مظلومية الإنسان اليمني وموت الضمير العالمي
نوال أحمد
من الأرض المحروقة ، والبلدة النازفة ، من الثرى التي امتزج ترابها بالدم الطاهر ، من الأرض التي ارتوت بالدماء البريئة الطاهرة ، التي ستكون ناراً من نور على مستبيحيها ، سفاكيها المجرمين ، من هول ما نشاهده ، وما يحل بيمننا أرضها وإنسانها من إجرام وعدوانية شيطانية ، استبيحت أرضنا وشعبنا على أيادي أكابر مجرمي هذه الأرض ، وصانعي الإرهاب فيها ، والقاتلين لأهلها ، من الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين ، وعملائهم الأنجاس في وطننا العربي ، أولئك المنافقين المتأسلمين من السعوديين والإماراتيين ، وكل من شاركهم عدوانهم على اليمن وأهل اليمن بسكوته من شعوب الأمة وعلماء سلاطينها..
فأمام كل هذا الظلم والإجرام والصمت المخزي ، إزاء ما يحدث في اليمن من مجازر وحشية وحصار مطبق وخانق على هذا البلد ، وأمام كل هذا الصمت المريب والمخزي ، تعجز الأقلام عن كتابة المشهد ، وتتلعثم الجمل والعبارات عن وصف المظلومية، فمن أين أبدأ ، وماذا عساني قائلة ، فعن أي شيء أكتب ، وكيف أعبر ، والوجع كبير ، والجروح نازفة فبشاعة الإجرام بحق شعبنا أكبر من أن تحكى ؛ ويعجز اللسان عن الكلام ، وعن وصف حجم الإجرام والمجازر التي يرتكبها العدوان الظالم بحق هذا الشعب المظلوم ..
فهنا أحزان كبار ، وهنا وجع كبير وخوف وقتل وجوع يطال الصغار ، هنا عيون لأمهات ثكلى ذرفت دموعا حمراء ، هنا مآس ومعاناة تهد الجبال ، مع عظيم وجميل صبر الرجال ، ومرارة أحزان آباء أطفال صغار..
من هنا ينادي شعبنا المكلوم ، ويستصرخ في عالم الظلم والإجرام ، وبحرقة المظلوم يستنجد ويصرخ ليسمع نداءه ، في أرجاء الدنى ، ألا من ناصر ينصرنا ، ألا من منصف ينصفنا في هذا العالم الظالم ، المفرغ من كل معاني الإنسانية؟! …
هنا في الوطن الذي أثكلته الأوجاع والملمات ، الوطن الذي تعمقته وأثخنته الجراح ، ومزقت أبناءه غارات عدوان أمريكي سعوإماراتي ، لترسم دماء أبنائه الأحرار ، في أعالي السماء ، مجدا وعزة” وحرية”وكرامة، تليق باسم وطن سمي باليمن…
من هنا أقول للعالم المتخاذل ، أمام إجرام الطواغيت ؛ و الصامت أمام هذا العدوان الفرعوني الجبروتي بحق شعب مسلم مظلوم ..
أيها العالم خذ عيني لتشاهد مايحدث في بلدي اليمن ..
خذي قلبي أيتها الضمائر الميتة لتتحرك إنسانيتكم أمام هذه المظلومية الكبيرة بحق أطفال ونساء وشيوخ هذا البلد ..
هنا ومن نزف الجراح ، ومن تطاير وتناثر أشلاء الإنسان اليمني ، من شدة الآلام و الأوجاع التي تحل بشعبنا ، من عظيم الابتلاء ، ونزول المهمات ، وصبر الأمهات ، وإيمان وتجلد وجهاد الرجال ، ومن مرارة فقد الأعزاء والأبناء ، ومن تحمل المعاناة والألم ، ومن جميل الصبر لدى الآباء الكبار ، ومن رضى القلوب الجريحة بما قسم لها رب العباد ..
من كل هذه المآسي والأوجاع التي حلت بوطني ، وبأبناء شعبي المؤمنين الصابرين ، كتبت من عظيم الألم والأنين ، كلمات من صميم الفؤاد المعتصر وجعا وألما وكمدا ، من كل هذا الظلم ، ومن عظيم المصائب والويلات ، التي لو نزلت على الأيام لجعلتها ليالي ..
كتبت بقلم كان مداده الدم القاني ، كلمات كل حروفها ، شظايا من أشلاء شهدائنا الصغار، وسطورها قلوب موجوعة في صدور الكبار ، وصفحاتها دعوات النساء المقهورات على صغارهن المذبوحين ظلما ،من دون أي جرم أجرموه ، أو أي ذنب اقترفوه ، سوى أنهم قالوا ربنا الله ، ولأن بلادهم اليمن …
وطني في كل شهقة وزفرة شهداء ، وأنفاسه وهواه أرواح مظلومين تزهق في كل وقت وحين بغارات الظالمين المعتدين ، وطني أنسامه وأنغامه قلوب موجوعة وألسن ذائبة تلهج بالدعاء ،وتتضرع إلى الله أن ينتقم من السفاح الطاغي من وطن المظلومين ، وصرخات وآهات المستضعفين ، ومن أحزان المضطهدين ، من وطن كساه العناء والأسى ، واغتشاه الحزن والسواد لمظلومية رق لها الحصى ، وبكى من هولها الجماد…
كل شيء في بلدي تستهدفه طائرات القتل الوهابية الأمريكية المقيتة ، عن أي شيء أتكلم والمجازر ترتكب يوميا ، بحق هذا الشعب المظلوم ..
ولكن بقدر حجم المظلومية ، وبحجم تلك الدماء الطاهرة المراقة التي أهدرت ظلما وبغيا وعدوانا ، ومن تلك الأجساد التي مزقت ، وتحولت إلى أشلاء مبعثرة ومتناثرة بأفعال وحقد فراعنة العصر ، السعوديين وحلفائهم ، قسماً بأن الرد سيكون قاسياً، ومن زناد البندقية ، وبسواعد الرجال ، وبقوة الردع الإيمانية اليمانية الضاربة، التي ستأخذ بالثأر ، وبقوة الرد بتعاون كل رجال اليمن الشرفاء ليكونوا يدا قوية تقصم ظهر المعتدي السعودي الطاغي ، والسفاح المجرم الباغي ، وسيكون ردا مزلزلا من رجال الله ، وبقوة الله ، ليشفي به الله قلوب المؤمنين ، والمظلومين وحكمة الله ستمضي ، وسنته باقية في الأرض وهي زوال كل الظالمين ، ولن تجدوا لسنة الله تبديلا.