اليمن الجريح … يذبح على مائدة المشروع الصهيو – أمريكي وبيد عربية
هشام الهبيشان
بالبداية ، بات من الواضح لكل المتابعين لما يجري في اليمن منذ أربعة اعوام مضت حتى اليوم ،من حرب عدوانية مركبة الاهداف والعناوين تستهدف اليمن بمن فيه ، إن المشهد اليمني يزداد تعقيدا مع مرور الأيام، والواضح اكثر اليوم إن تطورات الأيام الأخيرة باليمن، تؤكد بما لا يقبل الشك أن مسار الحرب العدوانية السعو- أمريكية بالداخل اليمني إن استمر بنفس وتيرته التي نعيشها اليوم، سينتج واقعاً يمنياً جديداً، واقعاً لليمن الجديد الذي تريده قوى العدوان على اليمن “يمن مقسم منهك القوى يعتاش على المساعدات الخارجية “،ليكون فريسة سهلة للمشاريع الصهيو – أمريكية في المنطقة بمجموعها .
وهنا ،لا يمكن لأيّ متابع لمسار تحركات الحرب العدوانية السعو- أمريكية على اليمن أن ينكر حقيقة أنّ هذه الحرب بطريقة عملها ومخطط سيرها ستجرّ المنطقة والأمة بكاملها إلى مستنقع الفوضى والاحتراب بين أبناء الأمة الواحدة، والكلّ يعلم أنّ المستفيد الوحيد من التداعيات المستقبلية لهذه الحرب هو الكيان الصهيوني، ومع كلّ هذا وذاك ما زالت طبول الحرب تقرع على حدود صنعاء والحديدة وصعدة ووو…إلخ ، وداخل حدود اليمن براً وبحراً، وطائرات قوى العدوان تغطي سماء اليمن، والقصف يستمرّ والجوع يستمرّ ويموت أطفال اليمن ونساؤه ورجاله…وبالمجان خدمة للمشاريع الصهيو – أمريكية في المنطقة .
وتزامناً مع حالة الصمت العربي والاسلامي والدولي إزاء ما يجري في اليمن من حصار شامل براً وبحراً وجواً تفرضه قوى العدوان والتحالف على اليمن ،بدأت تتضح لليمنيين خصوصاً ان الرهان على عامة العرب والمسلمين وما يسمى بالمجتمع الدولي ،ثبت انه رهان فاشل، ولكن هنا والأهم اليوم ،هو أنّ ندرك أنّ هذه المرحلة وهذا الحصار الشامل المفروض على اليمن وما ستتبعه من مراحل دقيقة من تداعيات الحرب العدوانية على اليمن، تستدعي بكلّ تطوراتها وأحداثها من الجميع أن يقفوا وقفة حق مع ضمائرهم، وأن لا يكونوا شركاء في مشروع التدمير والتمزيق والإجهاز على اليمن، فالحدث الجلل والحصار الشامل على اليمن يستدعي حالة من الصحوة الذهنية والتاريخية عند كلّ العرب والمسلمين، فالمرحلة لم تعد تحتمل وجود مزيد من الانقسام والتفتيت والتمزيق لهذه الأمة جغرافياً وديمغرافياً.
وهنا وعند الحديث عن ما يسمى المجتمع الدولي وصمته على مايجري في اليمن ،فهذا المجتمع الدولي تحول دوره الوحيد إلى دور الدعوة إلى إحياء مؤتمرات خاصة لحلّ الأزمة والحرب العدوانية المفروضة على الدولة اليمنية ، مع علم أغلب المطلعين على تداخلات الحرب على الدولة اليمنية ،أنّ عقد جلسات مشاورات أو لقاءات أو مؤتمرات تضمّ شخصيات من طرفي المعادلة اليمنية أو اطرافاً اخرى، لن ينجح بسبب وجود صعوبات ومعوقات كثيرة. ومن خلال استعراض اللقاءات والمؤتمرات التي عقدت، في هذا الإطار “الكويت – السويد “، نجد أنّ كلّ ما قامت به هو إشباع الإعلام بالصور النادرة عن نجاحات الدول الوسيطة في التفاوض وعن فرص للتقدم المأمول، مع أنّ تلك الدول جميعها تدرك أنّ الوصول إلى نتائج فعلية ليس ممكناً في هذه المرحلة، وفي حال التوصل إلى حلّ ما فإنه سيكون مرحلياً، أو خطوة في طريق طويل صعب ومعقد، ستبقي اليمن في معمودية النار حتى وقت غير محدّد.
ولقد تعلمنا من التاريخ دروساً بأنّ أزمات دولية – إقليمية محلية مركبة الأهداف، كالحرب العدوانية التي تدار حالياً ضدّ اليمن، انه لا يمكن الوصول إلى نتائج نهائية لها بسهولة، لأنها كرة نار متدحرجة قد تتحول في أي وقت إلى انفجار إقليمي، وحينها لا يمكن ضبط تدحرجها أو على الأقلّ التحكم بمسارها، فالحلول والتسويات تخضع للكثير من التجاذبات والأخذ والردّ قبل وصول الأطراف الرئيسية المعنية إلى قناعة شاملة بضرورة وقف الحرب، وفي هذه الحال، لا يمكن التوصل إلى حلّ في المدى المنظور، ما لم تنضج ظروف التسويات الإقليمية والدولية “وهذه التسويات من وجهة نظر المشروع الأمريكي – الصهيوني “يجب ان تكون بصالح مشروعهم ..وإلا لتستمر حروب المنطقة إلى ما لا نهاية “لأن المشروع الصهيو – أمريكي بالنهاية هو من يقطف ثمارها”… واليوم من الواضح أنّ جميع المعطيات الإقليمية والدولية في هذه المرحلة، تشير إلى تصعيد واضح بين الفرقاء الإقليميين والدوليين، وهذا بدوره سيؤدي إلى المزيد من تدهور الوضع في اليمن وتدهور أمن المنطقة ككلّ.
ختاماً ، وبالعودة للحديث عن مسار حرب تحالف العدوان عى اليمن ، فلا بد من التذكير بحقيقة هامة ،ومفادها أن ما يقارب على أربعة أعوام من الحرب على اليمن كانت كفيلة بتحويل اليمن إلى بلد منكوب، وهذا يطرح، بدوره، سؤالاً مشروعاً ويستحق أن يطرح في هذه المرحلة، والسؤال بمضمونه العام وفي سياقه الإنساني والأخلاقي هو: من سيهب اليمن الحياة من جديد؟ هنا لا يمكن أبداً التقليل من نتائج وآثار هذه الحرب العدوانية على اليمن، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، والأهم من ذلك هو الملف المجتمعي، الذي هو في حاجة الآن إلى عمل مضنٍ لإعادة بناء وترميم البيت الداخلي المجتمعي اليمني، وخصوصاً بعد سلسلة التباينات والشروخ التي خلفتها الحرب العدوانية السعو- أمريكية بين أبناء الوطن الواحد في اليمن.
*كاتب صحفي أردني