قوى الاستكبار تسعى إلى بث الشائعات والسلوكيات الخاطئة وتشويه المفاهيم
اعتبر مختصون ومحللون أن الحرب الناعمة أخطر من الحرب العسكرية بكونها أداة المُستعمر الفكرية، والتي أفضت إلى تأسيس واقعٍ من الفراغ الاجتماعي تعيشه المجتمعات اليوم، والذي يُخالف مبادئ الدين الإسلامي، وينشر الفوضى اللا أخلاقية ويوطن الثقافات الغربية المنحلة بمسميات التطور والحداثة ويجسد معنى الانهيار المجتمعي والاقتصادي والنفسي لبلادنا..
إعداد / أسماء البزاز
كل تلك التداعيات المدمرة تسوق إليها هذه المعركةٍ المفروضةٍ علينا، لنعيش ظروفها من دون أنّ نكون حتى الآن في مستوى التخطيط لمواجهتها.
وتّعد الحرب الناعمة أخشن في حقيقتها وفي نتائجها من الحرب العسكرية، لأنها تستهدف النفوس وتقتلها من الداخل وتحول الفرد إلى مجند رخيص يعمل لصالح أعدائه، ويقف ضد شعبه، وأمته، أو يقف موقف المتفرج أمام كل ما يتعرض له وطنه وشعبه، مستلباً عاجزاً عن استشعار المسؤولية، ناهيك عن التحرك لفعل أو قول شيء يكون ذا نتيجة إيجابية.
وقوام الحرب الناعمة استبدال الدبّابة بالإعلام، والجيوش بالعملاء، والاحتلال المادي بالاحتلال الفكري والأيديولوجي، واحتلال الأبدان باحتلال النفوس والعقول، وتكريس هزيمة الفرد من دون حاجة لاستخدام القوة العسكرية، وعندها يسهل استعباد هذه الأمّة.
ويشير السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في رسالته بمناسبة مولد الزهراء عليها السلام الى أنّ الحفاظ على الأخلاق الإسلامية والضوابط الشرعية، ومراعاتَها في النهضة الإسلامية وحركة الحياة العامّة، والحرصَ على الاستقلال الحقيقي، والحذرَ من التبعية العمياء والتقليد الغبي للأعداء تمثّل الضمانة لفشل مساعي الأعداء في أخطر حرب يشنونها على عالمنا الإسلامي والتي عُرِفَت بالحرب الناعمة، والتي تُركّز على الغزوِ الفكري والثقافي، والاستهداف للمجتمع في مبادئه وأخلاقه وقيمه، والتي لا بدّ من التحرّك الجاد لتحصين مجتمعنا الإسلامي وفي طليعته فئة الشباب والناشئة ذكوراً وإناثاً تجاهها، وباعتبارها أخطر بكثير وأشد ضراوة من الحروب العسكرية، فتلك تدمّر روح المجتمع وعقيدته وإيمانه، أمّا العسكرية فهي أقل خطورة منها وإذا حافظت الأمّة على مبادئها وأخلاقها وقيمها وعملت على ترسيخها وتفعيلها انتصرت بلا شكٍّ في معركتها العسكرية وفي معركتها الحضارية أيضاً.
ومنذ سنواتٍ طويلة كانت تُستخدم العديد من المصطلحات والتي لا تختلف في فحواها عن مصطلح الحرب الناعمة الذي يعتمد على القوة الناعمة، فقد استُخدمت الكثير من المفاهيم التي تصف عملية سعي دولةٍ أو طرفٍ ما، للتأثير في فكر ووعي دولةٍ أخرى أو طرفٍ آخر، ومن تلك المصطلحات، ما عبَّر عنه البريطانيون بـ «الحرب السياسية»، أو ما أسماه النازيون الألمان بـ «حرب الدعاية». فيما خرج مصطلح «الحرب الباردة» والذي أُطلق على الصراع الندِّي بين روسيا وأمريكا أيام الاتحاد السوفياتي، في حين روَّج الكثير من المفكرين العرب والمسلمين، لما يُسمى بـ «الغزو الثقافي والفكري»، ليُعبِّروا عن المضمون نفسه، كما أن من أكثر المصطلحات رواجاً على صعيد الساحات الإعلامية والعلمية والعسكرية والسياسية، هو مصطلح «الحرب النفسية» ، يُضاف إلى تلك المصطلحات الكثير، ك ـ«حرب الأعصاب» أو «حرب العقول»، أما اليوم، فإن الجامع لهذه المصطلحات مع لحظ الاختلاف في التفسير العلمي لها، من دون وجود فارقٍ كبير في معناها وأهدافها، فهو مُصطلح «الحرب الناعمة»، والذي بات أداةً صامتة في الصراع الحالي بين الدول والأطراف.
السيد القائد
وفي هذا السياق ،يبين الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه في درس (لتحذن حذو بني إسرائيل )كيف يستخدم الإعلام قضية المظهر في تغيير القيم الإسلامية المتعلقة بالمرآة، ويُشير إلى أي درجة تمكن اليهود من جعل تبرج المرأة في المرافق العامة وأصبحت قضية مقبولة في مجتمعاتنا المسلمة، حيث يقول :”..وهم يعلمون أن التركيز على الجانب الأخلاقي الذي وسيلته المرأة، المرأة هي وسيلة سهلة، سهل إفسادها، وعظيم جدًا إفسادها أيضًا، إنها تفسد بسهولة، وهي من تفسد الرجل بسهولة أيضًا، يركزون على المرأة لتفسد في نفسها من خلال ما تشاهد.
ولكي لا يتجاوب المواطن إيجابياً مع قضاياه وقضايا مجتمعه ،تعمل قوى الاستكبار على تنويمه من خلال الحرب الناعمة، ولهذا يعمل محرك جوجل “google” الأمريكي على نشر وحماية المواقع القذرة والدعارة ، وتيسيرها للمتلقي العربي ، لأنهم يعرفون أنها تحول الفرد إلى متبلد الأحاسيس، فاقد الشعور بهويته وقضيته، وتجعله كسولاً، ومفرغاً من الداخل، وليس لديه قدرة على تمييز ما هو صحيح، بل تابعاً لمصالحه الشخصية الآنية، غير مبال بما يتهدد انتماءه الديني والوطني.
وفي سياق ذلك فقد دعا السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في خطاب له إلى العناية بالنشاط التوعوي في الجامعات والمدارس والمساجد والمقايل والمناسبات، والتحصين بالوعي في مواجهة التضليل الإعلامي والفكري والتصدي للحرب الناعمة من قوى العدوان، وأكد أن قوى العدوان تشن علينا حربا عسكرية تدميرية، وحرباً ناعمة إفسادية تسعى إلى إفساد الشباب ونشر الدعارة والمخدرات.
عقائد منحرفة
الكاتب والباحث همام إبراهيم تحدث عن التداعيات التي تحملها الحرب الناعمة التي يشنها العدوان على بلادنا مبينا إن للحرب الناعمة خطورة استطيع ان أقول أنها أفتك وأشد من ذلك الصاروخ ، كونها تستهدف الأمة ككل وتستهدفها في مبادئها وقيمها وانتمائها وهويتها وأخلاقها وتجردها حتى من الإنسانية وهو ذلك الهدف الذي يسعى لتحقيقه اليهود وهو نشر الفساد بكل أصنافه وألوانه ليصبح الإنسان مجرد نكره تافه حقير منزوع حتى من الفطرة .
وتابع الحديث واليوم نحن في بلدنا العزيز اليمن نتعرض لأبشع صنف من الحرب الناعمة تشمل كل المجالات وكل المناطق وبواسطة فريق منظم مجهز على أعلى مستوى من النتانة والخبث والشر وميدانيا وإعلاميا ودينيا ، وفي فترة وجيزة تنتشر عقائد منحرفة الفكر والمشروع والرؤى وتأخذ المزيد من التوسع نتيجة لمشروع سابق تم تقديمه بشكل مسيء لله ولرسوله وللقرآن ، ولنا كثير من الأحداث التي تظهر مدى التنفير من القران ومن الإسلام ، وتستمر هذه المشاريع اليوم نتيجة لانشغال أهل الحق بمواجهة رأس الباطل الذي حشد شياطين الجن والإنس من كل بقاع العالم ، وحالة المعاناة الاقتصادية المتدهورة نتيجة للحصار الخانق لهذا الشعب المظلوم .
ويرى همام أن هناك ألوانا أخرى من الحرب الناعمة في ذلك التلفاز من مسلسلات لاتنسجم مع ثقافتنا كمسلمين ويمنيين وما تبث من برامج منخلعة من كل القيم وتهيئ الأجواء والنفوس لتتقبل كل ما فيه إساءة لها في الحقيقة وبصفة خاصة. المرأة ، المرأة نواة المجتمع ومدرسة التربية في نشأة الأجيال ، سواء كزوجة في منزل زوجها أو طالية في مدرسة أو جامعة والتوسع في الانفتاح والعولمة التي تحمل في مضامينها نزع الإنسان من كل ما يثري شخصيته ويبنيها البناء السليم وبصفة خاصة نحن اليوم كمسلمين يمنيين ، وأعمال تلك المنظمات المشبوهة والتغني بالحقوق ونحن ثلاثة أعوام بلا حقوق .وكل هذا من مناهج العدوان الامريكي وما ذلك السعودي والإماراتي إلا أذرعه مؤقتة له وسرعان ما سيتخلص منها
الوعي
ويرى همام أن الوعي هو المعيار لمواجهة هذه الحرب والوعي مسؤولية بصفة خاصة على المتنورين بالحق والعلم ومن ضمنهم العلماء المدرسون الأكاديميون وكل من يحمل القيم والمبادئ والثقافة القرآنية وهي الأساس لكل هذا.
وضح النهار
الناشطة والإعلامية أشواق دومان تقول من رؤيتها : قد جرّب العدوان ،ومارس حربه العدوانيّة في وضح النّهار حرب إبادة أراد من خلالها محو خارطة اليمن حضاريّا و إنسانيّا و ما من شعب في العالم مورست معه هذه الغطرسة وهذا التّكبّر ، ولقد تفنّنوا بما يبيح لهم فتجننوا فالفنون جنون ،نعم استخدموا الحرب النّاعمة إضافة إلى ترسانة قنابل وأسلحة فتّاكة متطوّرة من أصغر طلقة إلى أعظم صاروخ،وتوازت حربهم العسكريّة مع تطرقهم لكلّ أنواع الحرب الباردة والنّاعمة فقد حوربنا بتضليلهم الإعلامي ظنا منهم أنّهم سينتصرون ،باتت قنوات مهيّأة بأحدث التّقنيات وأفخمها بمواجهتنا ومحاولة هزيمتنا نفسيّا حين نقدّم الخبر فيواجهونه بتضليل للرأي العام كذب وتدليس ووصل بهم الأمر إلى استعارة مشاهدنا ومحاولة دبلجتها على جيش المسوخ التابع لهم ،في كلّ مرّة حاولوا تشويش وتشويه الحقائق والواقع كان الإعلام الحربي لرجال الله بالمرصاد كالمضاد الحيوي يتفقد مواضع تواجدهم بصور ومشاهد حيّة من صميم أرض المعركة ،فانهزموا وما عاد يصدّقهم سوى شلّة مرتزقتهم حين يحاولون رفع معنويات جنود مأجورين لا عقيدة ولا قضية تحثّهم على النّصر ومن لا قضيّة له لا ينتصر ،فقد انهزموا فنقلوا البنك المركزي إلى عدن كحرب ناعمة أدّت لمعاناة شعب فقير أكلت الحكومات السّابقة أخضره ويابسه وما من خزينة لدولة نهبها المرتزقة بأوامر من أربابهم كتحد أمام المكون الذي حمل راية الدّفاع عن الأرض والعرض وانسلخ البقيّة عن هذا الشّرف ،فبات الأنصار المسؤول المشار إليه بالكامل ،وهذا ما خطّطت له عقول أدارت ولازالت تدير حربا ناعمة ضربت الاقتصاد في عملة اليمن فارتفع الدولار وارتفع الذهب تارة وتم التلاعب بالمواد ومشتقات النفط كحاجات أساسية لايستغني عنها المواطن أين وحيثما كان .
خطوات الترضيخ
ومضت دومان بالقول إنه ومن خلال ذلك أرادوا تركيع شعب لهم بأكوام من خطوات الترضيخ والتركيع فحربهم الناعمة حرب نفسية وإعلامية واقتصادية وفتنوية فقد غذّوا فكر تابعيهم ومن تابعيهم إلى تابعي تابعيهم بأنّ الحوثي لا يملك حقّا في وطنه ،وحصروا قضيّة اليمن كوطن لكلّ يمني ،حصروه في اسم الحوثي ومفهوم الزّيديّة فطعنوا فيها وحرّفوا بوصلة انتماء الزيود إلى فارس ومجّسوا وفرّسوا كلّ معارض ومقاوم ومحارب لهم دون أرضه وعرضه وماله ،و بإلصاقهم قضية وطن بوطن آخر تفرق بينهما بحار وجبال قد غرزوا سمهم في عقول من يميل إلى فكر الهزيمة وثقافة الانهزام بأنّ الحوثي إيراني وألغوا الإسلام وكفّروهما فكلّ حوثي إيراني وكلّ إيراني مجوسي وكلّ مجوسي كافر وكلّ كافر في النار ويجب محاربة الكفّار .
مختلف المجالات
الناشطة الثقافية آمال عبدالخالق الحمزي بمديرية شعوب بالأمانة أوضحت أنه عندما أدرك العدو الصهيو أمريكي فشله في الحرب العسكرية وحصاره الاقتصادي لشعب الصمود لشعب الانتصارات راهن العدو رهانا خبيثا على الحرب الناعمة فهيَ أشد خطورة وأشد ضرراً بكونها تستهدف الناس في أخلاقهم وفي دينهم في إفساد نفوس الناس وذلك كان عن طريق التضليل الإعلامي وعن طريق مواقع التواصل الاجتماعي فالإعلام لعب دوراً هاما وخطيرا في عدة مجالات منها في انتشار المسلسلات الخليعة التي تضرب النفوس وتذهب بإزكائها الحرب الناعمة لطالما استخدمتها أمريكا وإسرائيل في طمس هوية العرب والمسلمين فهي من تقدم الفساد لشعوب وتظهرها أنها موضة وأن بها الحداثة والتطور ومن امتنع عنها وصفوه بالتخلف .
وأضافت قائلة : لكن نؤكد لكل دول العدوان ولكل من يضلل من الإعلاميين ولكل من يساعد العدو في نشر الفساد اللا أخلاقي إننا شعب لازال متمسكا بدينه وبقيمه وأخلاقه وأعرافه القبلية لا يرضى بذل لا يرضى بالانحطاط الأخلاقي شعب متمسك بالقرآن الكريم وبمسيرته القرآنية شعب واع يعي جيداً خطورة هذه المرحلة كما قال السيد حسين عليه سلام الله(إننا في هذا العصر في أمس الحاجة إلى الرجوع إلى القرآن الكريم ففيه هداية للعالمين).
الأشد خطورة
وتسعى قوى الاستكبار. إلى بث الشعارات والمفاهيم الخاطئة، وتزيينها وتشويه المفاهيم السائدة، فهم يتحدثون عن الحداثة، ويقصدون بالحداثة ترك الماضي بكل ما فيه على قاعدة أنه أصبح مرادفاً للتخلف! ، ويتحدثون عن الأسرة ويطالبون بعدم تقييدها بالضوابط المعروفة في إدارتها، لتكون أسرةً حرَّة في إطار المساكنة والإنفاق المشترك، وعدم وجود مسؤول عن الأسرة، لتتحول الأسرة إلى بيتٍ يأوي الرجل والمرأة من دون أي تنظيم للعلاقة بينهما! ويتحدثون عن نموذج الغرب في كل شيء، في الطعام والشراب، وطريقة الحياة، وطريقة اللباس, ومواكبة الموضة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير بعض الحقائق ويؤسس لشخصية مختلفة.