حجور .. وجدل اللحظة السياسية
عبد الرحمن مراد
أنشغل العالم خلال ما سلف من أيام بحجور على وجه التعميم بهدف استنفار قبائل حجور كلها لتلبية طموح أو لتحقيق غاية ، ولم يكن الأمر يحمل في مضمونه كل ذلك التهويل والمغالاة التي بدا عليها في الخطاب الاعلامي المعادي لليمن أو الذي يستهدف اليمن أرضا وبناءات اجتماعية وبناءات ثقافية ، ولكن السيناريو المرسوم لمجرى الاحداث كان يهدف الى غايات يتمنى العدو السعودي الوصول اليها وهي في تصوره أن وجود منطقة عازلة في العمق اليمني يقلل من خطر أنصار الله عليه ، والحقيقة هذه الفوبيا التي تتحكم في المسار السياسي المعادي لا قيمة لها في الواقع ولكنها جزء من عملية الاستنزاف والتخويف للاستمرار في قتل اليمنيين وتشريدهم وهي حالة مفصلية في الاستراتيجيات التي تستهدف العرب والمسلمين حيث تعمل على تنمية المشاعر السلبية تجاه بعضهم بعضا ، وتعمل على تنمية العدوات وبالتالي استنفار الحالات الثأرية متى اقتضت الضرورة تأديب جماعة بأخرى أو شعب بآخر ، وبحيث يشعر المستعمر الجديد بقدرته على التحكم بأزمَّة اللحظة والزمن وبقدرته على إدارة الشعوب والحكومات وفق ما تمليه مصالحه .
لم تكن كل حجور حاضرة ولم تكن كل كشر حاضرة أيضا في مسار الأحداث التي حدثت خلال سالف الايام بل حضرت “العبيسة ” وهي قرية صغيرة معلقة في أجفان الصخور في قمم الجبال الشماء ، ومع تطور الاحداث تفاعل بعض أفراد قبيلة “النماشية ” وبعض أفراد القبائل الأخرى من الذين تأدلجوا وحضر العدو كي يتحرك في مساحة ضيقة ظن فيها نصرا يشفي ما لحق به من هزائم طوال أربعة أعوام فكانت إرادة الله غالبة حيث تم تامين الطريق وقطع الله دابر الذين أفسدوا ، فلم يسعهم إلا الانتقام بغارات هستيرية تجاوزت الحد الذي يتعارف العقل العسكري في كل الحروب التي عرفها الانسان قديما وحديثا عليه ، وتلك الغارات لم تكن تستهدف سوى الانسان ولم تكن تستهدف هدفا عسكريا يشكل وجوده تهديدا على الطرف المعادي، وقد دلت الغارات على حالة نفسية بالغة الانكسار وأوحت بالحال الذي يعيشه العدو السعودي في لحظاته الاخيرة من عدوانه الذي سيدخل عامه الخامس قريبا أمام دهشة المجتمع الدولي وذهول كل الخبراء في العلوم العسكرية بهذا الصمود على مدى الاعوام الأربعة للشعب اليمني ولجيشه وللجانه الشعبية في ظل حصار خانق وتكالب أممي، وحرب تكاد تكون كونية فقد بلغ عدد الدول المتحالفة 17 دولة، وحُشِدَ لها الخبراء العسكريون، وخبراء علم النفس العسكري ،وخبراء علم النفس السياسي ،وخبراء الاعلام والتواصل، وخبراء التحليل السياسي الاجتماعي والنفسي، وتضافرت الجهود، وحضر المال والاستراتيجيات ، وظل الصمود اليمني ثابتا ثبوت جبال اليمن، وشامخا شموخ نقم وعطان .
تبدّدَ الحلم في حجور وفي كشر وقد تم تجنيد كل الطاقات والخبرات والامكانات واشتغل الاعلام بكل تنوعه اشتغالا لم يشتغله من قبل أملا في بلوغ المقاصد وأحصى كل صغيرة وكبيرة بالحق وبالباطل وحملها طرف السلطة الوطنية وغض الطرف عن قطع الطريق ونهب الاموال وترويع المسافرين وجعل من الرذائل المتعارف عليها في النظرية الاخلاقية العربية فضائل ، وحين قصف الطيران البيوت الآهلة بالسكان فقتل النساء والاطفال وهدم المساكن ودمر المزارع سكت ذلك الاعلام الخانع بل الأدهى من ذلك أنه ذهب إلى تحميل السلطة تلك الجرائم منكرا قيام طيران العدوان بها ، وكأن “40” غارة أو أكثر جاءت لترسل صواريخ المحبة وأسباب الحياة .
لم يشهد تاريخ اليمن عملاء كالذين نراهم اليوم على أبواب قصور السعودية والإمارات من حيث الذلة والهوان والصغار والمتاجرة بالأوطان وبالدم اليمني بمثل هذا الحال الشنيع الذي وصل اليه الحال اليوم لكن رغم كيد الكائدين وتآمر المتآمرين سيظل اليمن قويا بصموده وشامخا يناطح اسباب السماء في وجوده وسيذهب بغاة المال وعباد أمريكا إلى مزابل التاريخ وستبقى اليمن حرة أبية، وقد قالت لهم حجور الكثير من الرسائل لعلهم يذكرون أو يرشدون.