في ذكرى الهجرة النبوية
محمد أحمد المؤيد
مع بداية السنة الهجرية الجديدة (1440هجرية) على صاحبها وآله وصحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ينصب إلى ذهن كل مسلم ومسلمة شيء اسمه هجرة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكة إلى المدينة , بعد أن عانى الأمرين في سبيل الدعوة إلى الله ونشر دين الله الإسلام , والتي كانت الهجرة هي آخر حل يقوم به رسول الله محمد (صلوات الله عليه وآله وصحبه) تجاه تعنت قريش وصدها عن سبيل الله وتبليغ دينه على هذه البسيطة , والتي لو نبشنا في الأحداث التي تعامل بها النبي مع قريش حينها لوجدنا تضحيات عظيمة أنبثقت من شخصه (صلى عليه وآله وسلم) فكانت بلسماً من نور الله محقت ظلام الشرك والوثنية شيئا فشيئا حتى غدا دين الله يشكل قوة أرعبت رموز البغي والشرك في أطهر أرض الله (مكه) قال تعالى : ” إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مبارك ” صدق الله العظيم , والذين حركتهم النفوس الشريرة القابعة بين ضلوعهم كغرفة مظلمة ومهجورة تملأها القذارات تشكلت مع عامل الزمن فصارت تبث الأذى لكل من يحاول تنظيفها أو إعادة ترتيبها.
لذا فما لقيه النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) من ردة فعل قريش لم تكن أمرا غريباً أو غير متوقع , بل هي نتاج طبيعي يصدر من جنود الشيطان الذين يستمرون في الصد عن سبيل الله ومنهجه القويم (دين الإسلام) , ولو أنهم قد عرفوا الحق , ولكن جثوم الشيطان على قلوبهم قد أعمى صوابهم , فبسبب كهذا صارت الهجرة من مكة إلى المدينة , وحينها انتهت المعركة جزئياً بأمر الله بالهجرة النبوية , والتي لم تكن تعني انتهاء المعركة مع المشركين وإنما كان الغرض منها تغيير مسار المعركة عبر التمركز في جانب يبعد عن قوى الشرك والضلال , كي يتسنى تحييد وتشخيص المرض عن بعد والابتعاد عنه والبدء بالعلاج الرباني لنفوس تأقلمت مع الشرك بقلب متحجرة تكره نور الله أن يظهر على الأرض قال تعالى: ” يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ” صدق الله العظيم.
فكانت الهجرة بفضل الله من أعظم الحلول التي فكت أكبر عقدة في عقيدة الشرك ومن حينها صدع نور الإسلام في بقاع الأرض بعد خوض الكثير من المعارك والغزوات التي معها جاء يوم (فتح مكة) وصدع أمر الله بقوله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آنذاك : ” ما تظنون اني فاعل بكم ” , قالوا أخ كريم وابن أخ كريم , فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : ” اذهبوا فأنتم الطلقاء “.
فمع هذه الذكرى العظيمة على قلوبنا كمسلمين موحدين , يجدر بنا جميعا أن نستلهم الدروس النبوية في التضحية والفداء من أجل دين الله وتبليغه , وكذا التشبث بمبادئه وأسسه النبيلة التي نزلت في كلام الله القرآن ورسخها نهج النبي وآل بيته الأطهار وجميع قومه الذين ناصروه وآزروه صلى الله عليه وآله وسلم .
لأننا لو تأملنا في أحداث اليوم لوجدنا كم نحن بحاجة ماسة لاستلهام هكذا دروس , وخاصة كيف آخى النبي بين المهاجرين والأنصار ؟ , وكيف بنوا أسس الدولة الإسلامية العظيمة بعد أن قضوا على الشرك وأعوانه وأذنابه من خلال صبرهم وجلدهم المستمر مع الرسول الأعظم ؟!!.
فكانت تضحيات أتت ثمارها حتى يومنا هذا , والتي ثبتت لبناتها دماء الشهداء , فكانت الشهادة للشهداء ذخيرة لكل صولة وجولة يقوم بها رسول الله والدعوة إلى دين الله.
وهناك أدلة كثيرة توضح كيف يكون الفرق بين الأنظمة التي تريد وجه الله والتي تريد وجه التسلط والنفوذ ولعاعة الدنيا , والتي تجلى ذلك الفرق في نهج رسول الله (صلوات ربي وسلامه عليه وآله وصحبه) وما سعى لتثبيته في دولته ونظامه الذي حظي به , فثبت دعائم الله وشريعته , في وقت طغت الأنظمة على البشرية جمعاء بالشرك والضلال والتبعية المقيتة لبشر وأنظمة وأصنام تسيرهم كما الأنعام بل أضل.
وهو ما يجب أن يترسخ في ذهن ولاة اليوم وأنظمة اليوم ويتنبهوا له , وكيف أن من سادوا الدول والأنظمة وتجبروا واستكبروا بأنظمتهم آنذاك واليوم هم صاروا تحت التراب وقضى الله ماقضى وسيسئلون , فمن مضى في نهج الهدى والمهتدين صار منهم , ومن نهج الظلم والضلال والشرك صار منهم , وليختار كل والٍ وسلطان وملك ورئيس ما يشاء , وليعمل ما يشاء ولكن العاقبة للمتقين .. فأي نظام يقهر اليمنيين اليوم سيقهره الله .. وأي نظام ساعد أو شجع أو سكت عما يعمله تحالف العدوان (السعوأمريكي) على اليمن سينكسه الله ويذهبون إلى التراب ثم يسألون كما هم الأولون من الولاة الظالمين .. قال تعالى : ” كم تركوا من جنات وعيون ” وقال سبحانه : ” فما بكت عليهم السماء وما كانوا منظرين ” صدق الله العظيم.
..ولله عاقبة الأمور..