معالجة الأوضاع المالية في ظل العدوان والحصار والحرب الاقتصادية تجسيداً للشعار: “يدٌ تحمي ويدٌ تبني” (4)
د. هشام محمد الجنيد
ومن ضمن المقترحات والمعالجات الكفيلة بزيادة الإيرادات العامة للدولة في ظل العدوان والحصار والحرب الاقتصادية هي:
ــ إقالة العناصر الفاسدة المحورية خطوة أساسية للإصلاحات والبناء الشامل: إذا تم إعداد وتطوير آليات تنظيمية إدارية مثالية, ووضعت حلول لمعالجة أزمة تغطية المرتبات والأجور في ظل الظروف الراهنة وعناصر الفساد مهيمنة على مفاصل التسيير الإداري والمالي في الجهات الإيرادية والإنتاجية والخدمية, فإن نتائج الأداء لن تتحسن, سوى ربما في الحدود الدنيا, خصوصاً في ظل ركاكة المؤسسات الرقابية.
ما يجب بداية تمشيط عناصر الفساد المركزية والمحورية، وتشديد الرقابة المصاحبة واللاحقة على نتائج الأعمال الدورية… لقد حذرنا الله تعالى في كتابه الكريم من عواقب الفساد والفاسدين في آيات قرآنية كثيرة. ويتبين ذلك من خلال الشروط الواجب توفرها في تولي أمر القيادة السياسية، ومنها الإيمان الحق بالله والإخلاص في اتباع منهج الهدى. ولا يختلف الأمر في العناصر المسؤولة عن تدبير مهام مؤسسات الدولة. والغاية من اتباع منهجية الدستور الإلهي، تصب في مصلحة المؤمنين في الدنيا والآخرة، تصب في مصلحة أمر الأمة ضد أعدائها. وأهم مبادئ الدستور الإلهي السياسية التي توصلنا إلى ضمان غياب العناصر الفاسدة في الجهاز الإداري للدولة أوغياب نفوذهم وتأثيرهم بفعل صرامة الرقابة، هي تطبيق مفهوم نظام الولاية، فهي رحمة من الله في عباده..
إذن غياب العناصر الفاسدة، يفسح المجال للتوجه نحو البناء التنموي الشامل. وضعف الأوضاع الاقتصادية والمالية وغيرها، لا يكون إلا في ظل وجود العناصر الداعمة للفساد. قال الله تعالى في سورة الشعراء (الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) الآية (152).
إن عناصر الشر تحارب بطبيعتها التلقائية المسارات المؤدية إلى تحقيق الخير لكافة فئات الشعب / الأمة، لأنها ترى أن مصالحها في ظل الدولة العادلة تقل ولا تصل إلى المستويات التي تسعى إليها. وفي المقابل أيضا لا تجد مجالا لنفوذها وسطوها ومكانتها. الأمر الذي يجعلها تقف متضامنة فيما بينها ضد أية إصلاحات، كما حصل في فترات التاريخ وحتى قيام الثورة العظيمة 21 /09 /2014م..
إن عناصر الفساد في الجهاز الإداري للدولة لا يهمها – ليست جميعها – أن تدرك ضرورة الوقوف صفا واحدا ضد الحصار والحرب الاقتصادية لتحصيل أكبر قدر من الإيرادات العامة لتغطية تكاليف المجهود الحربي ولصرف ما أمكن من المرتبات لموظفي الدولة، لا يهمها سوى مصالحها الشخصية. ولا تدرك أن خطورة العجز عن تغطية تكاليف المجهود الحربي، ستنعكس نتائجه عسكريا وأمنيا ضد الجميع. لا تدرك أن الأمن الذي تنعم في ظله، إنما هو نتاج إخلاص وإيمان القيادة الحكيمة والمؤمنين المخلصين في جهادهم في سبيل الله لنصرة الإسلام وللدفاع عن اليمن، وهو أيضا نتاج تسخير الدعم المالي واللوجستي للجبهات. فهل الوازع الديني والوطني يسمح للمواطن أن يفرط في تنفيذ مسؤولياته الوظيفية لأجل مصالحه الشخصية ولأجل نفوذه وعلى حساب أولوية نصرة الدين والوطن؟. إن نصوص القرآن الكريم تشير إلى إلا الشأن العام أهمية أكبر من الشأن الخاص. أي أن الشأن العام مقدم على الشأن الخاص. والحكمة في ذلك، أن النتائج الطيبة للشأن العام تنعكس على الشأن الخاص. ما يجب الإدراك لمخططات العدوان والوقوف ضدها، وعلى أساس تنفيذ توجيهات قائد الثورة في جميع المجالات الإدارية والاقتصادية والمالية، وأهمها توحيد الصف الوطني ودعم المجهود الحربي والنفير العام..
ومن الضروري التوعية بثقافة القرآن الكريم وتنفيذ توجيهات قائد الثورة أقوى سلاح لتنفيذ المسؤوليات الدينية والوطينة, ومنها الإخلاص في تنفيذ المسؤوليات الإدارية لتحقيق الخير، وزيادة العائدات المالية لخزينة الدولة في ظل العدوان والحصار والحرب الاقتصادية على بلادنا. كفيلة ضمن الحلول المقترحة بمعالجة العجز الحاد في ميزانية الدولة قدر الإمكان لتغطية ما أمكن من المرتبات والأجور بعد أولوية المجهود الحربي. ومنها:
10 _ التركيز على عنصر الإخلاص خطوة أساسية للبناء والإصلاح: إن مسألة التحري والتدقيق في اختيار وتسمية العناصر في المناصب القيادية والإدارية والأقل منها ذات الأهمية بالتركيز على العناصر المخلصة في ولائها للوطن المدركة لأهداف ومخططات العدوان الشيطانية وأذنابه في الداخل، هي من واجبات النظام الذي يحرص عليها، لما لها من آثار إيجابية: سياسية في تطويع المجتمع بطاعته وقناعته بالنظام السياسي، وأمنية لما يترتب على جهودها ووفائها بتوفير الأمن والسكينة العامة، ووطنية لما يترتب على أدائها تحسين وزيادة النواتج الإدارية، مثل المنتجات الاقتصادية: صناعية وزراعية أو نواتج مالية مثل الإيرادات المالية. وغيرها من النتائج الطيبة المترتبة على إثر الإخلاص والصدق. وخير مثال على ذلك في القرآن الكريم في سورة يوسف. حيث جعل ملك مصر النبي يوسف عليه السلام واليا على خزائن الأرض (مصر) أي عزيزاً لمصر بعد أن عرف سلوكه وتعامله في السجن وقبل أن يدخل السجن بأنه صادق وأمين, أصبح ذا مكانة رفيعة ونفوذ لدى الملك. قال الله تعالى في سورة يوسف (قال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين, قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) الآيتان (54) و (55) .. ومما يستفاد من هاتين الآيتين الكريمتين: إيلاء عنصر الإخلاص أهمية قصوى . فكلمة (حفيظ) تدل على الإخلاص والنزاهة. وكلمة (عليم) تدل على العلم والكفاءة. إذن أمر التركيز على عنصر الإخلاص له أهمية بالغة، فهو العنصر الأساسي، فنتائج أداء العناصر المخلصة أوفر وأفضل وأكثر من نتائج العناصر غير المخلصة، وإن كانت مؤهلات العناصر المخلصة تقرأ وتكتب (تخرجت من مدرسة الحياة)، ومؤهلات العناصر غير المخلصة دراسات عليا، بل وتمتلك خبرات. لذلك وإن كانت كفاءة العناصر المخلصة متواضعة مبدئياً، فإنها ستتطور مع الممارسة. بينما إذا كانت الكفاءة مرتفعة وعنصر الإخلاص شكلي أو نسبي، فلا يترتب إلا الفساد. بل إن مثل هذه العناصر، إذا وقع أمر الشعب تحت سلطانها، فالظلم والفقر والتخلف والضعف والذل وغيرها من المرادفات ستحل بأمره.
إن حدود إصلاح العناصر غير المخلصة لا تتجاوز الحدود الدنيا، ومنها إصلاحات شكلية لا تمس عمق الظاهرة الإدارية أو الاقتصادية المطلوبة للتطوير والإصلاح. ومع ذلك تستغل هذه العناصر عبر الاجتماعات وعبر الوسائل الإعلامية أعمالها وتعطيها أهمية كبيرة، في حين أن مضمونها غير منتج، أو نتائجها ضيقة وذات جودة ضعيفة، وغير شاملة وذات مردودية عالية. وبالتالي لا تحقق المنفعة العامة للمجتمع. وخطورة هذه العناصر أنها متماسكة ومتعاضدة وتزكي بعضها, وتمتلك القدرة على الأساليب التضليلية، وقدرتها على زخرفة القول، و تغليف وتلوين وتبييض أعمالها بطابع العمل المؤسسي. ويصعب اختراقها إذا لم توجد عناصر رقابية ذكية وذات إرادة صادقة ومخلصة في مسؤولياتها في سبيل الله.إذن السبيل للرجوع إلى الله للإخلاص في المسؤوليات الإدارية والوظيفية (الوطنية) هو التوعية بالثقافة القرآنية الصحيحة، والاقتداء بالرموز الإسلامية التاريخية والمعاصرة، وتنفيذ توجيهات المجاهد العلم قائد الثورة. فقد تكلم في مناسبات عديدة عن التقوى والإخلاص والأمانة في وجوب تأدية المؤمن مسؤولياته وأعماله في سبيل الله..