القدس المحتلة/ سانا
لم يترك الاحتلال الإسرائيلي وسيلة إلا واستخدمها في عدوانه المتواصل وحربه الشاملة على الشعب الفلسطيني في محاولة للنيل من صموده وتشبثه بأرضه وآخر ذلك ما وثقته مؤسسات حقوقية عن استهدافه المشاركين في مسيرات العودة شرق قطاع غزة بسائل كيميائي يلتصق بالجسم لفترة طويلة ما يتسبب بأعراض خطيرة لا يزال المئات يعانون منها.
المؤسسات الحقوقية الفلسطينية ذكرت في تقرير لها أن طيران الاحتلال يقوم باستهداف المشاركين في المسيرات والأراضي والمزارع الفلسطينية شرق القطاع بمواد سامة وخطيرة من بينها مادة (غليفوسات) المسرطنة التي تزداد خطورتها في حال تم رشها من الجو ولهذا تحظر معظم الدول استخدامها نظراً لخطورتها على صحة الإنسان.
وأشارت المؤسسات في تقريرها إلى أن دراسات كثيرة أجريت على مادة (غليفوسات) توصلت إلى أنها تسبب أمراضاً عدة للإنسان من بينها السرطان وهذا ما دفع منظمة الصحة العالمية في نشرتها الصادرة في مارس 2015م إلى تصنيف غليفوسات ضمن المبيدات المسببة للسرطان بعد دراسات أجرتها وكالة أبحاث ودراسات السرطان التابعة للمنظمة الدولية.
وفي تصريح لمراسل سانا روى الشاب أحمد خلف ما تعرض له خلال مشاركته في مسيرات العودة قائلاً: “بينما كنت في مكان متقدم بدأت قوات الاحتلال برش المشاركين بسائل ذي رائحة كريهة تشبه المياه العادمة بشكل عشوائي ومن مكان مرتفع لتصل إلى أكبر عدد ممكن منهم وتأذيت من هذا السائل وتم تقديم الإسعافات الأولية لي من قبل طواقم الإسعاف الموجودة في المكان لكن الرائحة الكريهة التي التصقت بجسدي ظلت لفترة طويلة”.
أما الباحث في مجال البيئة توفيق البنش فبين أن الاحتلال يستخدم في قمع مسيرات العودة ما يسمى (ماء الظربان) وهو عبارة عن مزيج خاص من المياه العادمة المضاف إليها مواد كيميائية وله رائحة كريهة نفاذة في البشرة والملابس وتدوم عدة أيام ما يجعل من الصعب تنفس من يتعرض لها في معظم الأحيان لافتاً إلى أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الأمراض المستعصية التي تصيب أبناء قطاع غزة منها السرطان والعقم وكذلك أمراض مجهولة تصيب العين وتسبب هيجاناً بشكل مستمر نتيجة استخدام غازات سامة ومواد كيميائية.
وأشار البنش إلى أن المواد الكيميائية والمياه العادمة تترسب على التربة الزراعية وخاصة في مناطق شرق غزة التي تعد السلة الغذائية للقطاع ما أدى إلى تصحر التربة وعدم قابليتها للزراعة إضافة إلى أن نسبة تلوث المياه في غزة تجاوزت الـ 95%.
الباحث حسين حماد لفت إلى أن ممارسات الاحتلال واستخدامه غازات سامة ومواد كيميائية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة تسببت بارتفاع عدد حالات الإصابة بالسرطان لتصل إلى أكثر من 16 ألفا حيث يتم اكتشاف أكثر من 150 حالة شهرياً فيما يمكن أن تتأخر تأثيراتها او تظهر بعد سنوات عبر زيادة التشوهات وأمراض السرطان.
وأوضح حماد أن الاحتلال ألحق ضرراً كبيراً بالبيئة في القطاع وباتت التربة والمياه والهواء فيه ملوثة نتيجة استخدام الاحتلال آلاف الأطنان من المتفجرات في اعتداءاته على القطاع أعوام 2008 و2012 و2014م حيث يحتوي جزء كبير من مخلفات هذه المتفجرات مواد سامة ومشعة تتسرب إلى باطن التربة والمياه إضافة إلى تلويث الهواء وانخفاض خصوبة الأرض بشكل ملحوظ .
وطالبت منظمات حقوقية وطبية وبيئية فلسطينية الأمم المتحدة بإيفاد لجنة دولية للتحقيق بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين ولا سيما استخدامه أسلحة محرمة دولياً ضد المشاركين في مسيرات العودة منها قذائف شديدة الانفجار وقنابل غازية سامة تخترق أجساد الفلسطينيين ما أدى إلى استشهاد المئات وإصابة الآلاف الذين سيعانون من تأثيراتها لفترات طويلة.