أمريكا وكبش الفداء السعودي في اليمن!

 

إيهاب شوقي*

جاءت التصريحات الأمريكية المطالبة للسعودية والامارات بوقف الحرب على اليمن من خلال وزارتي الحرب والخارجية، بمنزلة سلة كبيرة من الدلالات الكاشفة لطبيعة المعسكر الصهيو ـ أمريكي وتوابعه في الخليج.
ما يفعله الامريكي اليوم هو تماما ما يفعله النظام السعودي مع رجاله المنفذين لجريمة اغتيال خاشقجي من منطق كبش الفداء!
فأمريكا تقدم السعودية والامارات وما يسمى التحالف العربي ككبش فداء تتطهر من خلاله من جرائمها في اليمن حيث اديرت الحرب بمعرفة وتخطيط صهيو امريكي وبأسلحة امريكية وعبر تنفيذ سعودي على امل تحقيق ارباح استراتيجية في اليمن، مستغلين مطامع واحقاد ونزعات السعودية للهيمنة والتسلط، والدليل هو ان المناداة بوقفها خرجت عن نطاق المناشدة وانما جاءت في صيغة اوامر محددة المهلة!
هناك عدة سيناريوهات محتملة وراء هذه الدعوة الامريكية:
الأول: ان تكون لتخفيف الضغط عن ادارة ترامب بسبب الانتخابات النصفية، هذا الضغط المتولد عن علاقته المشبوهة بولي العهد وتحديدا بعد قضية اغتيال خاشقجي والتي اصبحت قضية دولية تماثل قضية الحادي عشر من سبتمبر، وجاءت الدعوة لتخفيف الانتقادات والحث على عقوبات ثقيلة على صدر ترامب لتعلقها بصفقات السلاح، وبالتالي فإن ايقاف الحرب الفاشلة باليمن سيسوغ استمرار صفقات السلاح الى ان تتم تسوية قضية خاشقجي بأي سيناريو.
الثاني: ان تكون خديعة كي تسترخي المقاومة اليمنية، وان تكون المهلة مفادها تدشين عملية حربية مكثفة لاثبات فاعلية الحرب واحداث تغيير في التوازن العسكري على الارض قبل التفاوض المزمع عقده.
الثالث: ان تكون دعوة حقيقية بعد التوصل لقناعة عبثية الحرب واعتراف ضمني بالهزيمة امام صمود المقاومة، وان لا مخرج من هذه الفضيحة الدولية الا بالتفاوض.
جميع السيناريوهات محتملة، إلا ان الدلالات تبقى كاشفة لمصداقية المقاومة من جهة عندما أعلنت مرارا استهدافها لأهداف حيوية في حين كذبتها الإمارات والسعودية، واتت الدعوة الامريكية لمطالبة المقاومة بوقف صواريخها على الرياض وابو ظبي لتعلن كذب العدوان.
كذلك هي كاشفة لقوة المقاومة وترديد لطرحها بأنها يمكنها ايقاف القصف اذا ما توقف المعتدون عن القصف، وهو بمنزلة قبول لشروط المقاومة.
ان المقاومين على الجبهات لا ينتظرون الفرج من الامريكي ولا من الامم المتحدة، التي وجهت لها الاهانة ايضا، حيث تدخلت امريكا في شؤونها وتجاوزتها وحددت مهلة وجدول اعمال وحددت ايضا إطار التفاوض، بل يعول المقاومون على صمودهم وسلاحهم، ولا يملكون التفريط في ثوابتهم مهما جنحوا للسلم وانخرطوا في التفاوض ومدوا ايديهم للسلام.
المقاومون اليوم يرون تغيرات درامية في معسكر العدوان بفضل صمودهم، ومن يراهن على تضليلهم وخداعهم فهو محض واهم.
والسعودي اليوم الذي يجني ثمار تجبره وحماقاته يفقد ماء وجهه يوميا عبر اكتشاف العالم لهشاشته وفشله حتى في اخفاء جرائمه وسذاجته في التعامل، سيستجيب لاي أمر امريكي لأنه لا يملك أوراق مقاومة وتحدي بعد ان رفض جميع المخارج المشرفة ولم يستمع لاصوات شريفة حاولت كفه عن المزيد من التجبر والحماقة.
لقد خاطب السيد حسن نصر الله السعودية فور تفجر الأزمة الأخيرة، ولفت نظر نظامها إلى ان الغطاء الدولي عن الحرب قد تم رفعه، وانه أفضل توقيت لإنهاء الحرب، وكان هذا بمنزلة مخرج يحفظ ماء وجههم، إلا ان الصلف اتجه بالنظام السعودي لطريق مهين توجه له الأوامر فيه علنا من امريكا، لتضاف لسلة الاهانات التي يوجهها ترامب له بدءا من حملته الانتخابية، مرورا بأحدث تصريحاته التي قال فيها انهم يخدعون أنفسهم!
محور المقاومة جاهزٌ لجميع الاحتمالات بما فيها احتمال الخديعة، ويده ممدودة للسياسة من دون تفريط، حيث لن يحصل المعتدون بالسياسة على ما فشلوا في الحصول عليه بالحرب.
* كاتب صحفي مصري

قد يعجبك ايضا