أول إحاطة لغريفيت إلى مجلس الأمن تتجاوز اختبار النزاهة.. إنهاء الحرب أولا

 

أبو بكر عبدالله
تماشيا مع التوقعات تجاوز المبعوث الأممي مارتن غريفيت في إحاطته الأولى المقدمة أمس إلى مجلس الأمن أول اختبارات النزاهة والحياد، بعدما قدم إحاطة متوازنة إلى مجلس الأمن أفصحت عن قدرات نوعية لديه في إدارة جهود السلام، وأشاعت الاطمئنان بولادة جديد ايجابي في مسار الجهود الأممية المتعثرة للحل السياسي للأزمة اليمنية خصوصا بعدما أطاح بإحاطته الأولى تركة هائلة من العراقيل والتناقضات التي كرسها سلفه الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ خلال العامين الماضيين.
ابرز ما تضمنته إحاطة السيد مارتن غريفيت إعلانه العمل لصياغة إطار تفاوضي يعتزم تقديمه إلى مجلس الأمن خلال شهرين يبحث في إنهاء الحرب كهدف أولي وتأكيده لمجلس الأمن بأن ثمة إمكانية للوصول إلى حل سياسي من شأنه ان يضع نهاية للحرب القائمة.
خلافا لسلفه الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ المتهم بعدم النزاهة والانحياز للعدو السعودي، بدا السيد غريفت القادم من المركز الأوروبي للسلام رغم حداثة تجربته بملف الأزمة اليمنية مستوعبا لتعرجاته التي طالما وظفها سلفه ولد الشيخ لاختلاق تعقيدات وعراقيل في ملف الأزمة اليمنية أصابت الجهود الأممية بالشلل بل افقدتها فاعليتها بشكل كامل.
لم يفصح غريفيت عن تفاصيل رؤيته للحل السياسي مكتفيا بتوضيح هدفها الرامي إلى صوغ اتفاق قابل للتطبيق يرضي جميع الأطراف مدعوما بضمانات دولية ويسعى بصورة أولية إلى وقف العمليات القتالية وسحب القوات تمهيدا لتشكيل حكومة تشترك فيها كل الأطراف وتعمل من أجل إحلال السلام.
لم يوزع السيد غريفيت كما سلفه ولد الشيخ الأمنيات بل وضع أمام المجتمع الدولي استحقاقات وإجراءات لازمة لتحقيق هذا الهدف يتصدرها رفع الحظر الجوي الذي يفرضه تحالف العدوان على مطار صنعاء والشروع بترتيبات لإطلاق سراح المعتقلين والأسرى.
كان السيد غريفيت حصيفا بما فيه الكفاية عندما لم يضع وقته بالوقوف أمام التعرجات التي صنعها تحالف العدوان في طريق التسوية وحسمه الأمر بدعوته إلى ضرورة فتح مطار صنعاء الدولي ضمن خطوات تعزيز الثقة فضلا عن دعوته كل الأطراف إلى إطلاق سراح المعتقلين وهما ملفان أساسيان استطاع غريفيت بخبرته العريقة ادراك تأثيرهما الايجابي على المسار المتعثر للتسوية، بوصف الإجراءين دليلا على رغبة الأطراف في المضي قدما بقاطرة التسوية السياسية أو إبقائها متعثرة.
تقليص مستوى التأييد الدولي للخيار العسكري كان من بين المعطيات المهمة في إحاطة غريفيت والتي كللها بدعوته مجلس الأمن إلى تجاهل أي تفاصيل في ملف الأزمة اليمنية والتركيز على الهدف الرئيسي المتمثل في وقف الحرب معززا ذلك بالتأكيد على أن حل النزاع القائم لن يتم إلا من خلال الحوار في رسالة واضحة الدلالة بأن دعم المجتمع الدولي للخيارات المتضمنة في القرار الأممي 2216 لم يعد مجديا بعدما تخطت أدواتها عتبة العام الرابع دون تحقيق اهداف سياسية أو عسكرية سوى في نتائجها الإنسانية الكارثية.
ورغم هيمنة ملف الصواريخ الباليستية التي سعت دول العدوان وداعموها الدوليون لوضعها اولوية إلا أن المبعوث الأممي تعاطى مع هذه القضية بحرفية انطوت رغم اللغة الديبلوماسية على انصاف بكونها نتيجة وليست سببا .
وإذ عبر عن قلقه حيال استمرار إطلاق الصواريخ الباليستية على أراضي العدو السعودي إلا أنه لم يغفل التعبير عن قلقه من مخاطر استمرار وتيرة العمليات العسكرية التصعيدية للعدوان في المناطق اليمنية فضلا عن تأكيده بأن إطراف الداخل اليمني أكدت دعمها لأي جهود قد تفضي إلى إنهاء الحرب واستعدادها التعاون مع الأمم المتحدة من أجل السير قدما في مفاوضات الحل السياسي التي ستقود حتما إلى إنهاء هذا الملف.
ينبغي الإشارة إلى أن دعوة غريفيت جميع الإطراف بما فيهم مجلس الأمن الدولي إلى أن يضعوا نصب أعينهم أولوية” إنهاء الحرب والتخلي عن الشروط المسبقة” في أي مفاوضات قادمة كان واحدا من أهم المعطيات الجديدة التي يتعين التأسيس عليها في أي تحركات قادمة .
وهذا المعطى في نظرنا خطوة متقدمة يمكن التعويل عليها في اختراق السياجات الصلبة التي أنتجها القرار الأممي 2216 وحالت دون إحراز أي تقدم في جهود التسوية السياسية خلال العامين الماضيين.

قد يعجبك ايضا