العلامة / عزالدين صلاح
الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال فريضة عظيمة ومرتبة مقدسة, شرعه الله دفاعا عن الدين وعن النفس وعن الأهل وعن المال والعرض والأرض كما شرعه دفاعاً عن (المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ) وما شرع الله هذه الفريضة الا لمصلحة العباد في دينهم ودنياهم , لذلك يجب علينا كمجتمع مؤمن بالله وبرسوله وبدين الاسلام وبالقرآن , أن نرسخ ثقافة هذه الفريضة المقدسة في أنفسنا وفي مجتمعنا وفي أجيالنا إلى يوم الدين , كما يجب علينا التمسك بهذه الفريضة كفريضة من فرائض عقيدتنا الاسلامية, كونها فريضة دفاع عن الدين وعن العرض والأرض والمقدسات والحرمات, إذ لا يمكن التصدي للعدو الظالم الغاشم المعتدي المتغطرس المفسد في الارض المنتهك لحرمات الله إلا بالجهاد يرتدع الظالم , ويسعد الناس في عيشهم وحياتهم بأمن وأمان وإيمان , في دار الدنيا ولآخرة , لذلك واجب على المجتمع المسلم التمسك بهذه الفريضة لصد العدوان ومواجهته عسكريا وثقافيا واقتصاديا , وذلك لدفع الأضرار والمخاطر عن أنفسهم التي قد يسببها لهم أعداء الله بعدوانهم الظالم وفسادهم المترتب على طغيانهم , فالله سبحانه وتعالى يقول 🙁 وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) ويقول 🙁 وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) فالجهاد في سبيل الله , ذروة سنام الاسلام وهو رأس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر به يقام الدين وبه تصان المقدسات وتحفظ الحرمات ويرتدع الظالم , وبتركه ينتشر الفساد وتنتهك الحرمات وتنهب الأموال , لذلك نجد في القرآن الكريم مساحة واسعة تحبب إلينا الجهاد في سبيله أمرا وترغبنا , وتحثنا على النفير خفافا وثقالا قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ لاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (سورة التوبة).
فالمنادى والمخاطب في هذه الآية هو المجتمع المؤمن الموحد المصلي المزكي الصائم ككل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ) ؟استفهام إنكاري ما لكم ؟ ما هذا التخاذل , فمطلوب الله من الجميع التحرك والمسارعة بالنفير خفافا وثقالا لصد العدوان الغاشم فالموقف موقف جماعي, فلا تثاقل ولا تخاذل ولا تباطؤ وقد تبين الحق من الباطل , وصار الباطل ومن يقف معه واضحا وضوح الشمس , والله سبحانه وتعالى وجه النداء بالنفير لجميع المؤمنين , وبذلك فلا عذر للجميع , فمن تثاقل وتولى ورضي بالحياة الدنيا وزينتها ومتاعها الحقير الزائل فلن يضر الله شيئا , وقد توعده الله بالعذاب الاليم وبالاستغناء عنه واستبداله بمن هو خير منه .
فالقرآن مليء بالآيات الدالة على وجوب الجهاد وترسيخ ثقافته وفي أنفسنا وفي أجيالنا فمنها قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ )ومنها قوله : (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ).