اليمن تودع القديس “الصماد”
أحمد يحيى الديلمي
لم أعرف المناضل الجسور الرئيس الشهيد صالح علي الصماد عن قرب إلا بعد ثورة 21 سبتمبر 2014م بعد أن تولى منصب رئيس المجلس السياسي لأنصار الله واستقر في صنعاء ، كان اللقاء عابراً عقب جريمة اغتيال البروفسور أحمد عبد الرحمن شرف الدين “رحمة الله عليه “.
في اللقاء الثاني عقب العدوان السعو أمريكي الصهيوني علي اليمن بدا الرجل غاية في البساطة ، حضر إلى المكان المحدد للاجتماع بسيارة أجرة خلافاً لما كنا نتوقعه سيطرت علي والزملاء حالة ذهول سرعان ما بددها بابتسامة صادقة بعثت الطمأنينة في النفوس .
وبنفس البساطة والهدوء أنطلق في الحديث عن مشروع وطن نهضوي إطاره منهج شامل مستوعب لتناقضات الواقع منوهاً إلى المخاطر التي تحيط بالعقيدة والأمة وضرورة تحصين الشباب المسلم بفكر العقيدة الصحيح للحيلولة دون انزلاقهم إلى ميادين التطرف والتعصب والجمود والتقليد الأعمى وما يسمى الإرهاب بأشكاله المخيفة مؤكداً على ضرورة إنقاذ الوطن من مخاطر الاستبداد والفساد ورفض أشكال التجهيل والاستغلال غير السوي للشباب من قبل هواة المتاجرة بالدين.
وأضاف هناك وجوه قبيحة تغلغلت في واقع الأمة وانخدع بها البعض مما جعلها تتمادى في الغي وتسوق الزيف والضلال ، لم تدرك أن الناس لا يستسلمون للخداع طويلاً ، بالذات عندما يتحول المسعى إلى خطر يهدد الوطن ، تحدث صحوة مباغته يقودها أبطال امتزجت دماؤهم بالدين وذابوا في عشق الأرض ، وهذه هي محاور المشروع النهضوي للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، فقد انطلق من فهم عميق للإسلام وسعى إلى إضاءة وجدان الشباب المسلم ليكتسب الفهم الواعي والموضوعي للدين ليتمثل تعاليم المنهج في سلوكه ويعكسها ممارسة في حياته اليومية.
كلام كثير أورده الشهيد في نفس اللقاء لا يمكن استعراضه في هذا الحيز ، إلا أن المرحوم جسده عملياً في الواقع عندما تولى منصب الرجل الأول في اليمن .
على نفس المنوال ظل الشهيد حريصاً على نفس النهج وتجسيد قيمه خلال توليه مهام رئيس المجلس السياسي الأعلى ، فحمل شعلة الكرامة وكان مدافعاً شجاعاً عن كبرياء وسيادة واستقلال الوطن . ولم يتردد يوماً عن الالتحام بالمقاتلين في جبهات الدفاع الأمامية عن الوطن والذود عن كرامته ، فجسد تعبيراً بليغاً عن حالة التمازج بين عشق الحياة والإيمان بالشهادة ، الكرامة التي يختص بها الخالق سبحانه وتعالى من أحب من عباده والضمانة الأكيدة للحفاظ على معاني القدسية والهوية الوطنية، لذلك خاض المعارك واجترح البطولات في معارك العزة والكرامة بالمقابل سعى إلى إحياء مؤسسات الدولة كأساس لترسيخ دعائم دولة النظام والقانون ودافع عن وحدة الوطن اليمني قائلاً (( إن محاولات المساس بوحدة الوطن وقيم التسامح والتآلف المتجذرة في أعماق كل يمني شريف خنجر مسموم في خاصرة الوطن سيُسهل على الأعداء التآمر وإذكاء النزعات الطائفية والإمعان في تمزيق الوطن واستهداف النسيج الاجتماعي المتجانس ، وهذا ما لن نرضى به وستكون أرواحنا رخيصة في الدفاع عن وحدة الوطن وكرامة أبنائه) .
رحم الله الشهيد وأسكنه فسيح جناته ، وعهداً يا صالح من تلك الجماهير التي احتشدت في مدينة الحديدة بناءً على دعوتك والتي ستحتشد في يوم توديعك بأن دماءك الطاهرة لن تذهب هدراً ، وأن اليمنيين مقتنعون بأن وجودك في سدة الحكم مثل علامة فارقة في تاريخ اليمن الحديث ، فأثبت أنك رجل المهام الصعبة وطوق النجاة في المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن اليمني ، لذلك فإن دمك الطاهر سيفتح أبواب جهنم على المعتدين .. وسيكون ما بعد غياب الرئيس الشهيد الصماد ، رحمه الله ليس كما قبله إن شاء الله وإن غداً لناظره قريب .. ولا نامت أعين الجبناء ..