الصمت الدولي إلى متى؟!
عبدالعزيز أحمد البكير*
هيئة الأمم المتحدة هيئة دولية مهمة وحاجة ملحة لابد أن تبقى كمرجعية رغم عجزها وضعفها عن أداء الحد الأدنى من واجباتها ومهامها الكبيرة والعظيمة التي تأسست للقيام بها في خدمة دول وشعوب العالم – إنسانيا وأمنيا – ولعل هذا العجز وخاصة في الآونة الأخيرة الذي يرجعه كثير من الخبراء والباحثين الدوليين إلى الهيمنة الأمريكية عليها التي انفردت بقيادة النظام العالمي (الجديد) بعد تفكك الاتحاد االسوفيتي، مما مكن الولايات المتحدة الأمريكية من الهيمنة على دول العالم واحتكار مصالحها وخلق اختلال كبير في موازين القوى الدولية، وهو ما يجعل من الضرورة الحتمية على المجتمع الدولي مراجعة مواقفه وتقييم أعمال ومواقف هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لمعرفة الاختلالات، وعلى ضوء ذلك يتم تنشيط وتطوير وتحديث أنشطتها ودعمها وإحياء أدوارها وتأهيلها لإحلال السلام والأمن الدوليين وصون وحماية حقوق الإنسان.
إن هيئة الأمم المتحدة كمرجعية دولية تأسست بإرادة وإجماع دولي وأيدت مبادئها كل دول وشعوب العالم ومنها بلادنا الجمهورية اليمنية الدولة العضو في هيئة الأمم المتحدة التي أكدت في المادة (6) من قانونها الوطني (الدستور اليمني) التزام العمل بميثاق الأمم المتحدة حيث تقول المادة (تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية، وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة).
إن كل دول العالم تجمع على ضرورة تلك الهيئة الدولية كأعلى سلطة دولية معنية بأمن وسلامة المجتمع الدولي وحماية وصون حقوق الإنسان بشكل عام، كما أراد الله للإنسان أن يعيش بحرية وكرامة وحياة كريمة آمنة مستقرة، ومهمة الأمم المتحدة هي فرض الأمن وإحلال السلام بين الدول وذلك ما أجمعت عليه دول وشعوب العالم عند تأسيس هيئة الأمم المتحدة كمرجعية دولية مهمة تعمل على تحقيق العدل لمختلف شعوب ودول العالم في جميع المجالات الإنسانية ومنها في الجوانب السياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية والاجتماعية والحريات الإنسانية وحقوق الإنسان التي لا تزال بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة تؤدي بعضا منها في بلادنا اليمن التي تعيش في عامها الرابع من الحرب والعدوان والحصار والقتل للإنسان رجالا ونساء وأطفالاً وشيوخاً بواسطة استخدام دول العدوان للقوة المفرطة والأسلحة المحرمة ومنع دخول الدواء والغذاء والخدمات الأساسية التي افتقدها شعبنا اليمني منذ بداية العدوان في 26 مارس 2015م وحتى اليوم بالإضافة إلى ذلك نقل البنك المركزي اليمني من العاصمة السياسية صنعاء ومصادرة مرتبات الموظفين وسحب العملة من الأسواق وخلق حالة مجاعة والاستيلاء على الثروات النفطية والغازية اليمنية وتوقف محطات الكهرباء وعزل الإنسان اليمني عن العالم من خلال منع وسائل الإعلام الدولية من تغطية الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان الذي تقوده السعودية على بلادنا وفضح ما يعانيه ثلاثون مليون يمني جراء كل ذلك، مخالفة لقانوننا الوطني المتضمن التزام العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان واحترامه لقواعد القانون الدولي..
نعم إن شعبنا اليمني يتعرض للقتل والإبادة الجماعية بأسلحة محرمة من قبل طيران تحالف العدوان الذي يقوده النظام السعودي ويفرض حصارا شاملا على الأجواء والمنافذ البرية والممرات البحرية للجمهورية اليمنية ويمارس بحق شعبنا أبشع الجرائم الإنسانية..
إننا كيمنيين نؤكد على أهمية وجود هيئة الأمم المتحدة رغم تقصيرها بحق بلادنا وشعبنا، كهيئة ومنظمة دولية عليا هامة وضرورية، التي رغم محدودية أدوارها لكنها تظل مرجعية يأمل الشعب والدولة الفقيرة أن تلقى الرعاية و الاستجابة لمظلوميتها وإنصافها ممن ظلمها من الدول الغنية والدول الكبيرة، التي ينطبق واقعها على ما يحدث للبلد والإنسان اليمني الذي يعاني من الظلم والقتل والحصار من قبل تحالف العدوان السعودي الأمريكي الذي يجمع أغنى الدول ماليا واقتصاديا وعسكريا ويسخر كل ذلك لقتل وحصار شعبنا اليمني والأمة العربية بدءا بفلسطين المحتلة مرورا بالعراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال التي مارست وتمارس ضدها أمريكا وحلفاؤها أبشع الجرائم، خارج الشرعية الدولية والقانون الدولي غير عابئة أو مكترثة لأي شيء فيما تفعله وتمارسه، مستغلة الأوضاع التي يعيشها العالم في ظل النظام الأحادي الذي تنفرد بقيادته أمريكا وتسخره لمصالحها، وتسير بالعالم وفق أهوائها وإرادتها وقناعة إدارتها خارج إطار القانون الدولي ومجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة التي ترى أمريكا بأنها غير صالحة أو مناسبة لإدارة المرحلة والتعامل مع الواقع و المتغيرات الإقليمية والدولية، وترى بأن أمريكا وإدارتها وقانونها أنسب وأقدر على قيادة العالم وصلاحه.. مما جعل العالم يعيش في فوضى وخلل كبير في ميزان المجتمع الدولي وإذا لم يتم مراجعة المواقف الدولية فإن الوضع ينذر بكوارث وحرب عالمية (ثالثة) كما توقع أن يحدث ذلك كثير من الخبراء والباحثين والمتابعين لسياسة أمريكا المستفزة والمبتزة والعدائية وغير الإنسانية وغير العادلة في تعاملها مع بني الإنسان في الأرض وبالذات مع الأنظمة والدول المستضعفة والفقيرة.. فلسنا نحن اليمنيين والشعب العربي من نستضعف أمريكا، بل أمريكا هي من نستضعف وتستخف بكل شعوب ودول العالم، مما يحتم على كل الأمم والشعوب والدول أن تعي وتعلم وتطالب وتناضل في سبيل إصلاح دور الأمم المتحدة وتحديثها وتطويرها وفق ما يتفق مع مصلحة بني الإنسانية جميعاً في صون حقوق الشعوب والدول في الحرية والكرامة والسيادة وإحلال السلام والأمن والاستقرار، وكل ذلك لن يأتي إلا من خلال توازن القوى بعيدا عن إرادة السياسة الأمريكية والتوجه المغرور و المتغطرس والمتكبر.. وليعلم الجميع بأن دماء اليمنيين وكل ضحايا سياسة أمريكا ومن دار في فلكها في كل بقاع الأرض طوفان سيجرف عروش المستكبرين ويزيل ملك الظالمين.
*الأمين العام للحزب القومي الاجتماعي
وزير الدولة عضو مجلس الوزراء