وكيل وزارة الصحة لقطاع الخدمات والرعاية الصحية الدكتور / عبدالعزيز الديلمي لـ”الٹورة”:
مغادرة 3000 من الكادر الصحي الأجنبي من أخصائيين وفنيين فاقمت المعاناة و55% من المرافق الصحية خارجة عن الخدمة
800 ألف شخص مصاب بأحد الأمراض المزمنة في 11 محافظة
نحتاج مليون كبسولة لزارعي الكلى وما تم توفيره خلال 2017 لا يتجاوز 20 ألف كبسولة
2000 معاق ووفاة 15 ألف شخص من 100 ألف حالة في انتظار السفر لتلقي العلاج
حوار / سارة الصعفاني
يمعن تحالف العدوان في القتل وتتساقط الصواريخ والقنابل في كل مكان وحصار يمنع حتى الحالات الحرجة من المرضى والجرحى من السفر لتلقي العلاج ، ويرفض دخول أدوية البقاء على قيد الحياة بل يمنع الحياة ذاتها من العبور عبر المنافذ .. تعددت المجازر والجرائم لتؤكد الحقد الدفين على وطن الحضارة ، 3 سنوات من قتل الإنسان والعبث بالتاريخ وتدمير المقدرات في انتهاك صارخ للإنسانية والقوانين والمواثيق الدولية.
في هذا الحوار نسلط الضوء على جرائم العدوان في القطاع الصحي مع وكيل قطاع الخدمات والرعاية الصحية بوزارة الصحة الدكتور عبد العزيز يحيى الديلمي:
في ظل الحصار الشامل على اليمن كيف تغطي وزارة الصحة والشركات الدوائية احتياجات البلد من الدواء خصوصاً أن ما تنتجه المصانع المحلية لا يتجاوز 6 %؟ وكم تقدّر نسبة العجز في الأدوية؟
– الوضع الصحي حقيقةً سيئ من قبل العدوان والحصار لكنه تدهور خاصة في جانب الدواء فالمصانع المحلية لم تكن تغطي احتياج البلد من الأدوية، وما كان متاحاً يمنع الحصار دخول المواد الأولية لتصنيعه .. فالمحاليل الوريدية أصبحت مشكلة بعد حدوث خلل في خط المحاليل في مصنع يدكو الذي كان نتاجاً لاتفاقية تعاون مشترك في القطاع الصحي بين اليمن ودول الخليج ..طالبنا كثيراً المنظمات الإغاثية حل المشكلة وبعد تأخير جاءوا بقطعة غير مطابقة للمواصفات كلفت 14 مليون ريال، ومنذ 3 سنوات نستورد المحاليل وهذا مكلف وما توفره المنظمات الدولية لا يكاد يغطي احتياجنا من المحاليل بنسبة %10 وباقي احتياجاتنا من أدوية ومستلزمات طبية يتم تغطيتها عبر الشركات المحلية الخاصة بأسعار مرتفعة، ويبلغ العجز في الأدوية %70.
حدثنا عن الجرائم التي يرتكبها العدوان في قطاع الصحة؟ وكم تقدّر نسبة القدرة التشغيلية لمرافقه؟
– يرتكب العدوان جرائم حرب الآلاف من الوفيات الجرحى الإعاقات التشوهات وخسائر مادية مكلّفة ومغادرة 3000 من الكادر الصحي الأجنبي من أخصائيين وفنيين فاقم المأساة وتدمير للمنشآت الصحية وتعطل أغلب الأجهزة الطبية ونقص حاد في الأدوية ومستلزمات إجراء العمليات الجراحية، 55 % من المرافق الصحية خارجة عن الخدمة وتلك التي ما تزال مستمرة لا تعمل بالكفاءة المطلوبة ولا تقدم خدمات طبية متكاملة حتى في العاصمة والمستشفيات المركزية أكاد أقول أنها تعمل بـ 60-50 من طاقتها فقط ، ولم تعد الأم والطفل لهما أولوية الحصول على خدمات الرعاية الصحية بعد أن أصبح أكثر من 60 % من المراكز والمستشفيات في الأرياف معطلة كليّا، وما تبقى لا يقدم سوى خدمات بسيطة جداً تكاد تقتصر على التحصين والصحة الإنجابية.
بالإحصائيات ما حجم الأضرار التي لحقت بالقطاع الصحي نتيجة القصف المباشر والحصار؟
– يبلغ إجمالي الخسائر المالية التقديرية في القطاع الصحي سنوياً أكثر من 250 مليار ريال .. دمر العدوان 420 مرفقاً صحياً كلياً وجزئياً و6 مخازن ، وأغلق 741 مرفقاً من عدد 4656 ،دمر مصنعي أكسجين بكلفة تقديرية بلغت 800 ألف دولار و65 سيارة إسعاف بمبلغ مليونين و400 ألف دولار، وبلغت خسائر الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية قرابة 389 مليون دولار ، وانخفضت الواردات بنسبة 34 % في عام 2017 عن عام 2014م.
بعد مرور 3 سنوات من العدوان والحصار الجائر ما تقييمك للوضع الصحي في اليمن وفي المناطق غير الخاضعة لقوى التحالف على وجه الخصوص؟
– عسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً الجانب الصحي مأساوي ولكننا عرفنا مكامن الخلل وأدركنا أن دور المنظمات بعيد عن الإحتياج الفعلي للمواطن ولا يغطي دعمها 10 %، نثق في كوادرنا ونسعى لبناء الجانب الصحي ومعالجة المشاكل والاختلالات وتطوير الخدمات وتحقيق الاكتفاء الذاتي بإذن الله.
كم تقدر نسبة المخزون الدوائي في اليمن؟ وكيف تفسر اختفاء أدوية ضرورية لشركات دوائية دون غيرها خصوصاً تلك التي لا يوجد لها بدائل؟
– لا أعرف فمخازن وزارة الصحة تكاد تكون فارغة فالمنظمات تعمدت أن تخزن الأدوية في مخازنها وتوزع الأدوية بنفسها فخسرت الإعفاءات الجمركية، ونتفاجأ أحياناً كوزارة صحة أننا لا نعرف مخزوننا من الدواء كما حدث عند انتشار الدفتيريا فتواصلنا مع الهيئة العليا للأدوية لموافتنا بالمخزون حتى من الشركات الدوائية الخاصة لكننا تفاجأنا أنه لا يوجد لدينا من مخزون الأزترموسين اللازم لعلاج مثل هذه الحالات إلا ما يعادل 20 ألف حبة لا تكاد تغطي 2 % من احتياجنا المتوقع لمواجهة مثل هذا الوباء. ومسألة الدواء والمخزون يخص الهيئة العليا للأدوية المسؤولة عن الأدوية والشركات الدوائية.
كيف تقيم دور المنظمات الصحية الدولية في تخفيف معاناة اليمن؟ وهل اقتصر دورها على تقديم اللقاحات والمحاليل وقرب الدم فقط كما يُقال؟
– على كل حال نشكر المنظمات، فدخول أدوية ومحاليل ومستلزمات طبية عبرها هو شريان حياة لحالات كثيرة لكن هذه المنظمات لا تدعمنا بالأدوية الضرورية مثل محاليل الغسيل وأدوية أمراض الأورام والدم وزارعي الكلى وتفرض وصاية حيث عطلت دور وزارة الصحة الإشرافي والرقابي وحتى التنفيذي في الميدان وتبرير ذلك أن هناك ضغوطات بأن لا تعطي المال و الدواء لحكومة الشمال ونجدها تصرف أموالاً كثيرة عبثاً في تنفيذ ورش عمل أو مؤتمرات أو دورات مكررة لغير العاملين في المراكز الصحية وبعيداً عن إشرافنا وتركز على التحصين وتتجاهل مطالبنا بصيانة الأجهزة الطبية وتوفير قطع الغيار وحوافز الأطباء رغم أن الميزانية المرصودة من البنك الدولي تفوق 250 مليون دولار، وقد صرفت من الميزانية أكثر من 50 % في حوافز.
وتستمر هذه المنظمات في إدخال أدوية لم تعد تستخدم بل تقوم المنظمات بتخزينها وتكديسها في مرافق صحية ليس فيها كادر صحي إلى أن تتلف في حين أن عدد مرضى الكبد فقط أكثر من 3000 يحتاجون الألبومين الذي يصل ثمنه إلى 15000 ويحتاج المريض في الشهر عشر فيالات على الأقل.
في الحروب والكوارث يكون هدف وزارة الصحة توفير الأدوية الأساسية خاصة أدوية الأمراض المزمنة وأدوية البقاء على قيد الحياة ومحاربة الأمراض الوبائية .. ماذا حققت وزارة الصحة من إنجازات في ظل العدوان والحصار؟
– رغم العدوان والحصار وتوقف الرواتب والنفقات التشغيلية وتعطيل وزارة الصحة وتعمد المنظمات أن يتم تجويع كادر وزارة الصحة حتى لا يقوموا بدورهم لكن هناك انضباطاً وظيفياً، ومنذ أن عينت وكيلاً لقطاع الخدمات قبل ستة أشهر قمت بحملة مسح شامل للأمراض المزمنة في 11 محافظة بعد ضغوطات ومعارضة من قيادات في الصحة ورفض منظمات كانت الحصيلة 800 ألف شخص مصاب بأحد الأمراض المزمنة، ونهدف لاستكمال قاعدة البيانات للضغط على المنظمات بتوفير الأدوية بذات الحرص على إيصال اللقاح لكل قرية لكننا ما نزال ننتظر منذ خمسة أشهر مجرد ميزانية تمكننا من إنشاء قاعدة بيانات واستكمال الحصر، ولأغراض سياسية رفضت بعض المحافظات الجنوبية إجراء المسح.
أيضاً تم تنظيم عمل الصيدليات المركزية بالكروت والبصمة وحرصنا على توفير الأدوية من فاعلي الخير والمنظمات وافتتحنا صيدلية خاصة بأسر الشهداء في مستشفى الكويت ولاحقاً سنفتتح صيدلية لهم في كل المحافظات.
كم عدد المرضى الذين يواجهون خطر الموت أو التشوه أو الإعاقات نتيجة العدوان والحصار؟
– حتى الآن هناك ما يقارب من 35 ألفاً ما بين شهيد وجريح وأكثر من 2000 حالة معاق يمثلون 10% من عدد الجرحى، و80 شهيداً من كوادرنا الصحية وأكثر من 216 جريحاً قتلوا قصفاً داخل المنشآت الصحية و فوق سيارات الإسعاف وأثناء إنقاذ الجرحى، إذ يعاود طيران العدوان القصف ليقتل المنقذين، وهناك أكثر من 5000 طفل ما بين شهيد وجريحاً فيما يبلغ عدد الحالات المرضية التي تحتاج للسفر لتلقي العلاج في الخارج أكثر من 100 ألف توفي منهم أكثر من 15 ألفاً والآلاف من ضحايا النقص الحاد في الدواء والمحاليل وقرب الدم خاصة من المصابين بالأمراض المزمنة كما بلغ إجمالي حالات الوفاة بالأمراض الشائعة والأوبئة المنتشرة 1875 حالة وفاة منذ عام 2015 وإصابات تجاوزا 22 مليون حالة، وقرابة مليون ومائتي ألف مصاب بالكوليرا توفي 2390، ووفاة 150 وإصابة 1377 حالة بالدفتيريا .
هل هناك ما يثبت حدوث تشوهات في الأجنة وإجهاضات بفعل القنابل المحرمة دولياً لتقديمها إلى المحاكم الدولية؟
– وجدت أول حالات التشوهات الخلقية في بني الحارث ، وفي محافظة صعدة كثير من التشوهات في الجلد والأعضاء فقدمنا اقتراحاً للمنظمات بأن يتم إجراء مسح ودراسات كإثبات أن التشوهات الخلقية بفعل تأثير المواد الإشعاعية خاصة أن التأثير قد لا يظهر إلا بعد سنوات كما حدث في العراق لم تظهر التشوهات والسرطانات والأمراض الخطيرة والغريبة إلا بعد 7 سنوات.
وقد شاهدت بنفسي الفسفور الأبيض في هيئة شظايا وهي تعطي دخانا أبيض أثناء الجراحة، في مأرب يعتقد استخدام غازات الأعصاب حيث يتوفى الجنود بمجرد دخول مكان ما فجأة دون تشوهات، الإثبات يتطلب أجهزة وخبراء لفحص مثل هذه المواد.
ما سبب رفع المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية سعر الخدمات الطبية التي يفترض أن تقدم مجاناً خصوصاً في زمن العدوان والفقر المدقع؟
– هناك جشع وحرب لا إنسانية ضد المواطن الصامد الصابر وقد يكون رفع سعر الخدمات الطبية اضطرارياً نتيجة توقف الرواتب والميزانيات التشغيلية لكن تعطل الدور الرقابي لنا على المستشفيات لا يجعلنا نعفي أنفسنا من هذه المسؤولية وبإذن الله نضع حلولاً للإشكاليات والاختلالات التي تتسبب في معاناة المرضى .. ليس بالإمكان أن تكون الخدمة الطبية مجانية ولكن لابد من مراعاة الوضع المادي لشعب يعيش تحت خط الفقر وبما يمكن المستشفيات من تقديم الخدمات الطبية وبكفاءة.
لماذا لا توجد أي رقابة على مراكز التداوي بالأعشاب والقرآن المنتشرة في وطننا؟ ولماذا لم يصدر بعد قانون الطب البديل؟
– التداوي بالأعشاب موضوع مهم وحساس ومطروح للنقاش لكن لا علاقة لنا بهذه المراكز حيث لا توجد في وزارة الصحة آلية واضحة وإدارة مخصصة تهتم بالطب البديل وليس لدينا ضوابط واضحة ومعايير لكيفية الترخيص .. قد تكون جيدة وهناك إقبال شديد لكن يجب أن تنظم ونغض الطرف عنها حقيقة مراعاة للفقراء وأغلب الحالات نفسية فيذهب المريض إلى مراكز التداوي بالأعشاب والقرآن فيتعافى من حالته النفسية بدون تكاليف مستشفيات .
نتيجة الحصار وضعف الرقابة على المنافذ هناك أدوية مهربة ومغشوشة وشركات رديئة و أسعار جنونية تفوق القدرة الشرائية للمواطنين ..
هل من دور لوزارة الصحة في الرقابة على الصيدليات أم أن مشكلة الميزانية ” المعدومة ” ماتزال حجر عثرة؟
– للأسف الشديد في تقصير من قبلنا في وزارة الصحة ونتشارك في المسؤولية مع الهيئة العليا للأدوية فالرقابة على الدواء والشركات من اختصاص الهيئة والرقابة على الصيدليات من اختصاصنا كما أن هيئة الأدوية مستقلة بذاتها إدارياً ومالياً وتابعة للوزير إشرافياً فلا علاقة لنا بتفاصيل وخفايا ما يحدث في جانب الأدوية .. وهنا يكمن الخلل.
هل وصلت أدوية زارعي الكلى وأدوية السرطان؟ وماذا تم بخصوص تغطية محاليل ومستلزمات الغسيل الكلوي خاصة بعد توقف الموازنات التشغيلية لمراكز الغسيل التي كانت تمونها الإدارة العامة للبرنامج الدوائي؟
– كانت الميزانية المرصودة لبرنامج الدواء قبل أن تتوقف بعد العدوان 4 مليارات ريال لشراء أدوية تصرف مجاناً للحالات التي يكلف علاجها مثل محاليل الغسيل الكلوي وأدوية زارعي الكلى والأمراض المزمنة ، حالياً تدعمنا المنظمات بعد مناشدات كمنظمة أطباء بلا حدود والصليب الأحمر والصحة العالمية وغيرها بمحاليل الغسيل الكلوي لكن بكميات محدودة وغير منتظمة لا تغطي احتياج 32 مركزاً للغسيل و5000 مريض وتوقفت بعض المراكز كلياً أما أدوية الزارعين فاحتياجنا السنوي يصل إلى مليون كبسولة وما تم توفيره خلال 2017م لا يتجاوز 20 ألف كبسولة ما يدفع المريض للشراء من الصيدليات بأسعار مرتفعة أو ينتظر توفره في الصيدليات المركزية بمبادرة من فاعلي خير.
المفارقة أن الصيدليات المركزية في عدن لديها كميات من هذه الأدوية تفوق احتياجها بدعم من المنظمات وطرحنا عليهم أن يتم التعاون بيننا خاصة أن القضية إنسانية لكن المنظمات تكرس فكرة فصل جنول الوطن عن شماله .
ما علاقة انتشار الكوليرا والدفتيريا بالعدوان؟ وما مدى صحة وجود لقاحات منتهية الصلاحية؟
– بسبب العدوان تهدم النظام الصحي وتضررت البنية التحتية للمياه فكم من خزانات مياه قصفت ولم يعد المواطن يجد مياه نقية إلا بصعوبة ولم تستطع الحكومة صيانة الصرف الصحي وتشغيل محطات تنقيته.. لقاحات مكافحة الأوبئة هامة لكن يجب معالجة المشكلة بإصلاح منظومة المياه والصرف الصحي ولا يستبعد أن يكون الوباء حرباً بيولوجية لكن لا يوجد لدينا إثباتات تنقصنا التقنيات العلمية.
وبرنامج التحصين هو الوحيد الذي ما تزال وزارة الصحة مشرفة عليه، ولا نأخذ اللقاحات إلا عبر منظمة اليونيسف وبمعايير منظمة الصحة العالمية وتم توقيف الأخذ من منظمة أطباء بلا حدود بعد أن تبين أنها أدخلت لقاحات في 2016م إلى مخازن وزارة الصحة بالإمكان استخدامها لكنها ليست مضبوطة 100 % وأبلغنا المنظمة أن تعيدها وإذا لم تستجب سيتم محاسبتها دولياً.