تجاوزت بعض الدول العربية التي باتت تُسمى بـ”المعتدلة”، محطات جديدة في علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتجاوزت كل المحظورات التي كانت موضوعة في السابق، لتكتب تاريخاً جديداً عنوانه البارز “إسرائيل حليف ولم تعد عدواً”.
اتصالات ولقاءات سرية يعلن عنها بين الحين والآخر، كانت تجري بين وفود عربية “مصرية-سعودية-إماراتية- بحرينية” مع مسؤولين إسرائيليين، نجحت- بحسب مراقبين ومحللين- بفتح باب كبير في تاريخ العلاقات مع دولة الاحتلال، نقلهم من مرحلة السرية للتطبيع العلني والرسمي.
فالسعودية، التي كشفت مصادر إسرائيلية في أكتوبر الماضي زيارة ولي عهدها محمد بن سلمان لتل أبيب، عبدت الطريق لجارتها البحرين، لتكون الدولة الثانية التي تدخل هذا الباب؛ إذ كشفت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى في السلطة لـ”الخليج أونلاين”، عن زيارة قريبة وتاريخية لمسؤولين كبار من دولة البحرين لـ”إسرائيل”، خلال الأسابيع المقبلة، ستهيئ الأجواء لزيارة الملك حمد بن عيسى، لدولة الاحتلال.
وأكدت أن هناك ترتيبات سرية تجري على قدم وساق بين دولة البحرين ومسؤولين إسرائيليين للتجهيز للزيارة المقبلة، التي وصفت بأنها “تاريخية”، وقد تمهد لمرحلة أكبر من المتوقع في تاريخ العلاقات بين الدولة العربية “المعتدلة” ودولة الاحتلال.
خطوة تاريخية
في يونيو الماضي، نقل “i24NEW” العبري، عن مسؤول بحريني رفيع المستوى قوله: إن “المنامة ستكون أول دولة خليجية تعلن عن علاقات دبلوماسية مع إسرائيل التي لم تصبح عدواً”، معتبراً أن التقارب بين المنامة ودولة الاحتلال “لن يتعارض مع المبادئ الأساسية للبحرين”.
زيارة الوفد البحريني الذي يضم “سياسيين وإعلاميين وشخصيات دينية”، بحسب المصادر الفلسطينية، ستركز في إطارها الأول على تعميق العلاقات الثنائية بين الجانبين “الأمنية، والسياسية، والعسكرية وحتى الثقافية”، وإمكانية تطويرها لمراحل أكثر تقدماً خلال الفترة المقبلة.
وزادت المصادر لـ”الخليج أونلاين”: “الوفد البحريني سيستغل فرصة زيارته الكبيرة والتاريخية لإسرائيل، لإقامة علاقات دبلوماسية رفيعة المستوى مع دولة الاحتلال، التي أصبحت حليفاً لا عدواً، بحسب الأفكار التي تروجها المملكة العربية السعودية، وتريد باقي الدول العربية أن تتبناها”.
وكشفت المصادر ذاتها أن هناك توجهات رسمية لدى البحرين لأن يقوم الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، لزيارة “تل أبيب” في حال نضجت تلك الاتصالات ووصلت العلاقات إلى مرحلة متقدمة.
وتوقعت أن تشهد المرحلة المقبلة تطوراً لافتاً في تاريخ العلاقات بين المنامة وتل أبيب، “خاصة أنها أخذت ضوءاً أخضر من دول عربية على رأسها السعودية والإمارات، للدخول بمرحلة علاقات علنية ورسمية مع دولة الاحتلال”.
يُشار إلى أن العلاقات بين البحرين و”إسرائيل” تشهد تطوّراً وصل إلى حدّ التطبيع في مجالات سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية، منها مشاركة وفد بحريني بسباق “طواف إيطاليا”، الذي يهدف إلى تبييض صورة الاحتلال.
كما جمعتهما علاقات سرّية على مستوى عالٍ في السنوات الأخيرة، والتقى مسؤولون بحرينيون وإسرائيليون عدة مرّات في أوروبا، وعلى هامش الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، وفق ما كشفت سابقاً صحيفة “هآرتس” العبرية.
تاريخ أسود
وتعقيباً على هذه التطورات، أكد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، أن الدول العربية “بدأت بصناعة تاريخ أسود لها من دولة الاحتلال الإسرائيلي”.
وفي تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين”، اتهم الدول العربية “المطبعة” بأنها تسعى لعلاقات قوية ومميزة مع “إسرائيل” رغم كل الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، معتبراً هذه الخطوة بأنها “خيانة عربية لا يمكن للفلسطينيين أن يقبلوا بها”.
ولفت خريشة إلى أن الدول العربية “باتت تعتبر دولة الاحتلال حليفاً في المنطقة لا عدواً، ومن ثم فإقامة علاقات أمنية وسياسية وعسكرية وتجارية وثقافية معه أمر ضروري وملح في هذه الفترة الذهبية بالنسبة لهم، التي تعتبر بالنسبة للفلسطينيين نكبة جديدة”.
ودعا النائب في المجلس التشريعي، الدول العربية إلى دعم الفلسطينيين وقضيتهم، وعدم تقديم أطواق النجاة والدعم لدولة الاحتلال، من خلال أبواب التطبيع والعلاقات الثنائية، مؤكداً أن ذلك يضر بالقضية ويلمع وجه الاحتلال الدموي.
وفي مايو الماضي، قال وزير خارجية البحرين في تصريحات غير مسبوقة: إنه “من حقّ الدولة العبرية الدفاع عن نفسها ضد إيران”، وذلك بعد إطلاق 20 صاروخاً تجاه الأراضي المحتلّة من سوريا.
وخلال فبراير 2018، قال وزير الاتصالات في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أيوب قرا، إنه التقى أميراً بحرينياً يُدعى مبارك آل خليفة في “تل أبيب”، وذلك للمرة الأولى وبشكل علنيّ.
ورسمياً ترتبط “إسرائيل” بعلاقات دبلوماسية فقط مع الأردن ومصر، لكن الفترة الأخيرة شهدت تقارباً غير مسبوق من جهة السعودية والإمارات والبحرين، الذين يسيرون في طريق التطبيع العلني مع الاحتلال.
وتحرص “إسرائيل” بشكل دائم على إخفاء أسماء الدول العربية التي تُقيم علاقات سياسية واقتصادية أو أمنيّة معها؛ خوفاً من المواقف الشعبية والرسمية الرافضة للاحتلال.