اليوم العالمي لليتيم واليمن
محمد أحمد المؤيد
كلمة اليتيم تدل على الحسرة والبؤس والحرمان , فهي كلمة مؤثرة فعلا, وقد لا يعيها إلا من صار يتيما للأب أو الأم أو كليهما , وبما أن العالم سيحيي هذا اليوم لليتيم والذي يصادف الجمعة الأولى من شهر إبريل بمهرجانات متنوعة كالأوبريتات أو البازارات أو حتى عبر المسرح والتي غالبًا ما تأتي هذه الأعمال بشجون وبكاء ونحيب يكدر صفو الحضور والأيتام معاً , وهذا غلط فادح فعلا , ولكن الذي نتمنى أن يكون في هكذا أعمال التحفيز لليتيم وإعطائهم الثقة في أنفسهم وقدراتهم وطاقاتهم , التي هي ذخيرة حية للمجتمعات , وخاصة عند صقلها بسلاح الأدب والعلم والمعرفة والتطبيق وكسب الخبرات , وكلها بالتأكيد ستعمل على جبر خواطر أي يتيم فقد أباه أو أمه أو فقد أبويه معاً.
ولذا فالكلمات والمشاعر الجياشة ناحية اليتيم أحيانا عندما تكون بدون عطاء وتضحية من المجتمع حولهم , ستؤثر حتماً بالسلب على مشاعر وأحاسيس اليتيم , والذي قد يلقي بظلاله على سلوكه وأمثاله ناحية المجتمع من حولهم , فبدلاً من أن نربيهم على الأنفه والعزة والأمان في أحضان بلدانهم ومجتمعاتهم , سيتذمرون ويتبلدون وينهارون مما يؤدي إلى سلوك وتصرفات غير مرغوبة أقلها التسول والتشرد , وأكبرها الدخول في عالم الانحراف كالسرقة والتسكع في المدن أو الترويج للأشياء المشبوهة كالدخول في عالم التهريب أو عصابات المافيا أو تلك المخلة بأمن المجتمعات , كل هذا وأكثر , لا لشيء وإنما لعدم رعايتهم الرعاية الكاملة الصحية والنفسية والعلمية والإبداعية من قبل بلدانهم ومجتمعاتهم وأهاليهم , والتي بلا شك سيجعل منهم لقمة سائغة للانحراف الشخصي أو الفردي , وكذا الولوج مع جماعات مشبوهة ومخلة بالأداب العامة والأمن والسكينة العامة , وهذا مالا نريده فعلاً , وخاصة ونحن في بلد الإسلام قال تعالى : ” وأما اليتيم فلاتقهر ” صدق الله العظيم , أو كما جاء في الحديث النبوي الشريف على صاحبه محمد رسول الله وآله وصحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: ” أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ” صدق رسول الله.
فاليتم معناه ” فقدان السند والظهر والعون والمدد والحنان والعطاء والرحمة والشفقة والحرص على السلامة والمصلحة والمكانة والشعور الكامل بالأمان من جميع نواحي الحياة التموينية والأستقرارية والدفاعية والهجومية والتي جميعها تكون من الوالدين بلا حدود ولا مقابل إلا الإحسان لهما بالعشرة الطيبة ” , هذا معنى اليتم , فأي معنى للحياة بدون كل هذه المعاني , التي مهما بحث الإنسان عنها أو ما يوازيها لن يحصل عليها ولو أنفق ما أنفق , وأنا يتيم وقد جربت , ولذا فأي شيء يقدم لليتيم لايمثل إلا اليسير أمام عطاء الوالدين , غير أنه يكون كنوع من المواساة وجبر الخواطر فقط , كون مافات مات , ومن يجب والديه فيسأل الله الرحمة لهما , ونهج وتخلق وتصرف بأحسن سلوك وبما يكون ممثلاً لوالديه على هذه الدنيا ” ومن خلف ما مات ” , فيكون عندها خير خلف لخير سلف.
ولأن الشيء بالشيء يذكر , فيوم اليتيم العالمي , يذكر كل يمني كم صارت حصيلة الأيتام خلال الآونة الأخيرة من هذا العقد من الزمن , والذي شكلت الحرب الظالمة على اليمن من قبل التحالف “السعوأمريكي” ضربة قاصمة لكل بيت من بيوت اليمن ككل , فلا يكاد يخلوا خمسة منازل إلا والسادس أيتام أو ربما أقل من هذا العدد , وهذا بصراحة يعد أكبر غبن تجرعه المجتمع اليمني ككل , وبسبب من ولمصلحة من ؟ ولكن التحالف شيطان أبى إلا أن ينشر اليتم في غالبية الشعب اليمني , وهذه وصمة عار ولعنة في حين دول العدوان ..ولله عاقبة الأمور..