الأسرة /خاص
المشاهد والصور لأطفال ونساء تهامة والحديدة ممن أصابهم الجوع وسوء التغذية باتت تعبر بوضوح عن حجم المأساة والمعاناة الإنسانية المتفاقمة جراء العدوان والحصار والاستهداف الممنهج من قبل طائرات السعودية للمزارع وقوارب الصيادين في أماكن وتجمعات الصيادين التقليديين على طول الساحل الغربي وفي القرى المتناثرة في الريف التهامي حيث فقد الناس هناك أعمالهم ومصادر ارزقاهم وأصبحوا في انتظار الموت جوعا على مرأى ومسمع من العالم كله دون أن يفعل شيئا لتلافي هذه الكارثة الإنسانية الكبيرة.
استغاثات وتجاهل
القلق والرعب تلاحظهما بوضوح مرتسمين على وجوه النساء وأطفال الصيادين فمع كل رحلة بحرية يخوضها الرجال يكون الرعب والخوف من المجهول قد بلغ ذروته في نفوس ذوي الصيادين..
وعلى الرغم من الدعوات ونداءات الاستغاثة التي توجهها ولا تزال المنظمات الإنسانية المحلية والدولية عن خطورة الوضع الإنساني المتفاقم في اليمن بسبب الحرب والحصار إلا أن التجاهل لا يزال سمة المجتمع الدولي ومؤسساته الكبرى ولعل آخر تلك التحذيرات ما أكد عليه منسقو الشؤون الإنسانية بان مابين اليمن وحدوث المجاعة خطوة واحدة وان الطبقة الوسطى في اليمن أصبحت في عداد أولئك الأشخاص غير القادرين على وضع الأكل على موائد أطفالهم.
ويضيف المسؤولون في برنامج الغذاء العالمي أن الكثير من اليمنيين أصبحوا غير قادرين على شراء الطعام لأطفالهم لأنهم لم يحصلوا على رواتبهم مؤكدين أن الجوع في اليمن تحول إلى وباء.
ودعا المدير الإقليمي لبرنامج الغذاء العالمي إلى سرعة توفير المساعدات اللازمة مشيرا إلى أن البرنامج يحتاج الى 60مليون دولار والكثير من الدعم السياسي من قبل المجتمع الدولي لوقف الحرب وإنقاذ ملايين اليمنيين الذين يفتقرون للغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية.
المسببات
وتسبب العدوان على اليمن بقيادة السعودية في توقف النشاط الاقتصادي في البلاد، إضافة إلى توقف كامل لعائدات النفط التي كانت تغطي نحو 70% من ميزانية الدولة؛ ما أدى إلى ضعف توليد الكهرباء وشح الوقود وإغلاق العديد من المصانع الكبيرة والصغيرة، ما تسبب في خسارة مئات الآلاف من العمال لأعمالهم وخروج الشركات الأجنبية والمنظمات الدولية من اليمن وسحب أموالها أو تعليق أعمالها لأجل غير محدد.
أوضاع الناس في المناطق المتضررة أصبحت كارثية للغاية فلم يعد لديهم قيمة الغذاء أو شراء مستلزمات أطفالهم الضرورية والمساعدات التي تقدمها بعض المنظمات والجمعيات لا تستطيع أن تستهدف كل المتضررين لأن القصف يحول بينها وبين الدخول إلى بعض المناطق حيث يتم قصف المارة والسيارات التابعة للجمعيات وإن الهجمات المتعمدة على الأسواق والمنازل والتجمعات انتهاك واضح وصريح لقواعد القانون الإنساني الدولي وإن السعودية وحلفاءها قد ارتكبوا جرائم حرب وإبادة بحق المدنيين في اليمن وتعمل منظمة الصحة العالمية في كل سنة على مسح الوضع الصحي والغذائي في المحافظات اليمنية لمعرفة حجم الأزمة وطرق علاجها، إلا أن الأرقام الصادرة مؤخرًا تشير إلى أن إعلان المجاعة في البلاد بات وشيكًا.
مجاعة وشيكة
وتعتبر منظمة الصحة العالمية أن مستوى الطوارئ المحدد للوضع الغذائي في العالم 15% بينما وصلت المعدلات في بعض محافظات اليمن كما في محافظتي تعز والحديدة إلى 25% و31% على التوالي، أي أكثر بـ 16 نقطة مئوية عن الوضع المحدد لسوء التغذية الحاد، يموت السكان من شدة الجوع والأمراض، وقد سجلت اليمن خلال اليومين الماضيين في محافظة الحديدة ثلاث وفيات بسبب سوء التغذية.
كما تفيد الأرقام الواردة من المنظمات الدولية أن أربعة من كل خمسة يمنيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي أي يعتمدون على وجبة واحدة في اليوم ولا يؤمنون طعامهم في اليوم التالي.
هذه الآثار الكارثية للعدوان المتواصل على اليمن باتت كما يقول المختصون والمراقبون ومسؤولو المنظمات الإنسانية بمثابة العقاب الجماعي وجرائم الإبادة الجماعية ويشيرون في هذا الجانب إلى أن المجاعة التي ضربت مناطق في تهامة و الحديدة ماهي إلا مؤشر خطير للوضع الكارثي الذي سيحل باليمن وشعبه خلال فترة وجيزة إذا مااستمر العدوان ومايفرضه من حصار خانق على كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية..ناهيك عن حالات سوء التغذية التي انتشرت في الفترات الأخيرة بشكل واسع في أوساط الأطفال وأصبحت تهدد أكثر من أربعة ملايين طفل يمني كما توضح ذلك احدث التقارير لمنظمات دولية متخصصة وفي مقدمتها منظمة رعاية الطفولة والأمومة العالمية “يونيسف” .