من رفوف الذاكرة: على أعتاب العام الخامس من العدوان
أحمد يحيى الديلمي
• شرعية هادي
صعد هادي الى موقع رئاسة الجمهورية استنادا الى مسرحية هزلية سميت بالانتخابات المبكرة ترجمة لبنود المبادرة الخليجية التي أيدها مجلس الأمن وخاضها الناخب اليمني على قاعدة “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” وهو على يقين انها تتعارض مع ابسط قواعد الديمقراطية مع ذلك اندفع إلى مراكز الاقتراع برغبة تجاوز الازمة وخدمة المصلحة العليا للوطن وقد حددت المبادرة الفترة الانتقالية بعامين فقط تبدأ عقب انتخاب هادي وتنتهي بإنجاز آخر مهمة وحددت المهام المطلوب انجازها وصولاً إلى صياغة وثيقة الدستور والاستفتاء عليه بعد ذلك إجراء العملية الانتخابية والبرلمانية بهدف تسليم السلطة الى قيادة منتخبة من الشعب ما حدث كان العكس تماما فالرجل ماطل ولم يحقق أي شيء مما ورد في المبادرة الخليجية لكنه استخدم وجوده في السلطة لتبديد المدخرات وتوظيفها لشراء الضمائر وأخلص في ترجمة غايات امريكا والسعودية بالذات أن السعودية كان همها الأول والأخير هو إنجاز دستور هزيل يكمل فكرة تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم بحيث تظفر بالسيطرة على جزء من المهرة وحضرموت وهو ما تحاول تنفيذه الآن بقوة السلاح بعد أن فشلت بالأساليب الماكرة ، ومارست التفكيك الممنهج لقوات الجيش والأمن بدعوى الهيكلة وإسناد المهام لخبراء أجانب ارتكبوا أبشع جريمة ضد البلد وزاد “هادي” على ذلك باحتضان جماعات القاعدة والنصرة وداعش للقيام بأعمال التفجير والاغتيالات الفردية والجماعية ودفعها لتصفية القيادات السياسية المعارضة لسياسة الاستسلام والخنوع كما عمد إلى تقوية القوى التقليدية والزعامات القبلية بهدف إضعاف الأحزاب والكيانات المجتمعية بأفقها الديمقراطي وبرامجها التطويرية الحضارية .
وهناك تفاصيل كثيرة جداً تؤكد أن هادي فاقد للشرعية تماما وأن المعتدين تعمدوا نفخ هذه الروح فيه للاستناد إلى شرعية كاذبة دعمتها الرغبة الأمريكية وساندها الريال السعودي فقط وتم استخدامها كورقة تبرر تنفيذ المخطط الإجرامي ضد اليمن والدخول في نطاق ما هو مرسوم للمنطقة بشكل عام لدفع اليمن إلى التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني بحسب البرنامج الذي وضعته أمريكا ويتم الآن البحث عن أقرب الوسائل لترجمته على أرض الواقع كما هو الحال في قمة “وارسو” التي تمت الدعوة لاقامتها في بولندا ، كل هذه الأعمال وضعت مصداقية أمريكا والشعارات التي تسوقها باعتبارها ثوابت في سلوكيات وقيم المجتمع الأمريكي على المحك خاصة ما يتعلق بحماية الديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام إرادة الشعوب وحقها في اختيار نظام حكمها ، وقد تجسد هذا الموقف في الأعمال المخالفة التي اسقطت أقنعة زيف السفير “جيرالد فيريستاين” الخادع الذي ساعد في تهريب الرئيس هادي المنتهية ولايته من صنعاء وأرغمه على العدول عن استقالته بعد ان تقدم بها إلى مجلس النواب خلافا لما كان قد أفصح عنه في مواقف سابقة التقت مع تصريحات المسؤولين في الأمم المتحدة وعززها مجلس الأمن بإحاطة رئاسية رفضت التمديد لهادي بعد انقضاء العامين المحددة في المبادرة الخليجية نفس المضمون ورد على لسان السفير الامريكي أمام عدد من الصحفيين في بهو فندق “موفمبيك” عقب التمديد من قبل مؤتمر الحوار قال ردا على احد الصحفيين (المؤتمر اعطى من لا يملك لمن لا يستحق ) .
لكنه ما لبث أن عاد وأيد الخطوة بعد لقاء هادي بحضور بن مبارك يبدو أن هادي استوعب المطلوب منه أمريكياً ليحظى بدعم ومساندة هذه الدولة العظمى وهو ما حدث بالفعل إذ تم الإعلان بعد يومين أن هادي تلقى مكالمة من الرئيس الأمريكي “باراك اوباما” أشاد فيها بما حدث مؤكدا دعم امريكا لكل ما يجري في النطاق اليمني طالبا من هادي سرعة انجاز الدستور ، كلمة الدستور كشفت عن أهم مكنون الرغبة الامريكية والتزام هادي بترجمتها حرفياً لاستكمال تقسيم اليمن عبر مشروع الأقلمة .
من تلك اللحظة اكتنف موقف أمريكا غموض شديد تجاه ما يجري من حراك وحوار بين القوى السياسية الوطنية في فندق موفمبيك برعاية الأمم المتحدة وحضور ممثل الأمين العام السابق جمال بن عمر ، كان اليمنيون قد اتفقوا على مخرج للازمة وتجنب الفراغ السياسي ، موقف أمريكا وبريطانيا والسعودية لم يتوقف عند التعاطي السلبي وتثبيط الهمم لكنه حرض قوى بذاتها على المقاطعة أو إتباع اسلوب المماطلة والتسويف ووضع العراقيل الجمة أمام الاتفاق كل هذه المعطيات واضحة تفضح حجم المؤامرة وتؤكد أن قرار العدوان كان متخذا سلفاً إذا فشل مؤتمر الحوار عن بلورة نفس الغايات هذا هو ما افصح عنه ممثل الأمين العام للامم المتحدة في وقت لاحق حيث قال جمال بن عمر ( كانت القوى السياسية اليمنية قد توصلت إلى اتفاق مرضي لكل الاطراف وتستعد للتوقيع عليه إلا أن ازيز الطائرات وانفجار صواريخ العدوان في سماء صنعاء افشل المشروع في آخر لحظة ) أما المفاجأة الثانية التي دحضت مبرر أن العدوان جاء بطلب من هادي لنصرة الشرعية فقد وردت على لسان هادي نفسه إذ صرح في مقابلة تلفزيونية ان العدوان حدث دون علمه وأنه لم يسمع عنه إلا في اليوم التالي وقد أصبح بسلطنة عمان في طريق الهروب إلى السعودية وفي هذا دلالة واضحة على ان العدوان الهمجي السافر ترجم إرادة بعض الدول بعد أن تيقنت أن هادي عاجز تماما عن تلبية رغباتها الدنيئة الممثلة في التقسيم واسناد إدارة أقاليم بذاتها لبعض الدول التي بادرة إلى المشاركة في العدوان على أمل أن تحقق رغبتها بنفسها دون أدنى مبالاة بمعاناة الشعب اليمني وما يتعرض له من قتل وإبادة وتشريد .
مما تقدم يتضح أن مزاعم شرعية هادي تلاشت تماماً وفق ما صدر عن الدول الراعية التي شددت على ضرورة الالتزام بالأزمنة الثابتة في المبادرة وعدم السماح للتمديد في أي حال من الأحوال ، وورد نفس التأكيد من مجلس الامن .
أمام هذا المشهد المريب نقول جل جلالك يا أمريكا لأنك تمنحين الشرعية لمن تشائين وتنزعينها عمن تشائين بما في ذلك هادي مع انه مجرم حرب مارس القتل والسحل في 13 يناير عام 1986 م واجتاح عدن عام 1994 م تحت ستار الشرعية ومع أن الرئيس صالح كافأه بأن عينه نائباً له إلا انه قيد صلاحياته وحجزه داخل احد الأدراج الصدئة ثمانية عشر عاماً لا يقدم ولا يؤخر أي أنه أحد مصادر الازمات المزمنة لذلك يقبل بمسمى رئيس ولو في مساحة حجرة بفندق بالرياض ، اللهم لا شماتة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
البقية في الحلقة القادمة ،،،