ويشخص الشهيد القائد الهيمنة الاقتصادية التي تلبس عباءة التنمية أنه عقب الحرب العالمية الثانية وبعد نجاح العديد من الدول العربية والإسلامية في الحصول على استقلالها، أخذت دول الغرب الرأسمالية على عاتقها العمل على ربط اقتصاديات تلك الدول باقتصادياتها وعملت على تغييرها عن طريق القروض الربوية والمساعدات المالية الخارجية والاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر المنظمات المالية والدولية وبرزت على السطح قضايا مشاريع التنمية بأنها طوق النجاة للدول النامية وخاتم الرضا وبالتالي فلا مفر من الارتباط بها والخضوع لها لا سيما وأنها حالت دون إحداث تنمية اقتصادية حقيقية لتلك الدول وعملت على إبقائها مجرد مجتمعات استهلاكية غير منتجة وأسواق لمنتجاتها، وذلك عبر منظمة التجارة العالمية والشركات متعددة الجنسيات، ناهيك عن المنظمات المالية والدولية (صندوق النقد والبنك الدوليين) التي تتخذ من مشاريع التنمية وبرامج الإقراض ستاراً للهيمنة والسيطرة على العالم ووسيلة لرهن إرادة شعوب وحكومات الدول النامية، فأغرقت كاهلها بالقروض الربوية وفوائدها المحرمة تحت مبررات مشاريع التنمية التي تحدد هي مجالات انفاقها وتوظيفها في مشاريع استهلاكية غير إنتاجية وصناعية، والحيلولة دون نهوضها اقتصادياً وتنمية صناعاتها وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي لها.
إن فكر التنمية لم تكن أكثر من تلبية الاحتياجات للنظام الرأسمالي في تهيئة أسواق تستوعب منتجاته والحصول على الأيادي العاملة الرخيصة في هذه الدول من جهة، ومن جهة أخرى لا تعدو التنمية في النهاية كونها زيادة في إيجاد حالة من التبعية للمركز الرأسمالي، حيث يستخدم مدخل التنمية عبر منح القروض الربوية والمساعدات المالية تحت يافطة خطط صندوق النقد والبنك الدوليين لتحقيق حالة التبعية الاقتصادية والسياسية للمركز الرأسمالي كي لا يسمح لأي دولة أن تستقل ذاتياً.
الكاتب والباحث/ أحمد الديلمي