ا. د. عبدالعزيز محمد الترب
تأتي الذكرى ونحن نعيش استمرار العدوان والحصار واحتلالا منظما للمحافظات الجنوبية.
أتذكر بدايات التفكير في الكفاح المسلح لتحرير وطرد المستعمر البريطاني من أراضينا في عدن والجنوب بشكل عام.
رفض الساسة التقليدين فكرة الكفاح المسلح وكانوا هم قادة الفكر والعمل الجماهيري – النقابات المهنية (المؤتمر العمالي) ما يعرف اليوم باتحاد عمال اليمن.
تم تكوين الجبهة القومية بعد عودة لبوزة من عدد من الجمعيات والاتحادات في 14 أكتوبر 1963م وظل التواصل مستمراً مع فئات الشعب الرافض لاستمرار الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن والمعروف باتحاد الجنوب العربي….
كانت البداية في مناطق متفرقة وبشكل بدائي وغير ملموس حتى بداية برامج التدريب العسكري والفذائي في تعز وإدخال السلاح والعتاد منها بدعم سخي من مصر عبدالناصر.
أتذكر كيف تدفق الشباب للانخراط بتنظيم الجبهة القومية ورغم العمل السري استطاعوا إتمام عمليات التدريب والعودة إلى توزيعهم بخليات سرية صغيرة العدد مما أثارت نتائج التفجيرات قلق استخبارات بريطانيا وأجهزتها الأمنية للكشف عن رموز العمل الفدائي السري مما دفعنا إلى التفكير بنقل الأعمال إلى عدن.
وبعد عام من العمل المسلح 1965م وتكوين قيادة العمل في تعز (القيادة العامة) فكرت الأطراف السياسية والعمالية (قيادة النقابات) الذي رفضت القبول بفكرة العمل العسكري (الكفاح المسلح) سبيلا لتحرير الأراضي الجنوبية المحتلة من بريطانيا وحتى لا يخسروا النفوذ والعمل السياسي وبدلا من العودة للحوار والتفاوض والانخراط في تنظيم الجبهة القومية (N.L.F) وإعادة تشكيل القيادة السياسية والعسكرية اتجهوا إلى تأسيس كيان مستقل ضم عدداً من السلاطين والمتعاطفين مع أجهزة الأمن والاستخبارات بمسمى التنظيم الشعبي لتحرير الجنوب (FLOSA)
وحيث أن قيادة المكون الجديد كانت لها أحزاب مثل حزب الشعب الاشتراكي وقيادة النقابات العمالية ولديها ارتباطات عربية على مستوى الوطن العربي والعالم استطاعت الحصول على الدعم والمساعدة والضغط على قيادات تنظيم الجبهة القومية لقبول العمل المشترك في تنظيم موحد كنا تستحسن أن يتم حتى مسمى الجبهة القومية الذي كانت السباقة في العمل المسلح.
تم تكوين جبهة التحرير (FLOSY) من الجبهة القومية ومنظمة التحرير وتصاعدت الأعمال في كافة المناطق حتى استطاعت المخابرات وعملاؤهم شق الصف وزرع الخلافات مما دفع قواعد الداخل في تنظيم الجبهة القومية فك الارتباط وإنهاء الدمج القهري مع منظمة التحرير الذي استمرت في استخدام مسمى جبهة التحرير…..
تخلل العمل الفدائي بعد فك الارتباط صراعات واقتتال بين الفصيلين.
وبعيد عن التحيز عمل فدائيو كل فصيل بوطنية عالية ضرب المعسكرات وتنشيط العمل العسكري بهدف ضرب المستعمر وإعلان فبوله الشعب لتقرير مصيره.
كانت قيادات كل فصيل تتخذ من القاهرة وتعز مواقع سياسية لها, وعند سقوط الكثير من المناطق بيد ثوار الجبهة القومية قررت بريطانيا العظمى الاعتراف بتنظيم الجبهة القومية والقبول بالتفاوض السياسي معه.
وللتاريخ أيضا لم يقم بالتفاوض لوحده وأجرى اتصالات مكثفة قبل وخلال وصوله للقاهرة حتى يتفق على وفد وطني واحد يفاوض بريطانيا في جنيف لنيل الاستقلال….( يمكن الحديث واستكمال الموضوع ونحن نستقبل يوم الاستقلال المجيد 30 نوفمبر في ذكرى 54 عاماً).
اقول اليوم بصدق أن المحافظات الجنوبية المحتلة سوف تحرر من العملاء والخونة بكفاح مسلح بعد أن عرف أهلنا وابناؤنا هناك أن المستعمر الجديد لم يأت إلا لاحتلال المؤانى والجزر ولم يحقق طوال السنوات الأربع الماضية إلا مزيداً من الاغتيالات وارتفاع الأسعار وتدهور سعر العملة الوطنية (الريال)وانتشار الأمراض.
إننا نطالب بمزيد من اليقظة والتلاحم والصمود وتعزيز الجبهات بالمتطوعين.
لا احتلال يدوم ولا احتلال يستمر.
عاش اليمن حراً….عاشت ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر و30 نوفمبر.
عاشت الوحدة اليمنية 22 مايو وعاشت ثورة 21 سبتمبر لتصحيح المسار وبناء يمن حديث بدولة مدنية بنظام وقانون ومساواة وعدالة اجتماعية.