غزو القيم ومسؤولية المجتمع

 

علي صالح الخولاني

لا بد لنا من أن نبدأ أولا بمعرفة الحرب الناعمة وخطورتها وكيف نحمي ونحصن أنفسنا وأهلينا والأجيال القادمة، يقول الله تعالى” يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ “.
ويقول السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله: (الحرب الناعمة) هي أكثر خطورة من الحرب العسكرية، فالحرب الناعمة تفسد النفوس وتقضي على القيم وتدمر الأخلاق وتضرب الناس في إيمانهم وهذا أخطر بكثير من إصابة الجسم بالقنابل والصواريخ أو اختراقه بالرصاص ومن الواضح أن من أخطر الوسائل المدمرة الاستخدام بلا مسؤولية ولا ضمير ولا أخلاق للأجهزة المحمولة “الجوالات” والتراسل أو التواصل عبرها بهدف الوصول إلى الفساد أو بما يسبب الفساد وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية ومن الأسباب أيضا الاختلاط بين الرجال والنساء الذي بدأ ينتشر كظاهرة سلبية وخطيرة وكذلك التبرج لدى بعض النساء.
وفي المقابل هناك ضعف وأحيانا انعدام للعمل التوعوي والإجراءات المساعدة على التزام التقوى والحذر من التورط في الفساد والعياذ بالله ولذلك فمن الواجب أن يكون التذكير في هذه المسألة ضمن المواضيع الأساسية في كافة الأنشطة الثقافية والتربوية والإعلامية والاجتماعية بحيث لا تخلو من التركيز على هذه المواضيع وبمضامين مفيدة ومؤثرة وراقية ومتنوعة لمساعدة المجتمع على الحصانة الإيمانية في مواجهة حرب قائدها الأول هو الشيطان الرجيم.
قال الله تعالى في كتابه الكريم ” يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ” (الأعراف 26) .
“يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ” (الأعراف 27)
وأدواته اليهود وعملاؤهم الذين قال الله تعالى عنهم:
” وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ” (المائدة 64).
وإلى جانب النشاط التوعوي من المهم تعزيزه بالإجراءات المساعدة على الالتزام مثل الوسائل الرقابية وغيرها بالطرق الصحيحة والاهتمام بالموضوع بدءاً من الأسرة ومرورا بالمجتمع ووصولا إلى الجهات المسؤولة وبكل الوسائل المشروعة، كل هذا سيساعد على الحد من انتشار الفساد.
وواجب أن يكون هناك أيضا اهتمام من العلماء في المساجد في خطب الجمعة وغيرها والعناية بالضوابط الشرعية في المعاملة بين الرجال والنساء وأن يلحظ الجميع الالتزام بها في كافة مجالات العمل لأنها تساعد على الحفاظ على حدود الله تعالى.
وعندما نرجع إلى من ابتكر كل هذه الوسائل هم أعداؤنا لأهداف خبيثة.
يقول السيد عبدالملك يحفظه الله: من المعلوم المتيقن أن ابتكار مواقع التواصل الاجتماعي هو اختراع أمريكي ومنشأ أمريكي لهدف استخباراتي وهناك مقالات وكتب وأقوال ونصوص وأدلة تثبت أنها لهدف استخباراتي لدى الأمريكي، هدف واسع لا يقتصر على الجانب العسكري فقط بل هو استهداف شامل لكل شيء، استهداف للأخلاق والوعي ولكل عوامل القوة والصلاح وكل ما من شأنه أن يبني الأمة وأن يصنع لديها عوامل المنعة في مواجهة العدوان فهم يعملون من خلالها على صناعة توجهات تلهي الناس عن قضاياهم الحقيقية ومسؤولياتهم الكبيرة، نحن أمة قرآنية ومسيرة قرآنية ومواقعنا وأعمالنا وأقوالنا وتصرفاتنا ينبغي أن تكون موزونة بميزان القرآن الكريم وأن لا ننجر لمن حذرنا الله منهم وقال عنهم “وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ ”
وهناك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عبر وسائل الإعلام المتنوعة أيضا عبر بعض المعاهد التي تدرس اللغات معاهد أجنبية في صنعاء وفي بعض المدن لتعليم اللغات الأجنبية وتلعب دورا آخر، بحيث يبقى نشاطها في تعليم اللغات نشاطا ثانويا وغطاء لطبيعة نشاطها الحقيقي والرئيسي الذي يتم التركيز عليه داخل هذه المعاهد، يبدأون ببرامج تساعد على الاختلاط الفوضوي وتعزيز الروابط خارج إطار الضوابط الشرعية ثم يدخلون إلى المسخ تحت هذا العنوان الحضاري والتغرير بشبابنا وشاباتنا وتقديم النموذج الغربي المنفلت الذي لا تحكمه الضوابط ولا الأخلاق وأساليب كثيرة يشتغلون عليها.
ولأنهم يعرفون أن من أوقعوه في الرذيلة ودنسوه وأفرغوه من قيمه الأخلاقية وأصبح إنسانا تافها ضائعا لا قيم له ولا أخلاق له، لا شرف له، لا حمية له، سيتجه في هذه الحياة على النحو الذي يريدونه، فيستعبدونه بكل بساطة وبكل سهولة.
وعليه فإننا بحاجة ماسة إلى أن نعرف كيف نحصن ونقي ونحمي أمتنا وأبناءنا وأهلينا من أخطار هذه الحرب:
أولا: من خلال الإيمان الصادق والوعي بالله واليوم الآخر لأنه كلما ازداد إيمانك بالله كلما ازداد خوفك من الله ومحبتك لله سبحانه وتعالى واستشعارك لعظمة الله وحياؤك من الله، وثمرة ذلك أنها عوامل تساعد على الطاعة لله والاستقامة على منهج الله والحذر من معصيته مسألة مهمة جدا.
والإيمان باليوم الآخر، إيمانك بالجنة والنار والحساب والجزاء بشكل عام وأن كل معصية عليها جزاء وستدفع ثمنها في الدنيا والآخرة، فهذا سيدفعك إلى الاهتمام والالتزام.
ثانيا: الاستعاذة بالله من الشيطان وهمزات الشياطين ووساوسهم وتأثيرهم وهذه مسألة مهمة الله علمنا إياها في القرآن الكريم قال تعالى:” وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ” (الأعراف 200).
ومن نعم الله علينا وهي من هدايا الله لنا في القرآن الكريم سورة الناس هذه السورة فيها التجاء قوي وكبير والتجاء بتضرع.
ثالثا: الوعي بخطورة الشيطان والاستحضار لذلك في الذهن في كل الأحوال لأن الشيطان لديه أنصار ولديه شياطين من الجن والإنس لا تغفل عن هذه المسألة وفي كل الحالات التي تستدعي ذلك مثلا: أن تكون في حالة غضب فاستحضر ذلك حتى لا يدفعك غضبك إلى أن تظلم، فامسك نفسك واستعذ بالله من الشيطان الرجيم.

قد يعجبك ايضا