شركات نفطية منتِجة للنفط في قطاع 14 وقطاع 10 وقطاع 32 في المسيلة.
مصادر نقابية في شركة «بترو مسيلة» أكدت أن الشركة تنتج شهرياً أكثر من مليون برميل من النفط الخام الثقيل تُصدَّر عبر ميناء الضبة النفطي في مدينة المكلا (مركز محافظة حضرموت) الخاضع لسيطرة كتيبة إماراتية بقيادة ضابط إماراتي يدعى أبو سلطان الشحي، وتُباع من دون أي مناقصات رسمية او تدخّل من حكومة هادي، ويتم تحويل إيراداتها من العملة الصعبة إلى البنك الأهلي السعودي.
معاناة وسخط
في الوقت الذي تكثف فيه قوى العدوان ومرتزقتها جهودهم الإعلامية في التضليل والتهويل في معاناة المواطنين واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها، ومحاولاتهم اثارة السخط الشعبي وتوظيفه ضد المجلس السياسي الأعلى إلا أن ردود الفعل في المحافظات المحتلة ظلّت تتّهم تحالف العدوان بالوقوف وراء الانهيار الاقتصادي فيما استمرّت التظاهرات المُندّدة بعمليات الفساد وسياسة التجويع.
وشمل الحصار على اليمن مختلف الجوانب البرية والجوية والبحرية الذي فُرض على اليمن من قِبل السفن الحربية الامريكية والاماراتية والصهيونية والسعودية في المياه الإقليمية اليمنية منذ عام 2015م إبان العدوان العسكري على اليمن ,وانضمت الولايات المتحدة إلى الحصار منذ بداية العدوان وزادت من دعمها للسعودية بالوقود والعتاد والأسلحة. وسبَّب الحصار كارثة إنسانية على اليمنيين كما ساهم في تدهور مختلف القطاعات إلى حد دفع منظمة الأمم المتحدة إلى الإعلان عن أن “أسوأ مجاعة في العالم هي التي يُواجهها ويعيشها اليمن” أما منظمة الصحة العالمية فقد أعلنت أن “عدد الأشخاص المشتبه في إصابتهم بالكوليرا في اليمن قد وصل إلى ما يقرب من نصف مليون شخص”.
ويُعد نقص المياه في اليمن إحدى أبرز وأصعب المشاكل التي تُواجه اليمنيين، خاصة في ظل نقص المياه النظيفة يفعل تدهور خدمات شبكة المياه العمومية جراء تداعيات الحرب والحصار وانتشار المياه الملوثة التي تسبب الكثير من الأمراض الخطيرة.
تشديد الحصار
وازدادت حدة المجاعة بعد تشديد الحصار من السعودية وقوى العدوان العالمية حيث حاصرت اليمن من البحر والجو والأرض.. ووفقا لمدير ميناء الحديدة فإن الميناء تم تدمير بنيته التحتية تماما من قبل طيران العدوان رغم كونه الشريان الوحيد المتبقي لدخول المواد الاغاثية والسلع والبضائع الغذائية لأكثر من 80 % من سكان البلاد ,كما أن الدواء والغذاء ومعظم المساعدات لا تدخل المدينة بسبب الغارات الجوية السعودية الامريكية التي دمرت الرافعات الصناعية في الميناء في أغسطس 2015م.
في الوقت نفسه أكدت منظمات دولية أن الحصار الذي فرضته السعودية بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا قد أثر على حوالي 80 % من سكان اليمن فصاروا في حاجة ماسة إلى الأمور الحيوية مثل الغذاء والماء والإمدادات الطبية.
وبدأت السعودية في تنفيذ ضرباتها الجوية بتنسيق مع الولايات المتحدة التي زادت دعمها لحليفتها السعودية من خلال تزويدها بالوقود وبصور الأقمار الصناعية وبكل العتاد الحربي بما في ذلك الأسلحة والطائرات. وأرسلت الولايات المتحدة سفنا حربية بهدف تعزيز الحصار، فيما تتواصل مبيعاتها من الاسلحة والمساعدة التقنية، وكانت منظمة العفو الدولية قد حثت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على وقف توريد الأسلحة إلى التحالف الذي تقوده السعودية.
كما اعتبرت منظمة العفو الدولية الولايات المتحدة شريكاً غير مباشر في الحرب وفي الحصار على اليمن، وهو ما يؤكده اليمنيون وقيادتهم السياسية الذين يرون أن السعودية ليست سوى مجرد “أداة لتنفيذ الأوامر” وأن السبب الرئيسي في هذا العدوان على اليمن هو الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل.
جرائم حرب
ووفقا للقانون الدولي الذي يتعلق بالحصار البحري لدولة أو منطقة ما ،”فإن التدابير التي اتخذت من قبل قوات تحالف العدوان بقيادة السعودية “تعد انتهاكا للقانون الدولي”.
وكانت لجنة خبراء مجلس الامن الدولي أكدت في تقريرها للمجلس أن “ما قامت به السعودية ودول التحالف من تدابير قبالة السواحل اليمنية تسبب في مجاعة خانقة كما تسببت في حدوث نقص كبير في المواد والسلع الضرورية وهذا في حد ذاته يُعتبر انتهاكا للقانون الإنساني الدولي”.