بعد القدس ، العين على مكة
د/ أنيس الأصبحي
* مجلس الشيوخ الأمريكي أقر مؤخراً مشروع قانون ينهي الدعم العسكري الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في الحرب على اليمن ، بما في ذلك منع الجيش الأمريكي من أي مشاركة في الصراع وتوفير دعم للضربات الجوية السعودية دون تفويض من الكونجرس.. وعلق الكثير منهم ( إن المشاركة الأمريكية في اليمن تنتهك ما ينص عليه الدستور بأن الكونجرس وليس الرئيس هو من يحدد متى تذهب البلاد للحرب )
ومع أن سن القانون يحتاج إقراره من مجلس النواب وموافقة ترامب الذي هدد باستخدام الفيتو.. لكن تمرير القانون في الكونغرس الذي به أغلبية من الجمهوريين حزب ترامب ، فهذه تعد رسالة شديدة اللهجة للرئيس وللسعودية معا ، وهذه المناورة تمثل ضغطاً آخر على السعودية التي لن تجد مخرجاً سوى طاعة ترامب ورشوته بمليارات الدولارات ، خاصة وهو تاجر يجيد لعبة الابتزاز تحت غطاء صفقات أسلحة أو عقود شركات نفطية ، والذهاب بعيدا في مخططات اللوبي الصهيوني في تصفية القضية الفلسطينية من (صفقة القرن) حتى تحويل سكان الضفة للوطن البديل في الأردن.. خاصة مع تقارير منظمات دولية تتحدث عن جرائم حرب ارتكبها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن..
* تحت عنوان ( التعذيب في المملكة ) استضاف الكونغرس الأمريكي الخميس الماضي السعودي وليد الهذلول شقيق الناشطة السعودية المعتقلة لجين الهذلول للحديث عن التعذيب البشع والتحرش الجنسي التي تعرضت له أخته لجين في السجن ، وفتح ملف المعتقلين في المملكة في جلسة مفتوحة للإعلام ، لتشكيل ضغط آخر على السعودية ، وتحويلها إلى علمانية تسير ببطء نحو التقسيم وعزل الأماكن المقدسة فيما يشبه الفاتيكان ، وتحويل الإسلام لمجرد طقوس تمارس داخل المسجد ، وليس كمنظومة حياة وقواعد أخلاق وضوابط تنظم المجتمع..
* في ضربة أخرى قد لا تكون عملياً ذات تأثير كبير ، لكنها أيضا تشكل ضغوطاً أخرى لابتزاز آل سعود من جهة ، وسائل إعلام تركية تقول أن الإنتربول وافق على طلب تركي بإدراج 20 متهما سعوديا في قضية اغتيال خاشقجي.
* بالخلاصة.. حتما لم تتزامن كل تلك المحطات بالصدفة ، ولكنها تأتي ضمن خطط استراتيجية للهيمنة على المنطقة ، والقضاء على عوامل قوتها ، وتفتيتها باستخدام العملاء الذين اعتقدوا أن الولاء لأمريكا يمثل حصانة ، وأنهم ضمنوا البقاء بثمن العمالة.