ثورة 26سبتمبر في عيدها الـ 56 ماذا تحقق من أهدافها ؟

 

محمد صالح حاتم

تحل علينا الذكرى الـ56لثورة 26سبتمبر المجيدة،هذه الثورة التي انطلقت شرارتها من ميدان التحرير معلنه ميلاد جمهورية جديدة ،فهذه الثورة كانت ومازالت وستظل شمعة مضيئة في سماء التحرر اليمني، فكان قيام هذه الثورة ضرورة ملحة لنقل الشعب اليمني من حكم الأسرة الواحدة، ونقله من عصور التخلف والجهل والظلام التي كان يعيشها شعبنا اليمني في شمال الوطن آنذاك، إلى عالم التطور والنهضة والرقي والتقدم و هذه الثورة هي بمثابة الأم لكل الثورات التي شهدها اليمني السعيد في شماله والجنوب،فثورة26 سبتمبر هي المحفز والداعم والمحرك لثورة14اكتوبر 1963م في جنوب الوطن ضد المحتل والمستعمر البريطاني،واليوم ونحن نعيش أفراح العيد56 لثورة 26سبتمبر وبلادنا تتعرض لعدوان ظالم وغاشم من قبل أعداء اليمن وثورته سبتمبر ممثلا في جارة السوء مملكة بني سعود والتي عملت على إفشال هذه الثورة، بهدف وأد هذه الثورة في بدايتها،خوفا من انتقال شرار هذه الثورة إلى المملكة،فكانت تدعم عملاءها ومرتزقتها بالسلاح والمال ليقاتلوا الثوار اليمنيين الأحرار ليعيدوا حكم أسرة بيت حميد الدين، وقتها تدخلت مصر وأرسلت بقواتها إلى اليمن لتقاتل إلى جنب الجيش اليمني والثوار اليمنيين واختلط الدم اليمني والمصري دفاعا عن الجمهورية والحرية، في هذا الوقت كانت مصر في أوج قوتها وعنفوان شبابها بزعامة جمال عبدالناصر ،وظلت الحرب قرابة خمس سنوات،وعندها انهزم الملكيون المدعومون سعوديا ،وانتصرت ثورة26سبتمبر، ولكن للأسف فقد تعرضت هذه الثورة للمؤامرة من جديد من قبل أعداء الجمهورية والحرية والاستقلال ممثلا في مملكة بني سعود،فبعد أن تأكد أن مشروعها لن ينجح في اليمن عن طريق الحرب،وان اليمن لن تكون تحت وصايتها وستنفرد بقرارها،وان البلد سيبدأ بالعيش في أمان واستقرار ،وسيبدأ بناء دولته دولة نظام وقانون وسيترجم أهداف الثورة على الواقع، عندها قامت بالتحايل والالتفاف على هذه الثورة وأهدافها، فقامت بزعامة اذرعها وخلاياها وعملائها في جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها،وان تظل هذه الأهداف عبارة عن حبر على ورق،وان تبقى فقط للتغني بها وتكون ظاهرة صوتية في المهرجانات والمحافل والمناسبات الوطنية وهذا هو ما تم بالفعل طيلة نصف قرن من عمر الثورة.
فلم نتحرر ولم نستقل ولازال الاستبداد موجوداً في اليمن، ولازالت الفوارق والامتيازات بين طبقات الشعب موجودة ،فالمشايخ والقادة العسكريون هم الماسكون بمفاصل الدولة وهم التجار وهم أصحاب البنوك التجارية وهم الوزراء وهم أصحاب العقارات وهؤلاء كلهم يخضعون للسعودية ،ويعملون على عرقلة النهوض والتقدم في اليمن ،وهم من يزرع الفتن بين ابناء الشعب، فعلى مدى نصف قرن لم نشاهد محاكمة فاسد أو وزير أو قائد عسكري، أو عميل للخارج.
نصف قرن واليمن لم تتحرر من مخلفات الاستعمار والاستبداد ،ولم يوجد فيها حكم جمهوري عادل ،بل لازال قرارنا السياسي مسلوباً، وبأيدي الخارج،ولا يوجد حكم جمهوري ،بل مملكة على صورة جمهورية، فكل الوجوه التي ظهرت بعد ثورة26سبتمبر والذين كانوا اذرعة السعودية ومسكوا بزمام الحكم والسلطة في اليمن ،لم يتغيروا ظلوا هم الوزراء وهم أعضاء مجلس النواب والشورى وهم قاده الجيش وهم القضاة وهم وهم، وكل الشخصيات الوطنية والشريفة يتم تهميشهم وإقصاؤهم ،وكذا يتم اغتيالهم أمثال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.
فنصف قرن واليمن للأسف لم تتمكن من بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسه الثورة ومكتسباتها،بل كان الجيش عبارة عن ملكية خاصة للقادة ،فالفرقة الأولى مدرع كانت بيد علي محسن والألوية كان يظل القائد فيها لعشرات السنين لدرجة أن اللواء كان يسمى ويعرف باسم قائده، فكان اكبر فساد موجود في المؤسسة العسكرية والأمنية، مؤسسة الجيش والأمن لم يكن ولاؤها لله والوطن بل كانت تتبع أشخاصاً ،وقد أثبتت الأيام هذا في أحداث 2011 م فيما سمي (بثورات الربيع العربي ،التي للأسف كانت نكبة الوطن العربي بأكمله).
نصف قرن والشعب اليمني يعاني من الفقر والجوع والتخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي،فاليمن رغم ما تمتلكه من ثروات في باطن الأرض ،وما تتمتع به من مقومات صناعية وزراعية الا انها لازالت تستورد كل شيء من حبوب وقمح ونفط وكل المعادن وكل ما يحتاجه الإنسان وابسط المقومات لازلنا نستوردها ابتداء بالملاخيخ حتى الطائرة، وهذه الفترة كانت كافية لتكون اليمن مكتفيه ذاتيا بل ومن كبريات الدول الصناعية والتجارية والزراعية،فهاهي الصين اليوم ثاني اكبر اقتصاد بعد أمريكا وهي التي لا يزيد عمر جمهوريتها عن عمر جمهورية اليمن الا 12 عاما فقد أعلن عن قيام جمهورية الصين الشعبية عام1949،وبدأت النهضة الاقتصادية في عام 1987،واليوم اين الصين وأين اليمن؟
فاليمن لامخرجات تعليم تلبي متطلبات سوق العمل،ولا نهضة اقتصادية ولا سياحة ولامجال من المجالات يمكن ان نقول أننا حققنا الاكتفاء الذاتي،نصف قرن من الزمن ونحن نتغنى بسبتمبر وأهدافه نسجل الأغاني والأوبريتات والقصائد والأشعار ونؤلف الكتب عن منجزات هذه الثورة ،وكلها فقط عبر الإعلام أما على الواقع لا يوجد شيء كلها مشاريع وأرقام وهميه ،لأن اليمن كانت عبارة عن حديقة خلفيه لمملكة بني سعود ،وكانت تحكم وتدار من خلال السفارات وخاصة السعودية والأمريكية ولو تحققت أهداف ثورة26سبتمبر على ارض الواقع ما تجرأت مملكة بني سعود على شن عدوانها على اليمن،وما تضررنا من هذا العدوان وما عانى المواطن من الحرب والحصار .
فاليوم علينا جميعا العمل على ترجمة أهداف ثورة 26سبتمبر على ارض الواقع،وتصحيح الأخطاء والممارسات التي رافقت ثورة سبتمبر وأهدافها ،وخاصة تحقيق الوحدة اليمنية والتي كانت هدفاً من أهداف ثورة 26سبتمبر،والنهوض الاقتصادي والفكري والسياسي والاجتماعي لليمن، وان نستفيد من هذا العدوان والحصار،وعدم تكرار أخطاء الماضي من اجل بناء يمن الغد المشرق ،يمن يتسع لجميع أبنائه ويبنيه كل أبنائه الشرفاء والأحرار.
وعاش اليمن حراً أبياً والخزي والعار للخونة والعملاء.

قد يعجبك ايضا