ثورة الـ26 من سبتمبر مابين الحقيقة والخيال
أمل المطهر
ثورات تتعاقب على الشعوب كي تفك عنها قيود التسلط وتمحو عنها غبار الارتهان
فالثورة من اسمها تعني التفجر للانتصار للنفس من ذل وظلم واستكبار قد مسها
تأتي لترسم خريطة الرقي والفلاح للشعوب المستضعفة.
تصنع الوعي وتبني شعوبها بناء قويا للحفاظ على استمراريتها
تحقق كامل أهدافها التي قدمت التضحيات لأجلها
تكون هي الدعامة التي يبنى عليها صرح الأمة القوية الواعية الحرة
وأي ثورة لابد وان تضع بصماتها في نهضة تلك الشعوب التي تكمل تلك الثورات حتى تتحقق أهدافها كاملة وتظل تحميها كالرمش فوق العين من أي أوساخ قد تخترقها أو تحاول تدنيسها
هذه هي الثورات التي تصنعها الشعوب الحرة الأبية
فهل كانت ثورة الـ26 من سبتمبر من ضمن تلك الثورات ?!!
هل حققت للشعب اليمني أية نهضة أو حرية أو عدالة إنسانية
ظللنا طيلة الـ33 عاما ونحن نحفظ أهداف تلك الثورة التي لم نر للأسف هدفاً من أهدافها تحقق سوى في خيالنا الذي ظل يرسم لنا تلك الصورة الجميلة لوطن لديه بنية اقتصادية قوية
وطن تخلص من الاستعمار بشتى أنواعه الفكري والثقافي والسياسي
وطن لديه جيش قوي لا يهزم ويعتمد عليه في صد وردع أي عدوان
وطن لا توجد فيه طائفية ولا أحزاب ولاعنصرية.
وما نكاد نفتح أعيننا ونعود لأرض الواقع
حتى ننصدم بالحقيقة المرة
التي ظللنا نتجرعها طوال تلك السنين
فلا اقتصاد قوي ولأوطن حر مستقل السيادة .. يحكمنا حكام ممالك الرمال ويخنقون كل شرايينا لمنع وصول الدم إلى جسد الوطن المتهالك بسبب مناهجنا ثقافتنا فكرنا حركاتنا سكناتنا كلها كان بأيديهم وبأيدي من نصبوهم حكاما علينا
جيشنا كان يحمي عائلة بعينها ربي تربية عسكرية قاسية جعلوه كالآلة يعمل بدون تفكير يطيع أوامر آمره بالتردد
ونحن كنا نررد كالببغاوات ونحفظ ما يملى علينا ليس إلاّ رغم رؤيتنا للتناقض الذي يحكيه واقعنا
الحقيقة التي لا يمكن تغطيتها بغطاء الثورة وخيالات انتصارها وتحقيق أهدافها أن ثورة الـ26 والعشرين دفنت في أرضها بمجرد اندلاعها وانقلب عليها واذخلت في زنزانة التلفيق وإعادة التصنيع
قتلت وسلمت لمن دفنها وصنع زوبعة من الغبار حولها كي لا تتضح الرؤية ولا نرى الضريح
أنا لا أتجنى وأسالوا التاريخ، فهل من الممكن أن تتحقق أهداف ثورة على يد محتل ?
فكما أضاع الجنوبيون قضيتهم بتسليمها للمحتل أضاع ثوار الـ26 من سبتمبر ثورتهم بقبولهم بمساعدات الغرباء الطامعين لتحقيق أهدافها ولنيل حريتهم
فهل من المعقول أن تؤخذ الحرية بأيدي المحتل الطامع أو بيد من له مصلحة في بقائك على ما أنت عليه من ذل وظلم وامتهان بل وفي وضعية أسوأ من التي كنت عليها ليضمنوا عدم تحركك مرة أخرى .
ظللنا نسمع ونقرأ عن أمجاد لا نراها عن وطن وجيش واقتصاد وامن ورفاهية وسلام لا نلمسه بأيدينا مجرد حكايا كتبت في كتب التاريخ مجبرين على تصديقها والتصفيق لها .
زرعت الكراهية والطائفية والحزبية في أوساطنا عنوة .
كأنهم كانوا يقرأون كل هدف من أهداف الثورة ويضعون أمامه نقيضه في واقعنا كي لا نرفع رؤوسنا أبدا أو نفكر أن نصحح الثورة ونخرجها من قبرها ونعيدها للحياة من جديد .
أرادونا أن نظل هكذا نحلم بالحرية بيأس بالغ ونراها بعيدة المنال ونقرأ حكايا الثورات قبل النوم لنعود إلى تحقيقها في أحلامنا وأن لا تتعدى ذلك أبدا .
فلسان حالهم يقول:
يكفي أن تحلموا وتقرأوا حكايا الثورات وتناموا
هذا كل شيء وهذه هي الحقيقة التي اتضحت للجميع أكثر وأكثر بعد ثورة الـ21 من سبتمبر التي صنعت الأمجاد وأطاحت بكل المخططات التي قامت على أنقاض ثورة الـ26 من سبتمبر .
ووضعت المنهجية الصحيحة لنجاح الثورة واستمراريتها
وهي الثبات على المبادئ والايمان بالقضية
والثورة من أجل الحرية والعزة لا من اجل الأطماع الشخصية الأنانية
لذلك أصبحت ثورة الـ21 من سبتمبر واقعا نراه ونهتف باسمه أهدافا تحققت ورسمت لنا العزة وأعادت لنا الكرامة الضائعة كشفت لنا المياه التي كانت تجري من تحت أقدامنا وكدنا نغرق ونحن في عالم اللا شعور تائهون
طهرت الوطن ورمت بكل القذارة خارجا بعيدا عن ترابه الطاهر هذا هو الواقع الذي نريد أن نعيشه لا الخيال الذي يُرسم لنا لننام على أصدائه ونصحو من جديد لنواجه الواقع البائس.