عروبة الجامعة العربية وجوداً وعدماً!
عبد العزيز البغدادي
هناك جدل واسع حول الخلفية التاريخية والسياسية لنشوء هذه المنظمة ودور بريطانيا الأساس في مولدها ونشوئها وتوظيفها لخدمة مخططاتها الاستعمارية في المنطقة ومنها إيجاد الكيان الصهيوني ومملكة آل سعود الوهابية الإرهابية ودويلات الإمارات المسماة بالإمارات العربية المتحدة وعدد من دويلات الخليج التي لم يكن لها وجود قبل قرن على الأكثر وهو صاحب هذا الإيجاد أو سِفرُ التكوين لدول من العدم ومحاولة إعاقة نمو دول تمتلك إرثاً حضارياً وإنسانياً منذ أقدم العصور مثل اليمن وسوريا والعراق ودول المغرب العربي ومصر التي صارت اليوم مع أشد الأسف ذيلاً للذيل السعودي !! ،
تأسست الجامعة برعاية بريطانيا في ظل الظروف التاريخية التي عاشتها المنطقة نهاية الاستعمار التركي أو الدولة العثمانية التي ساهم فساد بعض سلاطينها في فتح شهية وجشع الدول الاستعمارية الأوروبية التي توصف اليوم بالقارة العجوز لاقتسام والتهام ما اُسمي حينها بتركة الرجل المريض وفي المقدمة طبعا الدول العربية التي كانت ولا تزال مسلوبة السيادة والإرادة عدا الجزء الحي الذي قاوم وسيظل يقاوم إلى أن يستعيد حريته وكرامته!
لقد كانت بريطانيا أبرز المتسابقين على هذه التركة ولهذا فقد اجتهدت إلى جانب دورها في إيجاد دويلات بلا تاريخ في العمل على تمكين حكام موجهين يتحكمون ولا يحكمون ينفذون سياسات ولا يرسمونها لأنهم غير مؤهلين تحكمهم مصالحهم الخاصة في البقاء في الحكم ولا علاقة لهم بمصالح الشعوب،
وكان لابد لهذه الكيانات من منظمة ترفع شعارات المصالح العربية المشتركة والتضامن العربي ووحدة الصف وفي ذات الوقت تنفذ وتبارك أجندة الإطاحة بأحلام بعض من وصلوا إلى السلطة في بعض الأقطار العربية خارج حسابات المستعمر بل وتنهي حياة بعضهم بالاغتيال المباشر أو غير المباشر،
ولأن تقسيم الوطن العربي قد تم وفق رؤية هذا المستعمر البريطاني والفرنسي التي تجسدت في ما عرف باتفاقية سايكس بيكو فقد اقترن تطبيقها بصراعات على الحدود لتصبح النواة التي ساعدت في ما بعد الكيان الصهيوني على تحويله إلى صراع وجود باستغلال العوامل الداخلية والخارجية،
وقد بقي صانع الجامعة العربية (بريطانيا) محافظة على كلمة السر واستمرت في توظيفها لخدمة أهدافها المكرسة في قطع أي علاقة لاسمها بالمسمى ولا بالأسماء العربية التي هبطت مستوياتها مع هبوط مستويات الحكام العرب ولتستفحل المشكلة وتتحول ببساطة بينها وبين الكيان الصهيوني الذي لا أساس له في المنطقة إلى صراع وجود يهدد فيه الكيان المصطنع وجود أصحاب الأرض !.
ويكفي للتدليل على هذه الوظيفة التي قامت وتقوم بها هذه الجامعة التأمل في ما قامت به من محاولة شرعنة العدوان على اليمن بكل وقاحة واستهتار بالقانون الدولي وباتفاقيات الدفاع المشترك بين الدول العربية وقبل ذلك بتاريخ اليمن وحضارته وكذا دور هذا الكيان في إخراج سوريا من هذه الجامعة وماصنعته في العدوان على العراق وبصورة فيها من التبجح والرعونة ما يكفي بعيداً عن أي انفعال دافعاً منطقياً للبصق على هذه الجامعة ورفض العودة إليها طالما بقيت أجندتها وآلية تسييرها على ما هي عليه معبرة عن طموحات وأجندة أعداء الأمة العربية والإسلامية،
وهذا هو الطريق الطبيعي لإنهاء جامعة ليس بينها وبين اسمها أي صلة فما أسوأ أن يكون الاسم عكس المسمى؛
هناك مثل يمني شعبي يقول:
(إذا غابت عليك الأصول دلتك الأفاعيل)
وهذا لا يكرس العنصرية كما يحلو للبعض تخيله لكنه يدعو لأن يكون تقييم معدن الإنسان من خلال أفعاله وسلوكه بدلا عن الغرق في متاهات وقد اختصر الإسلام على لسان النبي الكريم المسألة في قوله عليه الصلاة والسلام :(كلكم لآدم وآدم من تراب)؛
ولأن الجامعة العربية شخص معنوي أثارت الجدل حول عروبتها منذ نشأتها على أيدي أعداء الأمة فإنّ ما تصنعه اليوم يغني عن البحث في جذورها إذ لا يمكن أن تكون هُويَّتها عربية وقد أيدت في شرم الشيخ عدوان الكيان السعودي الموجه صهيونياً وأمريكيا على اليمن وتشاهد على مدى أربع سنوات أشلاء أبناء اليمن وأطفاله ونسائه وهم أصل العروبة وهي تتطاير في الهواء دون أن يرف لهذه الجامعة جفن إن كان لها عين ، ولا يمكن أن تكون عربية وهي التي أيدت الأعراب في عدوانهم على سوريا الحضارة والصمود وتآمرها بدعم الحرب المفتوحة عليها منذ العام 2011 وفي العدوان على العراق واحتلاله ونشر الإرهاب فيه وهو من هو في تأريخه وعراقته وكأن السعودية ومن يستخدمها تنتقم بالأصالة وبالوكالة من المثلث الحضاري العربي لتكون بحق مصداقاً لقول الرسول الكريم صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه : (اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا) ورددها ثلاثاً ليومئ في نهاية الحديث إلى أن آل سعود هم قرن الشيطان الذي يبزغ من نجد! ولعل هذا هو سر من أسرار محاولاتهم أي آل سعود منذ تكوين دولتهم التي لولا حماية أمريكا كما قال ترامب ما بقيت أسبوعاً واحدا سر من أسرار محاولاتهم طمس معالم وآثار الرسول (ص)المادية في مكة والمدينة أما المعنوية فلم يعد بإمكانهم طمسها لأن مكانها قلوب المسلمين وأفئدتهم !؛
ولأن الجامعة المسماة عربية صارت بتوجيه أسيادها خاتما في إصبع السعودية الأمريكية فلا يشرِّف اليمن أو سوريا أو العراق أو أي عربيٍ حر الانتماء إلى هذا المكون الذي ينبغي دفنه اليوم قبل الغد لينشأ للعرب حين تتوفر لهم الإرادة كيانٌ يعبِّرُ عن آمال وطموحات الأمّةْ!
روح العروبة والإسلامِ واحدةٌ
اللهُ أنبَتها والحبُّ والأملُ
إن أشرقت شمسُها بانَتْ معالِمُها
مَهما تَحكَّم في حُكَّامِها هُبَلُ