نشر مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي مقالة لـ”ستيفن كوك” يقرّ فيها بانتصار الرئيس السوري بشار الأسد الذي “كان سقوطه المفترض مسألة وقت”، وفق رأيه.
وبحسب “كوك”، فإن الجيش السوري رفع في وقت سابق من الشهر الماضي علمه فوق مدينة درعا الجنوبية واحتفل به، معتبراً أنه “رغم استمرار سفك الدماء، إلا أنه كان من الصعب تفويت الرمزية”. وتابع “أخيراً، تم سحق “الانتفاضة” التي بدأت في تلك المدينة يوم 6 مارس 2011، والحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد وزعزعت استقرار أجزاء من الشرق الأوسط وأوروبا، ستنتهي عاجلا وليس آجلا، بمساعدة روسيا وإيران وحزب الله فقد انتصر بشار الأسد، الرجل الذي كان “سقوطه المفترض” مسألة وقت”، وفق تعبيره.
يرى كوك أنه “الآن وقد تقرر مصير الصراع في سوريا، بات من الضروري التفكير في أهداف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الجديد والتخلص من المعوقات التي لازمت منذ زمن بعيد السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، وساهمت في إرباكها وشللها في سوريا وخارجها”.
يتحدّث “كوك” عن عدم التمييز بين نظام الرئيس الأسد وسائر الأنظمة العربية التي سقطت إبّان ما يسمّى بـ”الربيع العربي”. فيقول “جاءت “الانتفاضة السورية” التي بدأت في درعا بتوقيت خيالي في الشرق الأوسط و بعد وقت قصير من سقوط الزعماء “التاريخيين” الذين حكموا لفترات طويلة في تونس ومصر – وهو ما انعكس على تفكير ومواقف الديبلوماسيين وصناع القرار والمحللين والصحفيين، مما جعلهم غير قادرين على تمييز الاختلاف الكبير بين حالتي الأسد وبن علي أو بين بنية وهيكل الحكم بين النظامين السوري والمصري”.
ويتابع شرحه لاسراتيجية الرئيس الأسد التي اعتمدها في المواجهة، ويرى أن “النخب السياسية لم تكن تتوقع أن يستمر الزعيم السوري طويلاً، وتابع الأسد استراتيجيته بفعالية خاصة مع عسكرة الانتفاضة والتعدد في العناصر المنخرطة فيها ، بالإضافة إلى تدخل روسيا. هذا الوضع الصعب انعكس على مسار تحديد المصالح الأمريكية في الصراع. لذا فقد أدانت واشنطن إراقة الدماء، وأرسلت المساعدات إلى اللاجئين، والمتمردين “المدرَّبين”، لكنها بقيت خارج الصراع السوري. وكل ما أمكن لواشنطن فعله هو التعبير عن القلق”، على حد تعبيره.
“إن تضاؤل النفوذ والتأثير الأمريكيين الذي تسببت به سوريا على حد سواء، هو تطور لم يكن في الحسبان لأنه لم يكن من المفترض أن يحدث بكل المقاييس”، يؤكّد “كوك”، لافتاً الى أن “الولايات المتحدة التي ليس لها نظير، أظهرت أنها غير قادرة أو غير راغبة في التأثير على الأحداث في الشرق الأوسط كما كانت في الماضي، كما لو أنها تخلت عن نفوذها”.
يعتبر “ستيفن كوك” أنه “قد يكون هذا تطورا إيجابيا فلا أحد يريد تكرار ما حدث بالعراق إلا أن خلو مكان واشنطن، سمح لموسكو بالتدخل وتقديم نفسها كشريك أفضل وأكثر كفاءة لدول الشرق الأوسط والصراع في سوريا هو السبب الرئيسي وراء ذلك”، موضحاً أن “سوريا أصبحت الآن محور واستراتيجية روسيا لإعادة تأكيد نفسها كقوة عالمية، ونفوذها المتجدد في الشرق الأوسط بات يمتد من دمشق شرقاً عبر حكومة إقليم كردستان إلى إيران ومن العاصمة السورية جنوباً إلى مصر وغرباً إلى ليبيا”.
أمّا من يُسمّون أنفسهم “حلفاء أميركا”، فقد بدأوا بحسب “كوك” بطلب المساعدة الروسية. حيث يقول إن “”إسرائيل” وتركيا ودول الخليج لا تزال تتطلع إلى واشنطن من أجل القيادة، ولكنها بدأت أيضاً بطلب المساعدة من الكرملين في تأمين مصالحها. فالرئيس التركي ونظيره الروسي، إلى جانب قادة إيران، شركاء في سوريا. وقد قام الملك سلمان بأول زيارة يقوم بها ملك سعودي إلى موسكو في أكتوبر عام 2017؛ ويعتقد الإماراتيون أن الروس يجب أن يكونوا “على الطاولة” لإجراء مناقشات حول المسائل الإقليمية المهمة”.
العِبرة مما سبق يوصّفها “كوك” في العبارة التالية “يبدو أن الحقبة التي حددت فيها الولايات المتحدة قواعد اللعبة في الشرق الأوسط وحافظت على نظام إقليمي والتي استمرت 25 سنة قد انتهت الآن”.
يخلص “كوك” الى القول “ربما الآن بعد فوز فريق الأسد ـ بوتين – (الإمام) الخامنئي في الصراع السوري، ستكون هناك فرصة للأميركيين لمناقشة ما هو مهم في الشرق الأوسط، ولن يكون الأمر سهلاً. الكونغرس مستقطب ومشلول وفي المقابل فإن نهج إدارة ترامب للمنطقة محكوم برؤيا ونزعة ترامب الفردية التي يخالف فيها أسلافه مثل نقل السفارة الأمريكية في “إسرائيل” إلى القدس، وخرق الصفقة النووية الإيرانية، كما يريد مغادرة سوريا في القريب العاجل”.
“المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق”