علي الدمشقي
خطوات تعسفية تهجيرية تريد منها سلطات الاحتلال الاسرائيلي طرد وترحيل اهالي الخان الاحمر بشكل نهائي عن التجمع، الذي يقطنه 181 فلسطينياً اكثر من نصفهم من الاطفال، علماً ان ارض التجمع مملوكة بالكامل ومسجلة في الطابو لأهالي بلدة “عناتا” المجاورة.
مخططات الاحتلال استدعت القيام بسلسلة اجراءات وانتهاكات على مدار سنوات كان اخرها عملية قياس ومسح للخان الاحمر نفذه ممثل ما يسمى بالادارة المدنية في حين كانت قد صادقت محكمة الاحتلال أواخر مايو الماضي على هدم قرية الجهالين في الخان الاحمر والمدرسة التي اقيمت هناك في اي توقيت تراه مناسباً.
وبحسب تقرير سابق نشرته صحيفة هآرتس فإن هدم الخان الاحمر يأتي ضمن مخطط استيطاني لاقامة 92 وحدة استيطانية اخرى في مستوطنة “كفار ادوميم” علما ان هذه الوحدات تقع على بعد نحو كيلو متراً واحد من التجمع.
وتظهر المعلومات ان المخطط الاستيطاني المراد تنفيذه يمتد على مساحة 145 دونماً وهو جزء من مخطط اكبر لبناء اكثر من 320 وحدة استيطانية تمت المصادقة عليه في فبراير من العام 2017م .
وتهدف سلطات الاحتلال من وراء هدم الخان الاحمر الى تنفيذ المخطط الاستيطاني E1 والذي يقضي بمحاصرة مدينة القدس بالمستوطنين وصولاً الى مشروع القدس الكبرى.
وازاء ذلك يدعو الناشطون الفلسطينيون والمتضامنون الاجانب الى تحركات اوسع لمنع تنفيذ مشاريع الكيان الصهيوني والتوقف عن عبارات الشجب والاستنكار الذي لم تعد تجدي نفعاً مع عدو محتل.
الخان الاحمر الفلسطيني يتحدى الهدم والاهالي يرابطون
داهمت قوات الاحتلال تجمّع الخان الأحمر بالقدس المحتلة، وسلمت المواطنين أوامر هدم لمنازلهم لتحل محلها وحدات استيطانية واقامة مستوطنة على أراض الخان، معلنة التجمع البدوي، منطقة عسكرية مغلقة، وأغلقت جميع الطرق الداخلية في التجمع والطرق المؤدية إليه، حاولت جرافته أن تبدأ بعملية الهدم لكن الشبان الفلسطينيين كانوا لها بالمرصاد وتصدوا لقوات الاحتلال وجرافاته واندلعت مواجهات عنيفة، اصيب خلالها 35 فلسطينياً، واعتقل 10 آخرون، أثناء تفريق جيش الاحتلال الفلسطينيين والناشطين الذين حاولوا التصدي لآلياته.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان، إن طواقمها، قدمت العلاج لـ 35 فلسطينياً، نقل أربعة منهم للعلاج في المستشفيات، أثناء تفريق الجيش لتجمع ناشطين في الخان الأحمر. وقال سكان محليون إن الجيش الإسرائيلي اعتقل عشرة ناشطين بينهم سيدة، خلال تفريق الحشد.
وتعليقاً على همجية الاحتلال، أدانت الحكومة الفلسطينية مهاجمة الجيش الإسرائيلي للتجمعين. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود إن الاعتداء الإسرائيلي على التجمع “يعدّ استمراراً لتنفيذ جرائم التهجير الرهيبة التي انتهجتها إسرائيل منذ عام النكبة 1948م”.
وأضاف في بيان إن “ما تقترفه قوات الاحتلال ضد الخان الاحمر يضاف إلى سلسلة الجرائم بحق الأرض والشعب الفلسطيني، وإلى الاعتداء على القانون الدولي الذي يحظر على السلطة القائمة بالاحتلال هدم ممتلكات المواطنين وتهجيرهم، والاعتداء على ممتلكاتهم سواء بالمصادرة أو بالتخريب والتدمير”.
بدورها، اعتبرت حركة “حماس” على لسان المتحدث باسمها حازم قاسم، أن “الهجمة التي تقوم بها سلطات الاحتلال ضد أهالي الخان الأحمر، امتداد لسياسة التطهير العنصري التي مارستها الحركة الصهيونية من قبل إقامة كيان الاحتلال”. وأضافت الحركة إن هذه “سياسة مستمرة تكشف عنصرية المحتل وإرهابه”.
من جانبها حركة “الجهاد الإسلامي” قالت في بيان، إن “هدم الاحتلال الإسرائيلي منازل الفلسطينيين في الخان الأحمر، شرق القدس، عدوان جديد على شعبنا”. وتابعت إن “هذا العدوان الجديد يأتي في سياق التوسع الاستيطاني في القدس وسائر فلسطين”.
التفكجي : هدفان اثنان يخدمان أحلام الكيان من تهجير التجمعات البدوية
ويقول خبير الاستيطان ورئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، خليل التفكجي، إن هذا الإصرار الاحتلال على تهجير واقتلاع البدو من بادية القدس والغور له هدفين أساسيين: الهدف المحلي تنفيذ مشروع القدس عام ????م المطلق عليه “مشروع ????”.
وأوضح التفكجي أن هذا المشروع يقضي بإقامة أكبر مطار في “إسرائيل” في منطقة النبي موسى لاستقبال ?? مليون مسافر و?? مليون سائح وإقامة شبكة من الطرق والسكك الحديدية والمناطق الصناعية والتجارية والسياحية تضم مجموعة من الفنادق، مشيراً إلى أن هذه المنطقة سترتبط بالسياحة العلاجية في البحر الميت وبالسياحة الدينية في مدينة القدس.
وأضاف التفكجي أن هذا المشروع يأتي ضمن ما يسمى “القدس الكبرى” حسب المفهوم “الإسرائيلي”، وعدم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها شرقي القدس.
أما الهدف الثاني – بحسب الخبير الفلسطيني- فهو إقليمي، لأن الاحتلال “الإسرائيلي” ينظر إلى نفسه نقطة وصل ما بين أوروبا والشرق الأوسط، وهذا يقضي بفتح “جسر الملك عبد الله” المغلق حالياً لربط الكيان بالأردن وبباقي دول المنطقة شرقاً.
ونبه إلى أنه في مطلع العام المقبل ????م سيفتتح الجزء الواصل ما بين المنطقة الساحلية يافا والقدس، وفي ختام المشروع ستفتح منطقة “النبي موسى” والأغوار والمطار المنوي إقامته، علماً أن الجزء الشمالي من هذا المشروع افتتح ما بين حيفا ومنطقة بيسان والذي يمتد إلى الأردن ودول الجوار/بيسان – حيفا خط سكة الحديد جاهز والمنطق الصناعية في غضون ?? شهرا ستكون جاهزة.
الدولار الأمريكي والأبعاد الأمنية
وأوضح التفكجي أن تهجير الخان الأحمر، والبدو من غور الأردن، جزء من الرؤية والمخطط “الإسرائيلي” القديم؛ فمنطقة الغور غير قابل للتفاوض بحجج أمنية، ولكن الهدف الأساسي هو وضع التجمعات الفلسطينية بين المطرقة والسندان، أي حصر الوجود الفلسطيني بين الجدار من الغرب والغور ومستوطناته من الشرق، تحت “السيادة الإسرائيلية” وفق تصريحات المستويين السياسي والعسكري والأمني “الإسرائيلي”.
وأشار إلى أن عملية تفريغ الأغوار ومنطقة بادية القدس من التجمعات البدوية عملية كانت تجري ببطء والآن سرعت بسبب الدعم الأمريكي المباشر للرؤية “الإسرائيلية” لأنها تعيق العديد من المشاريع الاستيطانية والاستراتيجية “الإسرائيلية”، وما هي إلا عملية تطهير عرقي للفلسطينيين من الغور.
وذكر التفكجي أن من ضمن رؤية ????م سلسلة مشاريع (الرف) وضعت في العام ????م، وطرح “شارع نسيج الحياة” الذي يربط بين جنوب الضفة الغربية مع شماله عن طريق أريحا دون دخول المناطق المنوي تفريغها من العرب، وهو ” الطريق رقم 45 “ بعنوان “الرؤية “الإسرائيلية” للدولة الفلسطينية المتواصلة جغرافيا”.
وبين أن هذا الشارع سيتكون من مسلكين لحركة السير الفلسطينية و”الإسرائيلية”، كل منها على حدا وبعرض 16 مترا لكل مسلك وسيفصل بين المسلكين جدار إسمنتي بارتفاع خمسة أمتار تعلوه الأسلاك الشائكة والمكهربة، والمسلك المخصص لتنقل الفلسطينيين سوف يحتوي على أنفاق وجسور، وسيكون بإمكان الفلسطينيين استخدامها للوصول من المحافظات الجنوبية للضفة الغربية إلى الشمالية منها ولكن بدون التمكن من الدخول إلى مدينة القدس.
ولازال الخطر قائماً
تمكن محامي “هيئة مقاومة الجدار والاستيطان” من الحصول على أمر احترازي بوقف هدم التجمع البدوي “الخان الأحمر” شرق القدس حتى البت في التماس مقدم في القضية، ولكن سلطات الاحتلال تسعى بعد ضم شرقي القدس، إلى تهويد المنطقة “ج” ومن ضمنها الأغوار التي تشكل 28% من مساحة الضفة، وقد أعلنت السلطات قبل أعوام عدة، خطة لبناء مستوطنة تسمى “E1” تضم أحياء متفرقة في المنطقة الممتدة من شرقيّ القدس حتى نهر الأردن.
وهدمت قوات الاحتلال في العامين الأخيرين نحو ألف منزل في المنطقة “ج”، 75% منها تقع في محيط مدينة القدس والأغوار، فيما هدمت الأربعاء الماضي، عددًا من البيوت في تجمع بدوي آخر قريب يسمى “تجمع أبو نوار”.