أ. طه الحاضري
مسؤولية الخطباء ودورهم في مواجهة العدوان تنطلق بشكل خاص من المسؤولية العظيمة التي تحملوها في وعظ الناس وإرشادهم وتوعيتهم كل يوم جمعة من على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن داخل بيوت الله، بالإضافة إلى إلى أن مواجهة العدوان واجب جهادي على كل الناس بشكل عام – ومن ضمنهم الخطباء – حين يتعرضون لعدوان يرتكب أبشع المجازر وأشد الجرائم بحق الأطفال والنساء ويحاصر الناس من الغذاء والدواء ويستهدف البشر والشجر والحجر ويهلك الحرث والنسل، ويكون الواجب مضاعفًا حين يتصدر هذا العدوان اليهود ويتم إعلانه من العاصمة الأمريكية واشنطن ويلقى الدعم والتأييد والترحيب الإسرائيلي.
الخطابة أهم وسيلة لدى الأنبياء
عندما نقرأ قصص الأنبياء عليهم السلام نجد أنهم كانوا يستخدمون الخطابة كوسيلة أساسية لإيصال الهداية للناس وتبليغ الوحي إليهم، وقد تكررت عبارة (يا قوم) على لسان الأنبياء كثيرًا في القرآن الكريم، وكانت الدعوة للناس تتمثل في مخاطبتهم وتوعيتهم وإرشادهم وتعبئتهم في حالة المواجهة، كما قال تعالى على لسان موسى عليه السلام: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) وقوله تعالى: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) .
ولأن المعركة بين الحق والباطل معركة هدى وضلال يسعى المستكبرون والمعتدون إلى إطفاء نور الله ويعتمدون على وسيلة الكلام أكثر من أي وسيلة أخرى يقول تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) فالوسيلة الرئيسية عند المستكبرين والمعتدين والظالمين هي التضليل بإثارة الشبهات وتزييف الحقائق وبث الإشاعات ونشر الأراجيف وصناعة المبررات واختلاق الذرائع وهكذا عبر الوسائل الإعلامية والفتاوى الدينية ثم بعد ذلك يشنون الحروب ويعتدون عسكريًا واقتصاديًا وأمنيًا وو .. إلخ.
ومن هنا تأتي أهمية دور الخطيب ومسؤوليته لأنه مَعنيٌ بمعركة الوعي والهدى والتعبئة أكثر من غيره.
مكانة الخطيب العظيمة
لا يخفى أن للمسجد دوره المهم والعظيم في الإسلام، فالمسجد بيت الله تعالى ويلتقي فيه المؤمنون كل يوم خمس مرات في صلاة الجماعة ويلتقون فيه بشكل أوسع في صلاة الجمعة وخطبتيها وهذا يدل على أهمية المسجد في توحيد الصفوف والحفاظ على الجبهة الداخلية.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب من على منبر المسجد النبوي ويجمع المسلمين فيه لتدارس الأوضاع والمستجدات التي لها علاقة بهم ويحرضهم من داخله على مواجهة الأعداء وقتالهم ويرسم الخطط ويتخذ القرارات وينطلق من داخله إلى الميدان.
والخطباء يقفون على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل جمعة يخطبون في الناس، وقد هيأ الله تعالى الأجواء المناسبة للخطيب ليقوم بواجبه، فحرم الكلام على الناس حال الخطبتين حتى يتسنى للخطيب التوضيح للناس بكل أمانة وصدق، ومن منطلق الحرص على هدايتهم دون أن يعارضه أو يجادله أو يناقشه أو يعلق على كلامه أحد وحتى لا يكثر اللغط وتعم الفوضى ويحتدم الجدل، بل أوجب الله تعالى على الناس في المسجد الإستماع والإنصات وهم على قدر عالٍ من الروحانية وعلى وضوء وعلى استعداد لأداء ركعتي الجمعة بعد الخطبتين مباشرة وبهذا يتأثر الناس لأن الأجواء مساعدة لتقبل الأفكار التي يطرحها الخطيب وهذه مكانة عالية وعظيمة للخطيب وشرف وفضل عظيم، وفي نفس الوقت هي مسؤولية كبيرة وعظيمة وأمانة ثقيلة إما أن يؤديها الخطيب فيكون من قادة المجتمع ونخبه الإيمانية والجهادية، أو يخونها ويبث السموم ويغش الناس ويخادعهم ويضلهم ويثبطهم ويخذلهم ويفرق صفوفهم ويدجنهم للظالمين والمعتدين فيكون من قادة الطابور الخامس وعلى رأس العملاء والمنافقين والمرتزقة والخونة .
العدوان يركز بشكل كبير على المساجد والمنابر
إن أكبر شاهد على تركيز العدو الأمريكي والصهيوني على المساجد والمنابر هو ما يفعله عملاؤهم من آل سعود بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، حيث استخدم النظام السعودي قبل وخلال شن العدوان على اليمن منابر الحرمين الشريفين ومنبر خطبة عرفة في الحج حيث قذف اليمنيين بالشرك ووصفهم بالكفر واتهمهم بالمجوسية وأهدر دمائهم وحرض على العدوان عليهم.
كما لا يخفى كيف تم التركيز على المساجد والمنابر بل وبناء مساجد بتمويل سعودي وقطري وهابي للتغلغل إلى عمق المجتمعات في العالم العربي والإسلامي ومنه اليمن، وكيف كانوا يأتون إلى المساجد ويعملون بعض الترميمات فيها بشرط أن يستولوا على المسجد والمنبر، وكيف ركزوا في الفترة السابقة وبالذات في اليمن على الهيمنة على وزارة الأوقاف والإرشاد عبر الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح)، والكل يعرف كيف تم عزل مئات وآلاف الخطباء واستبدالهم بخطباء ينتمون إليهم ويدينون بالولاء للنظام السعودي على حساب بلادهم اليمن، وفي المناطق التي لم يستطيعوا السيطرة على مساجدها ولم يتقبل أهلها خطباءهم استقدموا خطباء مصريين باسم وزارة الأوقاف والإرشاد والذين تدفع مرتباتهم السعودية بل وصل الحال إلى تدخل السفارة الأمريكية في إعداد برامج تتعلق بالخطباء وتدريبهم.
وقد كان دور الخطباء من الإخوان المسلمين (الإصلاحيون) – إلا من رحم الله – بارزا في تأجيج الخلافات والشحن الطائفي والمذهبي والحزبي، وقد تجلى ذلك في حروب صعدة الست وفي عام 2011م حيث كانوا يحرضون على الاقتتال الداخلي وصولًا إلى تأييد أغلبهم للعدوان السعودي الأمريكي على اليمن، ودعوتهم للقتال تحت مظلة العدوان وتحريضهم الصريح والواضح ضد الجيش واللجان الشعبية والقوى الوطنية.
المسجد جبهة.. والمنبر مترس
من خلال إدراك أهمية دور المسجد والمنبر وتركيز العدو عليهما يتضح لنا أهمية دور الخطيب ومسؤوليته في مواجهة العدوان وأن المسجد حال قيام الخطيب بمسؤوليته ودوره الجهادي بتحريض الناس بالدفاع عن أنفسهم والقتال ضد أعدائهم، فإن المسجد يكون جبهة وعي ينتصر فيها المؤمنون ويتحول المنبر إلى مترس يواجه من خلاله الخطيب كل الحرب المعنوية والتوعوية التي يشنها العدو على الناس.
مسؤولية الخطيب في التعبئة العامة والجهادية ضد العدوان
من واجب الخطيب ومسؤولياته – التي سيُسأل عنها أمام الله تعالى – هو توعية الناس بمكائد العدوان وتفنيد مبرراته والرد على شبهاته وفضح إشاعاته، وتحصين المجتمع من أراجيفه، وفضح مخططاته وأهدافه وكشف وسائله وأساليبه، والتذكير بجرائمه ومجازره وحصاره، والتحذير من الطابور الخامس والمنافقين في الداخل وكشف العلاقة بين مرتزقة الداخل وبين العدوان ثم تعبئة الناس تعبئة جهادية بتحريضهم على القتال ضده ومواجهته واستنفارهم للجهاد في سبيل الله بالمال والنفس وتأكيد أنه لا خيار لنا إلا المواجهة ولا أمل لنا إلا في الله ونصره وتأييده ولا ملجأ إلا بالتوكل والاعتماد عليه والثقة به والإنابة والرجوع إليه.
والمحك الحقيقي لدور الخطيب في مواجهة العدوان هو الدعوة بصدق ومن منطلق الاستشعار بالمسؤولية والواجب ومن باب الضرورة الملحة والحرص على الناس هو الدعوة إلى النفير إلى ميادين الجهاد وهنا يتفاوت الخطباء في القيام بواجبهم وينقسمون إلى قسمين:
القسم الأول: الداعون إلى الجهاد في سبيل الله ومواجهة العدوان
وينقسمون إلى صنفين:
الصنف الأول: الخطباء الذين يقومون بواجبهم الجهادي في جبهة الوعي والتعبئة العامة والجهادية، ويتحرقون شوقًا إلى جبهات القتال ولولا موقعهم الجهادي في جبهة الوعي، لما تأخروا لحظة واحدة عن النفير إلى الجبهات ومشاركة المجاهدين في ميادين الجهاد وساحات المعارك والشرف والفوز بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.
ولذا ترى الخطيب المجاهد يلتحق بالدورات العسكرية القتالية ويزور الجبهات بين الفينة والأخرى ويزور الجرحى ويكون له نشاط فيما يتعلق بموضوع الشهداء وتفقد أسرهم وحث الناس على التفاعل معهم ويكون على جهوزية كاملة واستعداد دائم لخوض المعارك ضد العدوان في أي لحظة تستدعي منه ذلك.
الصنف الثاني: الخطباء الذين يدعون الناس إلى الجهاد والقتال في سبيل الله بالمال والنفس وهم غير مستعدين للجهاد وإنما يعتبرون وظيفتهم الخطابة فقط ودعوة الناس أما هم فكأنهم ليسوا محسوبين على الناس وكأن ليس عليهم واجب الجهاد وهؤلاء يدخلون في قوله تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
فالخطيب من هؤلاء ليس إلا مثل مندوب الفرزة الذي ينادي في فرزة الباصات أو البيجو أو السيارات التي يسافر عليها الناس مقابل أجرة فينادي المسافرين هنا المدينة الفلانية باقي شخص وتمشي السيارة وهكذا وهو باقي مكانه لا يتحرك ولا يسافر ثم يأخذ أجرة مقابل صياحه ويعود إلى بيته، وقد يكون الخطيب غير الواعي مثله حيث ينادي الناس ويدعوهم إلى الجهاد وهو غير مستعد أن ينفر إلى الجهاد إذا تطلب الوضع ذهابه إلى القتال في الجبهة ويبقى في بيته ويكون حاله كحال ذلك الخطيب الذي كان يخطب عن الصدقة وكان بيته بجوار المسجد فسمعت زوجته الخطبة وتأثرت فقامت وتصدقت بالغداء وحين عاد إلى بيته لتناول الغداء فلم يجد شيئا فنهرها وصرخ في وجهها وأخبرها أنه يخاطب الناس ولا يخاطبها ويعظهم ولا يعظها وحذرها أن تعود لمثلها.
والعجيب أن بعض الخطباء يتحدثون عن الجهاد ولكنهم يمنعون أقربائهم من الذهاب إلى الجبهات ولله في خلقه شؤون.
القسم الثاني: خطباء لا يتحدثون عن الجهاد ولا يستنفرون الناس لمواجهة العدوان وينقسمون إلى خمسة أصناف:
الصنف الأول: متواطئون مع العدوان عن سبق إصرار وترصد
يمر الأسبوع ويأتي يوم الجمعة بعد مجازر ارتكبها العدوان بحق الناس ويصعد الخطيب إلى المنبر على وقع أصوات أزيز الطائرات المعادية وأصوات انفجار الغارات ويبدأ بإلقاء الخطبة وكأنه يعيش في عالم آخر وكأن ليس هناك عدوان ولو استطاع أن يؤيد العدوان صراحة لفعل لولا أنه في المناطق الحرة التي يحميها الجيش واللجان الشعبية.
ولذلك يعمد إلى طرح مواضيع هامشية أو جانبية أو ثانوية هروبًا من مسؤولية التحدث عن جرائم العدوان ويطرح أن ما يجري هو فتنة ومسلم يقتل مسلمًا بهدف التخذيل عن الجهاد ضد العدوان، ويدعو آخر الخطبة ويقول: اللهم عليك بمن اعتدى علينا ولا يحدد من الذي اعتدى ولا يذكر آل سعود ولا المرتزقة ولا الإمارات أو غيرها وهو يضمر في نفسه أن الجيش واللجان الشعبية هي من اعتدت على الشرعية حسب فهمه ويدعو أيضًا ويقول: «لا رحم الله من كان السبب» ولا يوضح من هو المسبب وهو يضمر في نفسه أنصار الله أو المجاهدين في الجبهات أو القوى الوطنية التي يعتبرها انقلابية حسب ثقافته.
فيكون حال هؤلاء كما قال الله تعالى عن بلعم بن باعوراء: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
الصنف الثاني: متواطئون مع العدوان من حيث لا يشعرون
هذا القسم من الخطباء هم نفس الخطباء السابقين مع فارق أنهم غير واعين لما يجري ولذلك يتحدثون وكأن الحق غير واضح وأن ما يجري هو صراع على الكراسي أو بين إيران والسعودية، ويدعو اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه فيثير الشكوك بين المجتمع والاضطراب ويقول: «هذه فتنة فكن في الفتنة كابن اللبون» و«هذه فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي» و…إلخ و«إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار».
وهذه كارثة حقيقية فإذا لم يكن الخطيب واعياً فكيف يهدي الناس ويقوم بواجب التوعية لهم ويكون حاله كما قال الشاعر:
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة أو إن كنت تدري فالمصيبة أعظم.
وينطبق على هؤلاء قول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا)
الصنف الثالث: جبناء يكتمون الحق يخافون من الاستهداف ويداهنون الناس
هناك من الخطباء من يعرفون أن العدوان على الباطل وأننا كشعب يمني على الحق ندافع عن أنفسنا وكرامتنا وديننا وأرضنا وعرضنا ولكنهم جبناء يهابون من تحمل المسؤولية ويخافون ردود أفعال الناس الذين لا يريدون تحمل المسؤولية ويهربون من أداء الواجب ولا يريدون إقامة الحجة عليهم، ويغلفون جبنهم وضعفهم بأن القعود أسلم ومسلم يقتل مسلما ويضخم بعض الأخطاء الصغيرة التي قد يقع فيها المجاهدون ويهولها وهكذا، ولذلك تنعكس نفسية الخطيب وضعف شخصيته على طرحه وخطبته لا يؤثر في الناس بل يؤثرون هم فيه فتراه يحاول إلهاء الناس فلا يتعرض بالحديث عن العدوان ويكتم الحق في هذا الشأن ولا يدعو للجهاد وهو يعلم وجوب ذلك وحين ينتهي من الخطبة وصلاة الجمعة يتجمهر بعض الناس حوله يسلمون عليه ويمتدحونه أنه خطيب معتدل ووسطي وغير متحزب وأن خطبته عظيمة وليس فيها سياسة ويشجعونه على الاستمرار على هذا المنوال، والحقيقة أنه يخدعهم ويخدعونه وهو يهرب من مسؤوليته وهم يهربون من تحمل مسؤوليتهم وحاله كالغشاش الذي يغش الناس في دينهم ويدس لهم السم في العسل.
وينطبق على هؤلاء قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
الصنف الرابع: يتحدثون عن العدوان لكنهم لا يدعون إلى مواجهته
هناك نوع من الخطباء يتحدثون عن العدوان بطريقة سلبية فلا يستنفرون المجتمع لمواجهته ولا يستنهضونه للقتال ضده والانفاق والجهاد في سبيل الله.
فتراهم يصفون العدوان ويسردون بعضًا من جرائمه ومجازره ويتكلمون عن ظلم السعودية وأمريكا ولكنهم لا يشيرون إلى مرتزقة الداخل ولا يحرضون على القتال ضد العدوان بل يحملون المسؤولية الجيش واللجان الشعبية ويعتبرونهم من جلبوا العدوان ويكتفون بالدعاء على العدوان وحينًا يعتبرون العدوان ابتلاء من الله – وهو كذلك – لكنهم يدعون إلى الصبر بمعنى القعود ولا يستنهضون للجهاد ضده ولا يوضحون أن العدوان ابتلاء ليميز الله الخبيث من الطيب والمجاهد من القاعد وحينًا يعتبرون الجهاد عقوبة من الله تعالى على الذنوب وقد يكون كذلك لكنهم يدعون إلى التوبة والاستغفار ولا يعتبرون الجهاد توبة ومكفرًا للسيئات وسببًا للمغفرة ويدعون إلى بعض العبادات ويسردون لها الفضائل الكثيرة وأنها من موجبات المغفرة و.. إلخ وكأنها تغني عن الجهاد مما يجعل الناس يركنون إليها ويعتقدون أنهم رابحون بهذا الثواب العظيم بدون تعب وتضحية كما يفعل المجاهدون.
الصنف الخامس: ومن هؤلاء الخطباء من يدعون إلى الجهاد في جبهات الحدود فقط
هذا الصنف من الخطباء لا يعتبرون القتال في جبهات الداخل جهادًا، رغم أن المرتزقة من الجنجويد السودانيين وبلاك ووتر وداين جروب والدواعش والقاعدة يقاتلون فيها ورغم أن جبهات الحدود يقاتل فيها أيضًا مرتزقة من الداخل اليمني وهذا تفريق ما أنزل الله به من سلطان .