لماذا انتصر الدم على السيف ؟!
سعاد الشامي
غالبا ماتسيل الدماء وسرعان ما تجف ويتم التخلص من آثارها ؛ ولكن الشيء الذي جهله الكثير من الناس أن ثمة دماء لا تجف وإن طالت عليها الجراح ومرت عليها القرون من الأعوام ، لأنها مفعمة بإكسير الحرية الذي يمنع تجلط المبادئ الإيمانية الراسخة ؛ وموت العواطف الواجدنية الثائرة ؛ وفناء القيم الإنسانية السامية…
أرض كربلاء التي تشبعت رمالها بدماء الأبرياء من الأحرار في ثورة الحسين الكبرى والتي فجرها في وجه يزيد الملعون طاغية ذلك العصر الذي سلب الدين جوهره الإيماني ولم يبقِ له من الواقع الإسلامي إلا المسمى ؛ هي أيضا لم تجف دماؤها بل مازالت ساخنة تجري في أوردة كل الأحرار والثائرين؛ وتظهر في كل بصمات المتمردين على الظلم والطغيان.
إن بقاء الثورات التحررية أو زوالها يعتمد على نوعية الأهداف التي حملها قاداتها للوصول إلى حيث المبتغى والمنتهى ؛ ونحن حين نقلب صفحات ملحمة كربلاء سنجد بين سطورها ثورة راقية المبادئ وواعية الأفكار ونقية الغايات ؛ فلم تكن مجرد انطلاقة عشوائية أو تحركات قاصرة بل كانت ثورة نموذجية لها قيمها الإنسانية ورؤيتها الواقعية وأهدافها المحددة والتي أوضحها قائدها الأمام الحسين عليه السلام في أول بيان ثوري يوجه إلى المجتمع المسلم بقوله ” إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ومعتديا؛ وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ”
إصلاح حال المجتمع المؤمن ، هذه الغاية المقدسة التي وصلت إلى أسمى المراتب البشرية وأرفع المقامات الإخلاقية ؛ والتي جعلت الحسين عليه السلام ينادي السيوف إلى أخذه مقابل استقامة الناس على دين محمد ؛ وهي التي جعلت دم السبط في كربلاء ينتصر على سيف الظلم والفسق والفجور ؛ وهي أيضا التي جسدت ثورة حسين هذا العصر السيد حسين بدر الدين الحوثي والذي انسابت دماؤه الطاهرة من جرف مران في صعدة إلى أعماق كل الأحرار من أبناء الشعب اليمني الذي يصارع للعام الرابع طغاة هذا العصر ويعيش اليوم كربلاء أخرى بكل وحشيتها وبشاعتها والذي لا محالة ستنتصر دماء أبنائه المسفوكة ظلما وغدرا على طائرات وبارجات ومدرعات وزحوفات تحالف قوى الشر والعدوان.