المسكوت عنه في تقرير “رايتس ووتش”.. جرائم الإمارات بحق اللاجئين تتعدى البعد الحقوقي
أبو بكر عبدالله
نحو عام مضى على كشف المنظمات الدولية المعتقلات السرية التي يديرها الطاغية الإماراتي محمد بن زايد في المحافظات الجنوبية بما سجلته من جرائم قتل وتعذيب واعتقال وإخفاء طاولت زهاء 11 ألف يمني ولا تزال أولويات قوى الوصاية الدولية تمنح وكلاءها الحصانة للإفلات من العقاب في ظل صمت أممي ودولي شجعهم على العربدة بالمزيد من الجرائم والانتهاكات دون رادع .
صمت دولي مخطط لم تعد أهدافه تخفى على أحد، هو ما شجع كتائب الغزو الإماراتية انطلاقا من كونها الحاكم الفعلي الوحيد في المحافظات الجنوبية على الإمعان بارتكاب الجرائم والانتهاكات التي طاولت مؤخرا مئات اللاجئين الأفارقة في العديد من مراكز الاعتقال والتعذيب بمحافظة عدن.
وقائع هذه الجريمة كشفها تفصيلا تقرير موثق أصدرته “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية مؤخرا لكنه وكالعادة ألقى بالمسؤولية على حكومة عملاء الرياض رغم علم المنظمة أن هذه الحكومة لا تمارس أي وظائف أو سلطات تنفيذية في المحافظات الجنوبية الخاضعة للاحتلال سوى دور المليشيا الذي تمارسه علنا في ظل سلطة القهر الخفية لقوات الغزو الإماراتية.
التقرير أورد تفاصيل مروعة معمدة بشهادات عن اعتقالات جماعية وجرائم تعذيب وحشية وجرائم اغتصاب لأطفال وفتيات ونساء المئات من اللاجئين الأفارقة وأكثرهم من الصومال واثيوبيا بعد جمعهم وعائلاتهم في مراكز اعتقال مزدحمة قبل أن يفرض على بعضهم إجراءات ترحيل قسرية عبر قوارب تابعة لمهربين.
وعلاوة على جرائم الاعتقال والتعذيب، نقل التقرير عن محتجزين شهادات مروعة تكشف ضلوع المليشيا العميلة في مراكز الاعتقال باعتداءات جنسية يومية على النساء والفتيات والصبية بصورة منتظمة “كان الصبية يؤخذون ليلا.. كل ليلة يأخذون واحدا لاغتصابه. ليس كل الصبية، إنما الصغار منهم، سنا وجسدا”.
رغم الدور الإنساني الرائد للمنظمة في كشف هذه الجريمة وإخراجها للعلن، إلا أن ما يؤخذ عليه اكتفاؤه بالتركيز على البعد الحقوقي دون التعريج على الأبعاد السياسية الخفية التي تقف وراء هذه الانتهاكات.
التقرير كشف أيضا أن سلطات القهر في عدن نقلت المئات من اللاجئين الصوماليين إلى جيبوتي في ظروف غامضة وعبر قوارب تهريب، دون السماح لهم بطلب الحماية أو الطعن في ترحيلهم، لكنه لم يكشف الوجهة التي يصل إليها هؤلاء اللاجئون، سوى في حالة واحدة أوردها لنحو 200 لاجئ اثيوبي قال إنهم نقلوا إلى مديرية المخا الخاضعة للاحتلال من قبل كتائب الغزو الإماراتية ومليشيا المرتزقة.
قد نقول بحسن نية أن المعايير المهنية المعتمدة في التقارير الحقوقية الدولية ربما أرغمت “رايتس ووتش” على تجاهل أسباب هذه الانتهاكات لكن الوقائع على الأرض تؤكد ضلوع الطاغية الإماراتي محمد بن زايد وكتائبه الغازية ومليشياته العميلة بجرائم تجنيد إجباري للاجئين الأفارقة بعد أن قرر الغازي استثمار مأساتهم الإنسانية واستخدامهم ورقة حرب رخيصة بإضافتهم إلى كتائب المرتزقة التي يقودها ويدربها في معسكراته المنتشرة في اليمن وبعض دول القرن الأفريقي.
المقارنة البسيطة بين مشروع التوغل التركي في الأطراف الشرقية للقارة السوداء والمشاربع المشبوهة التي يقودها محمد بن زايد بدعم صهيوني يكشف أننا بمعية زعيم عصابة لا يتورع عن استخدام أكثر الأدوات والأوراق قذارة لتحقيق أهدافه.
لعل العدد الكبير للاجئين الأفارقة في اليمن فتح شهيته لإنشاء كتائب مرتزقة رخيصة الكلفة بعد الخسائر التي تكبدها مع مرتزقة ” بلاك ووتر” و ” داين جروب” وغيرها , فبيانات الأمم المتحدة تشير إلى وجود 281 ألف لاجئ أفريقي في اليمن يقيمون في ظروف صعبة أغرت مقاول الحروب الإماراتي باستخدامهم كجيوش للمرتزقة.
معروف أن قوات الغزو الإماراتية بإسناد من الداعمين الدوليين للعدوان تدير هذا الملف بسرية بالغة غير أن المعلومات المتاحة تشير إلى أن معسكرات التدريب التابعة لقوات الغزو الإماراتية في الساحل الغربي وجزيرة ميون وقواعده المستأجرة بدول القرن الأفريقي كانت الوجهة الأخيرة لأعداد كبيرة من اللاجئين الذين تم ترحيلهم قسرا خلال الفترة الماضية.
ما ينبغي الالتفات إليه هو التحركات التي باشرتها قوات الغزو الإماراتية في الجنوب مؤخرا لإخفاء معالم جرائمها بحق اللاجئين والتي كان من بينها المسارعة لضم كتائب مرتزقة جدد استأجرهم ابن زايد من أوغندا إلى اللاجئين المجندين قسرا ضمن مشروع لتهديد أمن اليمن والصومال.
هذه التداعيات تضع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الحقوقية والمجتمع الدولي أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية لكشف مصير اللاجئين المختفين وكبح أي مخططات للزج بهم في دوامة الحروب العاصفة بالمنطقة.