العرب والتسابق نحو التطبيع مع إسرائيل
محمد صالح حاتم
أثارت زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو إلى مسقط مؤخرا الكثير من الردود والانتقادات والإدانات من الشارع العربي والإعلامي وعبر شبكات التواصل الاجتماعي،وتعرضت عمان وسلطانها قابوس للكثير من الاتهامات ،وكأنها أول زيارة لرئيس وزراء الكيان الصهيوني لمسقط، أول أنها أو زيارة لرئيس وزراء الكيان الصهيوني أو مسؤول صهيوني لبلد عربي!
وكأن السلطان قابوس أول قائد عربي يستقبل مسؤولاً صهيونياً!
وكأن بقية القادة العرب يقودون جيوشهم لتحرير فلسطين، وان الجيوش العربية أصبحت على مشارف حيفا وعلى أبواب القدس وتل أبيب وعكا وبيت لحم وجنين والجولان ومزارع شبعا، وان رايات النصر العربية ترفرف فوق أسوار القدس وصيحات الله اكبر تصدح من مآذن القدس وقبة الصخرة، ناسين او متناسين أن معظم الدول العربية لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل علنية أو سرية ،وان كل يوم يثبت قادة الدول العربية خضوعهم وركوعهم أمام عدوهم الكيان الصهيوني الغاصب والمحتل للأراضي العربية، فمنذ إعلان قيام دوله الكيانa الصهيوني في أربعينيات القرن الماضي أي قبل سبعين عاما مضت ،والعرب من سقوط إلى سقوط أفظع ،ومن هزيمة إلى هزيمة أشد وأنكر، وعدونا من ضعف وشتات وقلو إلى قوة وتجمع وكثرة،فعدونا يجهز ويستعد ويخطط لإنجاح مشاريعه وأهدافه،ونحن على الرغم من أننا أصحاب الحق وأصحاب الأرض المحتلة والمغتصبة،لم نجتمع ولم نتوحد ولم نخطط كيف نستعيد أرضنا ونحرر مقدساتنا العربية من المحتل الصهيوني،بالعكس كل يوم نقدم التنازلات تلو التنازلات ونتفرق ونختلف ونتحارب في ما بيننا،فالجار يحارب جاره،والقوي يتحكم في الضعيف ليزداد ضعفاً،وكل هذا يصب في مصلحة عدونا اللدود الكيان الصهيوني، الذي يسعى لتفريقنا وتمزيق وحدتنا العربية وإشعال الحروب والفتن بيننا كعرب ومسلمين، ففلسطين في إعلامنا هي قضيتنا العربية الأولى ومن أجلها نعقد القمم الطارئة وندين ونشجب ونستنكر ما يقوم به المحتل الصهيوني من قتل وسفك للدم العربي الفلسطيني، من ممارسات وأعمال استيطانية ومصادرة للأراضي العربية، ولكن مقابل هذا فإن قادة العرب يتسابقون نحو تل أبيب أيهم يكون السباق في التطبيع وإقامة العلاقات الدبلوماسية مع هذا الكيان الغاصب، فمنذ اتفاقية السلام العربية الصهيونية بين مصر وإسرائيل والأردن في سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي واعتراف مصر والأردن بإسرائيل وتبادل فتح السفارات، والحجة هي تحقيق السلام العربي الشامل واستعادة الأراضي العربية وقيام دولة فلسطين وحتى الآن لم يتحقق أي سلام ولم نستعد الأراضي العربية، بل كل يوم نفقد جزءاً من أرضنا ونتنازل أكثر للعدو، الذي يقابل تنازلاتنا بالكثير من التعنت والغطرسة والرفض للسلام، فشعار الأرض مقابل السلام ،لا يعني الأرض المحتلة فقط ،بل الأرض العربية كاملة من المحيط إلى الخليج ومن الفرات إلى النيل ،هذا هو شعار وهدف الكيان الصهيوني.
فالأيام تثبت سقوط الأنظمة العربية وارتماءها في أحضان الكيان الصهيوني والتطبيع معه مقابل الجلوس على كراسي الحكم، فهناك ثلاث دول عربية لها علاقة دبلوماسية علنية مع إسرائيل هي مصر والأردن وموريتانيا، وبقية الدول لها مكاتب تجارية وتبادل للزيارات بين المسؤولين في إسرائيل والبلدان العربية.
فزيارة نتنياهو إلى مسقط لن تحقق السلام العربي الشامل ،ولن تعيد الأراضي العربية ،ولن تلغي قرار تهويد القدس وإعلانها عاصمة للكيان الصهيوني، ولن تمنع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس،بل ستكون مسقط هي بوابة العبور إلى صفقه القرن .
وإن هذه الزيارة لن تكون الأخيرة لمسؤول صهيوني إلى مسقط أو عواصم خليجية أو عربية أخرى، بل ستتبعها عدة زيارات،فلا تلوموا عمان وسلطانها، فهي دولة من ضمن الدول العربية التي لاحول لها ولاقوة ،والسلطان قابوس رغم حكمته وتقديرنا لمواقفه العربية المشرفة الرافضة للمشاركة في الحروب العربية كما هو حال الحرب والعدوان على اليمن وسوريا، ولكنه لا يستطيع أن يقف منفردا ضد الكيان الصهيوني وسياسته في المنطقة ،مادام الكبار قد انحنوا وركعوا أمام أقدام هذا الكيان وقيادته كما هو حال مملكة بني سعود ومصر والأردن وتركيا وباكستان والسودان وبقية الدول العربية والإسلامية ،وكذلك قيادة السلطة الفلسطينية ومن يدعون أنهم قادة فلسطين وزعماء ثورته التحررية.
##وعاشت فلسطين حرة عربية .
والقدس الشريف عاصمتها الأبدية ##.