المرجفون ومتطلبات المرحلة
عبدالفتاح علي البنوس
يعيشون بيننا وفي أوساطنا ، يشاهدون بأعينهم ، ويعايشون بأنفسهم ذات الظروف التي نعيشها ،والأوضاع التي نشهدها ، يدركون كما ندرك حقيقة ما يجري وما يشن علينا من عدوان ، وما يفرض علينا من حصار ، وما تمارس علينا من ضغوطات ، وما ترتكب في حقنا من جرائم ومذابح ، وما يساق حولنا من تهم باطلة ، وأكاذيب ملفقة ، وإدعاءات كاذبة ، يسمعون قصف الطائرات ، ويشاهدون ضحايا هذا القصف والمناطق المستهدفة والتي لا علاقة لها بالأهداف والمواقع التي يعلن الأعداء بأنهم استهدفوها جراء هذا القصف ، يستهدفون مخيما للنازحين ويعلنون بأنهم استهدفوا تجمعا للمليشيات الحوثية حسب تعبيرهم ، يقصفون عرسا ويقولون بأنهم استهدفوا مخازن لأسلحة الانقلابيين ، كل ذلك عندهم لا قيمة له ما داموا سيحصلون على ثمن المهمة التي أوكلت إليهم ، وهي الإرجاف والتثبيط وخلخلة الجبهة الداخلية .
المرجفون هم محور حديثنا اليوم ، هذه الشريحة التي باعت نفسها وضميرها ودينها بثمن بخس لقوى العدوان ومرتزقهم من النفعيين والإنتهازيين الذين أزعجتهم ثورة 21سبتمبر وأصابتهم في مقتل ، ومنذ قيامها وهم ينسجون خيوط التآمر عليها ويسعون لتشويهها والنيل من القوى الثورية التي قامت بها ، ويحاولون نسف إنجازاتها والتي لو لم يكف منها سوى تحرر القرار اليمني من الوصاية والتبعية السعودية والخروج من بيت الطاعة السعودي ، طابور المرجفين (شغال قرعة دون توقف ) يتحركون في كل مكان بحسب طبيعة الدور المنوط بهم ،هذا في المسجد ، وذاك في القهوة ، وذاك في المطعم ، وذاك في مجلس القات ، وذاك في المدرسة ، وذاك في الجامعة ، وذاك في القناة الفضائية ، وذاك في شبكات التواصل الاجتماعي ، وذاك في السوق ، وفوق الباص أو السيارة ، وفي الطرقات ، يتحركون لنشر الأراجيف والشائعات والأكاذيب لإرهاب المواطنين وإرعابهم وتهويل الأحداث ، وقلب الحقائق ، خدمة لقوى العدوان والغزو والاحتلال .
يفبركون الأحداث ويخترعون بعضها لتشويه الأطراف الوطنية الواقفة ضد العدوان ، يتحدثون عن تحركات وحشود الأعداء بتهويل وتضخيم المراد منه بث حالة من الرعب والقلق في أوساطهم ، والدفع بهم نحو الخنوع والخضوع والاستسلام ، يوظفون الحوادث العادية والخلافات العابرة لخدمة العدوان ، يغرقون في الترويج للانتصارات والتقدمات ، وهذا يقول بأن واحد صاحبه في الحديدة اتصل له وقال له بأن المطار سقط بيد الشرعية حد تعبيره ، وآخر يتحدث عن انتفاضة شعبية مزعومة في الحديدة ، وثالث يقول بأن الحديدة باتت محررة ، ورابع يدعي استسلام الجيش واللجان الشعبية ، هذا على الصعيد الميداني العسكري ، أما في الجوانب الأخرى فحدث ولا حرج ، يلعبون بورقة المرتبات ويتهمون القوى الوطنية بقطعها ، ويروجون لأزمات تموينية خطيرة بغرص إثارة حالة الهلع في أوساط المواطنين ، ولا يتورعون عن الكذب والتدليس والتلبيس على الناس ، ولا يخجلون من عدم وقوع ما يروجون له ، لأنهم باتوا مجردين من الحياء والإيمان ، فصارعت تحركاتهم وتصرفاتهم وأحاديثهم مشبعة بالكذب والافتراء ، وهذه هي واحدة من وسائل الحرب الناعمة التي تشن ضد بلادنا وفق خطط وبرامج مدروسة ومرسومة بدقة وعناية.
لذا علينا أن لا نتساهل في هذا الجانب ، ويجب أن نعي وندرك خطورة هذه الحرب ، والعناصر التي تقوم بها ، فالمسألة ليست عبارة عن مجرد (بقبقة ) و (هدار ) ، المسألة منظمة ومدروسة وعلينا أن نتصدى لهذه الحرب كما يتصدى ويتصدر أبطالنا للحرب العسكرية ، فالمرجف ينشط بفاعلية ، ومواجهته ونسف نشاطه يتطلب فاعلية مضادة ومؤثرة ومقارعته بالحجة الدامغة والدليل القاطع ، وعلينا أيضا تقديم النصح للمرجفين بالكف عن إرجافهم وخدمتهم للعدو ، فإن قبلوا فبها ، وإن أصروا على غيهم فلا بأس في الإبلاغ عنهم ليأمن المجتمع من شرورهم المستطيرة وخصوصا في ظل المرحلة الراهنة والتي يصعد فيها الأعداء في جبهة الساحل الغربي معتمدا على المرجفين والمنافقين والخونة لمساعدته في التوغل والإختراق.
بالمختصر المفيد، المرجفون هم جزء لا يتجزأ من العدوان والتصدي لهم وتعريتهم وفضحهم على الملأ يمثل جبهة وطنية بالغة التأثير ، وعلى الجميع التجند والترصد لإفشالهم وتحصين المجتمع من مخاطرهم وأضرارهم ، وتوعية المواطنين بأساليبهم وأدواتهم والبيئة التي يتوغلون فيها ، والتوقيت الذي ينشطون فيه ، باعتبار ذلك واجبا وطنيا على كل يمني شريف غيور على أرضه وعرضه .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .