إدلب ومراحل التحرير
هشام الهبيشان
تزامناً مع المعلومات المؤكدة السورية القادمة من ميدان العمليات العسكرية الكبرى الجارية في محيط العمق الاستراتيجي لمحافظة إدلب السورية وهنا نتحدث عن ريف حماة الشمالي الغربي ،والتي تؤكد أن قوات الاقتحام الخاصة في الجيش العربي السوري و بدعم جوي سوري – روسي ،تستعد لعملية عسكرية كبرى ” خاطفة وسريعة ” لتحرير الريف الحموي وصولاً لعمق الخاصرة الجنوبية لإدلب “معرة النعمان وخان شيخون “،بعد رفض جبهة النصرة الإرهابية ومن معها الخروج من المنطقة واستمرار تهديدها لها ووصول المفاوضات بين الأتراك والروس إلى طريق مسدود، وهنا وليس بعيداً عن الأهداف الاستراتيجية لمجمل معارك محيط إدلب ، وتحديداً المعركة الهامة “معرة النعمان وخان شيخون “، فـ مجموع هذه العمليات يسير وفق خطط حسم المرحلة الأولى من مراحل تطهير مناطق واسعة من محيط إدلب ، وصولاً لتطهير المحافظة بمجموعها من البؤر الإرهابية المتواجدة في مناطق يتم استئصالها وفق أولويات الميدان العسكري.
هذه العمليات المتوقعة بمحيط إدلب ” ريف حماة الشمالي الغربي “والتي ستمتد إلى جنوب إدلب لاحقاً ،تستعد لها جيداً قوات النخبة والتي ستساندها وحدات الجيش العربي السوري بالتعاون مع القوات الرديفة وإسناد الطيران الحربي السوري والروسي، والتي حتماً لن تنتهي مهمتها في مورك أو اللطامنة أو خان شيخون ووو إلخ ، بل هناك مهمة أوسع واشمل يجري الاستعداد لها بعموم مناطق محيط إدلب، وتستهدف تحقيق مجموعة اهداف رئيسية ، قد يكون أبرزها ” مرحلياً “هو تطهير كامل الخاصرة الجنوبية لإدلب وصولاً لتطهير بعض البؤر الإرهابية المتبقية غربها، خصوصاً بعد ان تحولت بعض مناطق “جسر الشغور “إلى نقطة وقاعدة تجمع وانطلاق لإرهابيي تنظيم النصرة ومن معها ، وتهديد لبعض القرى الآمنة شمال شرق اللاذقية، بالإضافة إلى مجموعة أهداف أخرى ومن جملتها قطع الطريق على الخطط الأمريكية –التركية الهادفة إلى خلط الأوراق بمعادلة معارك الشمال السوري وربطها مع ما يجري شرق سوريا” والتخبط الأمريكي بين الانسحاب وعدم الانسحاب وإبقاء جزء من القوات هناك “.
وهنا وليس بعيداً عن معركة تحرير محيط إدلب، وعن مجمل معركة تحرير إدلب بمجموعها، فمعركة إدلب، تعني الأطراف الدولية والاقليمية المنخرطة بالحرب على سوريا، فهناك أطراف عدة تعنيها هذه المعركة، فالأتراك المنغمسون بالحرب على سوريا يتخبطون اليوم وسط عجزهم أمام العمليات الكبرى التي سيقوم بها الجيش العربي السوري والحلفاء في محيط إدلب وصولاً لعمقها، وحديث السوريين وحلفاءهم عن قرب بداية معارك إدلب، بدأ يقض مضاجع الأمريكان وحلفاءهم كذلك ،وهو بالتالي خسارة جديدة وكبيرة للأتراك وللأمريكان ومن معهم ، فاليوم عمليات الجيش العربي السوري وحلفاءه تتجه إلى تصعيد وتيرة المعركة بعمق الخاصرة الجنوبية لإدلب والعين على عملية تحرير خاطفة وسريعة ، ولذلك اليوم نرى أن هناك حالة من الترقب من التركي والأمريكي لمسار المعركة ،بالتزامن مع عودة التنسيق المشترك بين التركي والأمريكي وبشكل مفاجئ بما يخص الملف السوري .
ختاماً ، هنا يجب التنويه بأن تحرير إدلب ومحيطها ليس بالمهمة السهلة بل يحتاج لعمليات عسكرية دقيقة ومحكمة ، فـ تنظيم جبهة النصرة الإرهابية ومن معها سيقاتل باستماتة بمحيط إدلب وعمقها، والتركي كما الأمريكي ،سيحاول حتماً حينها إعاقة تقدم الجيش العربي السوري نحو عمق إدلب، وذرائعه جاهزة ومنها الملف الانساني والمدنيون والكيماوي ،وهذا ما تدركه القيادة العسكرية للجيش العربي السوري وحلفاؤها ،ولكن هذا التحرير ومهما طالت مسارات عمله من شأنه إحداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية ،وتحرير إدلب تحديداً سيكون له تداعيات كبرى على الأرض، وسيحسم بشكل نهائي الحرب على سوريا، لأنه سيلحقه حتماً سقوط الأمريكي ومن معه في الشرق السوري ،وسيعلن انتصار سوريا وحسمها لمعركتها العسكرية ،ومن ينتصر عسكرياً حتماً سينتصر سياسياً ،وسيفرض كل أوراقه وشروطه على الجميع في النهاية.
*كاتب وناشط سياسي أردني