اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال عرض إعلامي له أمام رؤساء الدول المشاركة في الدورة 73 للجمعية العامة المقامة في نيويورك، إيران بإنشائها لمنشأة نووية سرّية في ضواحي مدينة طهران، وهذه ليست المرّة الأولى التي يتهم فيها نتنياهو إيران بإخفائها لمنشآت نووية، كما أنه واجه تحديات كثيرة من قبل لإثبات مصداقيته حول البرنامج النووي الإيراني (أو ربما قضية أخرى)، بحيث إن أغلب هذه الادعاءات لم تجد مصداقية أو آذاناً صاغية من المجتمع الدولي.
وفي عام 2015، كشفت كل من شبكة الجزيرة الإخبارية وصحيفة الغارديان البريطانية في وثائق سرية نشرتها أن تصريحات رئيس وزراء النظام الصهيوني تنبع من حاجته الملحّة إلى إقامة حملات دعائية ضد إيران وتحقيق مصالح شخصية على حسابها، حيث كان يكتفي بالعرض ولا يقدّم حقائق واقعية وملموسة على أرض الواقع.
وتكشف هذه الوثائق عن تقييم لوكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) لبرنامج إيران النووي، حيث كشفت أن نتنياهو يدرك تماماً شرعية البرنامج النووي الإيراني، ورغم ذلك اتهم نتنياهو إيران بالسعي وراء القنبلة النووية في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012، حيث قال إن إيران استطاعت في ذلك الوقت عبر قدراتها العالية من تخصيب اليورانيوم وبناء 70 بالمئة من القنبلة النووية، ويفصلها أشهر عن الانتهاء منها.
وبعد شهر من هذا الخطاب، أرسل الموساد تقريراً إلى منظمة مشابهة له تعمل في جنوب إفريقيا يقول: إن “إيران لا تنفّذ أنشطة صنع القنابل” وأن أنشطة علماءها “تتماشى مع سدّ الثغرات في مجالات تخصيب اليورانيوم في مفاعلاتها وهي قانونية”، ومن هنا يعدّ تقرير الموساد دليلاً مهماً لإثبات كذب وادعاءات نتنياهو، ويثبت أيضاً الخلافات بين الدول الغربية حول برنامج إيران النووي، إلا أن هناك أدلة أخرى وبسيطة تظهر أيضاً ذلك، وسنقوم في هذا المقال بإجراء نظرة سريعة على تصريحات نتنياهو حول القنبلة النووية الإيرانية الوشيكة لإثبات كذب ادعاءاته.
عام 1992: إيران تبني قنبلة نووية حتى عام 1997م
في ذلك العام وجد نتنياهو من خلال إحداثه ضجة حول البرنامج النووي الإيراني طريقاً من أجل تحقيق أهدافه على الصعيد الداخلي والخارجي، وفي خطاب له أمام الكونغريس الأمريكي في ذلك الوقت، ادّعى نتنياهو أن إيران تبعد ما بين 3 إلى 5 سنوات عن صنع قنبلة نووية.
عام 1995: إيران تبني قنبلة بحلول عام 2000
وبالرغم من عدم انتهاء الفاصلة الزمنية التي ادّعاها نتنياهو حول حصول طهران على القنبلة النووية، عاد ليدّعي مرة أخرى في كتابه الذي حمل عنوان” محاربة الإرهاب” أن إيران حتى عام 2000 ستكون قد نجحت في الوصول إلى أول قنبلة نووية.
عام 1996: إيران قريبة جداً من صنع قنبلة نووية
قال نتنياهو مرة أخرى في اجتماع مشترك بين مجلس الشيوخ ومجلس النواب في عام 1996 بعد انتخابه رئيساً لوزراء النظام الصهيوني: “إن حصول إيران على قنبلة نووية يمكن أن يكون له عواقب وخيمة، ليس فقط على بلدي، ليس فقط بالنسبة للشرق الأوسط، بل للبشرية جمعاء، وأضاف: إن توقيت قيام إيران بتحقيق هذا الهدف “قريب جداً”.
عام 2002: العراق بلا شك لديه قنبلة نووية
بعد هذه التصريحات، ركّز رئيس الوزراء الإسرائيلي على العراق وبرنامجه النووي لعدة سنوات، حيث أكد أن العراق لديه قنبلة نووية، وفي عام 2002، قال نتنياهو في جلسة استماع بالكونغرس: إن البرنامج النووي العراقي متقدم جداً بحيث إنه يقوم الآن بإنشاء “أجهزة طرد مركزي بحجم كبير مثل آلة الغسيل”. ومن التصاريح التي أطلقها نتنياهو في ذلك الاجتماع:
“إن هناك دليلاً على انتهاك العراق لقرارات مجلس الأمن الدولي، وإنه لا حاجة لامتلاك تأييد من الأمم المتحدة على ذلك، صحيح أنه من الجيد أن تمتلك ذلك لكنه غير مهم”، وتحدث نتنياهو عن أن صدام حسين في عام 1981 كان قريباً من صنع قنبلة نووية، وقصفته إسرائيل، وآنذاك “لم نتناقش مع الأمم المتحدة، إسرائيل تحركت”، واعتبر آنذاك أيضاً أن محاولات بوش الابن وسعيه نحو صناعة غطاء دولي لضرب العراق كان مضيعة للوقت وقال: إن “إسرائيل” وأمريكا ودول أخرى لن تسمح بوجود عالم يسعى فيه صدام حسين لامتلاك قنبلة نووية”.
وبعد أن نجح نتنياهو بإثارة الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش، دفع بالأخير إلى شن حملة عسكرية كبيرة على العراق، أدّت إلى مقتل الآلاف من الأبرياء، رغم تأكيد الوكالة الذرية بعدم وجود أي أسلحة نووية أو ذرية، وبعد ذلك بفترة سرعان ما عاد نتنياهو ليدق أجراس الإنذار من جديد حول إيران.
عام 2009: إيران تبني قنبلة بحلول عام 2011
في ذلك العام خرجت وثيقة إسرائيلية أخرى مسرّبة تتعلق بخطاب لنتنياهو في مجلس خاص مع ساسة أمريكيين في القدس المحتلة حيث قال فيها: إن “إيران تستطيع الآن صنع قنبلة نووية”، وأشار إلى أن الإيرانيين “قد يصنعون عدة قنابل في غضون العام أو العامين القادمين”.
عام 2012: إيران قريبة جداً من صنع قنبلة نووية
وخلال مقابلات صحفية له مع صحفيين أمريكيين وإسرائيليين، أعلن نتنياهو مراراً وتكراراً عن قرب إيران من صناعة القنبلة النووية، قائلاً: إن “إيران تبني العشرات من القنابل”، وفي إحدى مقابلاته مع وكالة الأنباء الأمريكية رويترز قال نتنياهو: إن إيران تفصلها 6 إلى 7 أشهر لبناء أول قنبلة نووية.
سبتمبر 2012: إيران ستمتلك قنبلة نووية حتى ربيع أو صيف 2013
وبعد بضعة أشهر من هذه التصاريح، أعلن نتنياهو خلال خطاب له أمام الجمعية العامة عام 2012 أن إيران قريبة جداً من صناعة قنبلة نووية مستشهداً برسم كاريكاتوري مرسوم يصف المرحلة التي وصلت إليها إيران في تصنيع القنبلة النووية.
ختاماً.. منذ أكثر من عشرين عاماً، كان نتنياهو دائماً يقدم ادعاءات كاذبة حول البرنامج النووي الإيراني – العراقي ويحدد إطاراً زمنياً لبرنامج إيران النووي، بالرغم من تناقضه مع تقديرات وكالات الاستخبارات التابعة له، فهو لا يزال يحظى بثقة المسؤولين الأمريكيين وممثلي الكونغرس.