موقف اليمن من السلام مع دول العدوان
عبدالوهاب الضوراني
لقد تقدمت اليمن ومنذ الوهلة الأولى للعدوان الجائر والجبان الذي تقوم به السعودية وحلفاؤها اللوجيستيون حكام ومشائخ الصحراء والرمال المتحركة والذي أدانه العالم بأسره واعتبره نوعاً من الاحتلال العسكري والتدخل بشكل أو بآخر في شؤون اليمن وفي أراضيه وسيادته الوطنية، بالعديد من المبادرات والمساعي والجهود المكثفة والرامية وفي أسوأ الاحتمالات إلى احتواء الأزمة وردم شقة الخلاف والبدء في الدخول في مفاوضات مباشرة وشاملة بين كافة الفرقاء وأطراف الصراع وعلى رأسهم الكيان السعودي البادئ في دق طبول الحرب في اليمن تفضي وفي أسوأ التقديرات أيضاً إلى الخروج من النفق المظلم والطريق المسدود التي وصلت إليه في الماضي كل المساعي والجهود سواء على المستوى الدولي والإقليمي من اجل إعادة المياه الراكدة في العلاقات الأخوية والدبلوماسية إلى مجراها الطبيعي بين اليمن وبقية الأنظمة والكيانات الأخرى المتورطة في العدوان على اليمن، والتي قادهم فيها سلمان الواحد تلو الآخر إلى محرقة الموت اليمنية ثم تخلى عنهم وقال لهم إنني بريء منكم إني أخاف الله رب العالمين.
وهي المواقف والمساعي والجهود الآنفة والآنية التي صعرت لها حكومة الرياض في الماضي خدها ورمت بها عرض الحائط والتي كان آخرها المبادرة ومشروع السلام الشامل والمتكامل وغير المشروط الذي تقدم به مؤخراً إلى مجلس النواب الرئيس الشهيد الصماد قبل أن تناله يد الغدر والخيانة في أسوأ جريمة اغتيال يندى لها الجبين في تاريخنا المعاصر والتي أدمت قلوب اليمنيين وأدانها العالم واعتبرها من الجرائم النازية التي يعاقب عليها القانون الدولي، وحمل دول الحلفاء وعلى رأسهم السعودية على وجه الخصوص مسؤوليتها، والتي أعرب فيها الشهيد الصماد عن موقف اليمن الرسمي الواضح والصريح عن أهم الشروط والمرتكزات الأساسية التي ينبغي أن يقوم عليها مشروع السلام العادل والمشرف سواء مع حكومة الرياض أو بقية الأنظمة والكيانات الأخرى المتواطئة والمتورطة معها في شن العدوان على اليمن وعلى رأسهم عيال زايد الأغبياء الذين ألقوا بأنفسهم في التهلكة بقرارهم الطائش والسخيف باحتلالهم لجزيرة أرخبيل سقطرى البعيدة المنال والتي تعتبر واحدة من أهم المحميات الطبيعية في العالم وجزءا من السيادة اليمنية لايتجزأ والذين لن يخرجوا منها طال الوقت أم قصر أحياء أو على أقدامهم وإنما على نعوش وفوق نقالات محملة على الأعناق والذين كانوا ولا يزالون يعتبرون الجزيرة البوابة الخلفية للولوج من خلالها إلى اليمن الكبير بأكمله.
وهي المبادرات والجهود التي انطلقت اليمن من خلالها ووحي إيمانها الراسخ والمطلق ومواقفها العربية والقومية والتضامنية وعقيدتها الإسلامية بأن الحرب مهما طال أمدها ومهما حققت من المكاسب والانتصارات فهي في النهاية وفي أسوأ التقديرات والاحتمالات لن تؤدي إلى أية نتائج إيجابية وإنما ستؤدي وبكل تأكيد إلى سفك المزيد من الدماء وإثارة الضغائن والأحقاد في القلوب بالإضافة إلى هدر وتبديد طاقات وموارد بلدان الصراع والتي ستدفع وبكل تأكيد شعوبهم ثمنها غالياً من دمائهم التي ستسفك وتملأ الأخضر واليابس فوق الأرض، وأن المستفيد الأول والأخير فيها هم أعداء العرب والمسلمين الذين يصطادون دائما في الماء العكر ويجدون في مثل هذه القلاقل والاختلالات ذريعة والباب مفتوحا إمامهم على مصراعيه للتوغل والهيمنة والتشرنق والتشرنع على الأرض أيضاً وليذهب العالم بعد ذلك إلى الجحيم.
وموقف اليمن من السلام مع دول العدوان وعلى رأسهم الكيان السعودي معروف وواضح وضوح الشمس في رابعة النهار ولايحتاج إلى تبديد الوقت هباء في الثرثرات وتبادل الاتهامات والكلام الفارغ خلف الطاولات والموائد المستديرة وهو يستند في الدرجة الأولى والمقام الأول للعديد من النقاط والمطالب العادلة والمشروعة وفي مقدمتها:
– إعادة الأرض المغتصبة الواقعة تحت الوصاية والاحتلال السعودي دونما قيد أو شرط إلى السيادة والشرعية اليمنية.
– ورفع الحصار الاقتصادي الدولي واللاإنساني المفروض على اليمن منذ بداية العدوان الغاشم وحتى اليوم كبادرة على إظهار حسن النية وكخطوة إنسانية وإيجابية على طريق رفع المعاناة والمظالم الواقعة على كواهل اليمنيين الذين يعانون الفاقة وشظف العيش ولا يجدون رغيف الخبز الذي يسدون به رمقهم بعد أن نزحوا من قراهم ومزارعهم وشعاب جبالهم التي استهدفها القصف والغارات الجوية وأحالتها في غمضة عين أطلالا وأثرا بعد عين , وبدلا من أن تفترسهم طائرات الحلفاء، تفترسهم وتحصدهم المجاعة والأوبئة الفتاكة كل يوم بالعشرات والمئات .
– تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية مستقلة ومحايدة يسند إليها مهمة القيام بحصر وتقييم الأضرار والخسائر الفادحة التي تكبدها اليمن والناجمة عن العدوان المتوحش الذي اكتسح في طريقه الأخضر واليابس فوق الأرض اليمنية شريطة أن تقوم مفاوضات السلام إذا قدر لها أن ترى الضوء , وفي حالة الموافقة من حيث المبدأ على مخرجاتها وشروطها الآنفة الذكر كاملة ودون نقصان فوق أرض محايدة ومتينة وليست أرضاً رخوة أو فوق رمال متحركة , وتقوم على أساس تفعيل مبدأ التعايش السلمي وتبادل الاحترام وعدم تدخل أي طرف بأي شكل من الأشكال في شؤون وقضايا الطرف الآخر وليس على المبدأ القائل ” احيني اليوم وأمتني غداً” وكفى الله المؤمنين شر القتال .