عبدالوهاب شمهان
عندما يغدق الله بالماء من سمائه على هذه الأرض الطيبة التي تهتز بأمر ربها وتخرج خيراتها من نبات شتى وأشجار لاحصر لها وفي أوائل هذا الصيف الربيعي الذي كادت قَبله الأرض تحترق وتحرق ماعليها من شدة الشتاء وبرده القارس وعوامل المناخ الذي فيه تجف الأرض وتنزف المياه و يكثر البغاة الطغاة في استنزاف المياه لشجرة القات دون وازع ديني وأخلاقي او عرفي وقانوني وآلاف من الناس تبحث عن قطرة ماء لتبل ريقها . تقف اسرابا تنتظر دورها صباحا ومساء وفي غسق الليل وظلمته ووحشته …. حتى كانت الرحمة الإلاهية هي المنقذ الوحيد التي جعلت الأرض الجافة وما على سطحها من نبات وعيون جفت وصخور قانطة صماء في أيام معدودة تبتسم للحياة وتتغير ملامحها وتسترجع رونقها وتعود الطيور بأنواعها كالعصافير الكثيرة العدد والألوان والأحجام والمسميات والبلابل والحمام المكي إلى الفرحة والتسبيح والحمد والنغم بأصواتها الشجية وهي تنتقل بين الأشجار من غصن إلى آخر تبني أعشاشها بحذاقة ومهارة وإتقان وعلى أطراف أغصان الطلح لتكون الأكثر نشاطا في استقبال صباحها المشرق لا ينافسها إلا ذوو القلوب الحية من البشر الذين سمعوا النداء فلبوا ثم توجهوا نحو مزارعهم ومعهم نفس الرحمان يحرسهم وهم الساعون في أرض الله بأمره يبذرون حبات الذرة ومايمكن إلى جوارها من أنواع مألوفة لهم كالدجر في وسط اتلام تصنع بعناية وهمة عالية متوكلين على الله وهؤلاء هم من يعرفون الطيور بأنواعها وبكافة أشكالها وأحجامها وألوانها ومواسم تواجدها ويعرفون ما قد يجاور مزارعهم من الزواحف وكيف يتعاملون معها بل كيف يتعايشون معها بمبدأ ( كف عن العدوانية تمضي بسلام ) ..
ومن ذات هذا الإنسان من لم يتخذ هذا المبدأ منطلقا للتعايش مع جنسه فلا يروق له إلا أن يرى في هذا الظرف المستغل ابناء جنسه في صراع وفي خصام دائم على كل ذرة رمل ونبت وحجر وشجر وهو مالم تعهده اليمن ولم يسبق أن وصلت النفوس الخبيثة الى هذا الحد من الاستغلال في تاريخها للطمع والحقد اللذين اعتبرا الأساس لمصدر رزق لاينضب لبعض أصحاب النفوذ من سمحوا في ظل وجود مؤسسات الدولة لتفريخ عينات من البشر تستند على قوتهم وتفتح على قارعة الطريق مكاتب ومراجع لا بنيان لها معماري او قانوني وتخضع لما يبتغون إن كان في ذلك ارتباط بمصالحهم . وهنا لا يمكن أن ننتظر الزوار القادمين للسياحة من الداخل ناهيك عن الوافدين من الخارج في ظل استمرار العدوان والحصار و هؤلاء المتطفلون على العدل في الداخل فلماذا لاينظم هذا الجانب ويخضع من يريد ممارسته للاختبار والاعتماد إن كانت ترى الدولة في وجودهم ضرورة تخفف من اللجوء للمحاكم والنيابات .
الناس في بلدي صار القات مشربهم وقوتهم ومخزونهم الغذائي ومصدر الثروة ويدهم القوية للسيطرة وشراء الذمم والنفوس ومصدر فقر للكثير ممن يتعطونه ( الموالعة) وصارت الزراعة التي اعتاد القيام بها السلف في نظر الكثير لا تسمن ولا تغني من جوع, فالقمح قادم من كل بقاع الأرض وشجرة القات تتوسع مساحتها وتحتل الوديان بمسميات كثيرة وتجرع بالسموم المربية للأغصان دون مبالاة بضررها على الإنسان والأرض وتمتص آلاف اللترات من الماء المسحوب من باطن الأرض. ولو مررت على الأرض الخضراء لن ترى شجرة بن او فاكهة في الوديان والشعاب إلا ما ندر ….ونسأل من الله أن يبارك بالأيدي التي أحبها رسول الله وبالنفوس الطيبة النزيهة والأقلام التي تعيش الأمل في الإصلاح وفي غد أفضل وبالأرض الخضراء بنبات الذرة البيضاء والحمراء والصفراء والخضروات والفواكة وأن يمحق كل ما فيه ضرر على الأرض والناس وإهدار المياه وبكل فاسد خائن للأمانة واليمين وكل من لايخشى الله ….
إن صيف السياحة 2018م في محافظة اب عاصمة السياحة اليمنية ؛ وكل المدن اليمنية عواصم للسياحة ؛ قد بدأ بإطلالة الربيع واخضرار الحجر الصم الأسود القاسي الذي بقى حرا لم تدخله شجرة القات ولو وجد تجار القات سبيلا لا تقاتلوا عليها وجعلوها مليئة بتلك الشجرة الملعونة . والسؤال ماهو العائق الذي يمنع وجود تشريع لحماية الأرض ويحقق الأمن الغذائي الوطني السليم ويحافظ على مخزون المياه المستنزف لهذه الشجرة .
إن السياحة أيها الناس ليست مناظر خضراء فقط إنها صناعة يشتغل فيها الإنسان الحر الواعي الوطني . فالعالم فيه من جمال الطبيعة ما يسعد النفوس وفيه أيضا من الخدمات ما تطيب لها نفس السائح وهي عوامل جذب بلا شك , وبلدنا يقل في العناية بالسياحة إن اردناها كما تتنافس عليها الأمم والأقطار فهي إعمار وبناء وحماية للأرض والإنسان وتلك مهام الحكومة فالأمن الغذائي لن يكون من شجرة القات ولا على الاعتماد الكامل على الاستيراد لكل احتياج مطابخ البيوت اليمنية من عود الكبريت إلى حبة البسباس ..فلا نفهم السياحة بغير مفهومها الجدير بالاهتمام والرعاية, فإن لم تبنوا وتعمروا وتزرعوا الأرض بالخيرات الطيبة لن تكون بلدكم إلا سوقا لنفايات العالم ولن تكونوا إلا مستهلكين لتلك النفايات فهل من صحوة مع السياحة ؟!.