يلتقي قادة 27 دولة أوروبية اليوم ببروكسل، في قمة تطغى عليها أزمة الهجرة، وسط انقسامات بين الدول الأعضاء، لا سيما بين فرنسا وإيطاليا. ومن بين أهم المقترحات المطروحة أمام القمة تعزيز الحدود الأوروبية، وإنشاء منصات استقبال للمهاجرين خارج أوروبا، وتعزيز دعم البلدان التي يغادر منها المهاجرون.
يسعى قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمتهم المنعقدة الخميس والجمعة في بروكسل إلى تجاوز الانقسامات حول أزمة الهجرة، والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة على خلفية رفض إيطاليا استقبال عدة سفن تقل مهاجرين.
وتأتي “قمة القمم” بحسب تعبير مسؤول أوروبي نسبة إلى جدول أعمالها الحافل، في ختام أكثر من أسبوعين من الاحتكاكات حول سفن مهاجرين تمت إغاثتهم في المتوسط ورفضت الحكومة الإيطالية الشعبوية السماح لها بالرسو على شواطئها.
وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الأربعاء أن “الجدل حول حركات الهجرة يزداد حدة” مبديا مخاوفه في حال عدم التوصل إلى حل، من أن يؤدي الوضع إلى “تعزيز حجج” حركات شعبوية تبدي “ميلا واضحا إلى التسلط”.
وحذر توسك في رسالة الدعوة الموجهة إلى قادة الدول الـ28 بأن “الرهانات عالية جدا، والوقت يدهم”، مشيرا إلى أن حركة وصول المهاجرين إلى السواحل الأوروبية تراجعت بشكل حاد بالمقارنة مع التدفق الذي سجل في خريف 2015.
وبالرغم من أن المراقبين يستبعدون التوصل إلى “حل أوروبي” لمسألة الهجرة خلال تلك القمة، إلا أن العديد من الاقتراحات مطروحة على جدول الأعمال، خاصة تلك المتعلقة بإنشاء مراكز لاستقبال المهاجرين خارج أوروبا.
وفي الوقت الذي يتفق فيه القادة الأوروبيون على ضرورة وقف تدفق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، تظل الخلافات بينهم قائمة حول تقاسم مسؤولية استقبال المهاجرين المتواجدين بالفعل على الأراضي الأوروبية.
وخلال السنوات القليلة الماضية، سعت دول الاتحاد إلى منع تدفق الهجرة غير الشرعية إلى أراضيها عن طريق إبرام اتفاق مع تركيا، ودعم قوات خفر السواحل الليبية.
وفي قمة بروكسل الحالية، سيكون على قادة الاتحاد مواصلة جهودهم في هذا الاتجاه، وتكثيف الضغوط على الدول الأفريقية من أجل منع الهجرة غير الشرعية وقبول عودة رعاياهم الذين يرفض الاتحاد الأوروبي استقبالهم كمهاجرين.
وبالإضافة إلى ذلك، يتم طرح فكرة إنشاء شرطة لمراقبة الحدود قوية قوامها 10 آلاف شخص.
ولكن تبقى مسألة التمويل اللازم لتلك الإجراءات محل خلافات بين الدول الأوروبية، كما هو الحال بالنسبة للأموال التي وعد بها الاتحاد لتركيا وفق الاتفاق المبرم بين الطرفين.
من جانبها، تقترح النمسا خطا متشددا بالنسبة للهجرة، يهدف إلى تثبيط المهاجرين غير الشرعيين، عن طريق فرض على من يريد اللجوء إلى أوروبا تقديم طلبات اللجوء حصريا خارج الاتحاد، وعلى أن يتم رفض قطيعا أي طلبات أخرى دون ذلك.
وسيناقش القادة الأوروبيون فكرة إنشاء منصات وصول إقليمية خارج أوروبا، بالتوافق مع بعض الدول مثل تونس، وحثها على قبول إنشاء تلك المراكز على أراضيها.
وتخيم الخلافات بين دول فيسيغراد (بولندا والمجر والتشيك وسلوفاكيا) والتي ترفض إعادة توزيع المهاجرين، مدعومة من النمسا، وبين ألمانيا وفرنسا من جهة أخرى.
وإنزال المهاجرين خارج الاتحاد الأوروبي سيجنب الأوروبيين الصراعات الدبلوماسية حول استقبال السفن، لكن ملامح المشروع لا تزال غامضة، كما أنه يطرح العديد من الأسئلة حول احترامه أحكام القانون الدولي.
كما يتوقع أن يدعو النص الذي يفترض أن يتفق عليها القادة الأوروبيون الخميس الدول الأعضاء إلى اتخاذ تدابير ضد “حركات (هجرة) الثانوية” الواقعة في قلب الجدل السياسي في ألمانيا، بما في ذلك من خلال اتفاقات في ما بينهم طبقا لما تدعو إليه أنغيلا ميركل الخاضعة لضغوط حلفائها البافاريين المحافظين من الاتحاد المسيحي الاجتماعي.
وبعيدا عن أزمة الهجرة، ستكشف المناقشات التي ستجري الجمعة بين 27 رئيس دولة وحكومة بغياب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، عن الانقسامات التي لا تزال قائمة حول مستقبل منطقة اليورو ومسألة استحداث ميزانية أوروبية، وفق مشروع طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غير أنه يواجه مقاومة شديدة.
أما مسالة المفاوضات الصعبة حول بريكسيت التي سيستعرض القادة الأوروبيون حصيلتها، وهي من المواضيع النادرة التي تقف البلدان الـ27 صفا واحدا بشأنها، فستأتي في المرتبة الثانية من الاهتمامات.
وستدافع المستشارة مع ماكرون الجمعة عن خارطة طريقهما المشتركة لمنطقة اليورو.
غير أن عرضهما بإنشاء ميزانية لمنطقة اليورو، وهو عرض متواضع بالمقارنة مع طموح فرنسا الأساسي، يواجه مقاومة شديدة بين الدول الأعضاء وفي طليعتها هولندا، ومن غير المتوقع إدراجه بشكل صريح في استخلاصات القمة الختامية.