برعاية أمريكية.. الملا طارق صالح في اليمن يؤدي دور الملا عمر في أفغانستان
عبدالفتاح حيدرة
إن المتابع لما تنتهجه تحركات التحالفات العسكرية والسياسية في المحافظات الجنوبية برعاية قوات التحالف المعتدية على اليمن، الإمارات والسعودية، سوف يجد أنها ليست سوى نسخة أخرى من تحركات الأفغنة بكل تفاصيلها المريرة، إذ لو عدنا فقط للتاريخ القريب لحركة طالبان الأفغانية، التي ظهرت في عام 1994م وهو العام نفسه التي انتصرت فيها شرعية 7 / 7 على الحزب الاشتراكي في الجنوب اليمني..
إذا تساءلنا وعرفنا كيف ظهرت حركة طالبان في أفغانستان بذلك التوقيت بعد صراع كبير بين معسكري القوتين الأفغانيتين الكبريين اللتين واجهتا السوفيت وهما معسكرا (حكمتيار ومسعود)، وكيف وصل الأمر بهذين المعسكرين الوطنيين بصفتهما كانا يحاربان ضد الاتحاد السوفيتي، ووصلا إلى أن يتناحرا داخل العاصمة الأفغانية كابول ليدمراها عن بكرة أبيها، ويقسما أفغانستان إلى عدة دويلات وأقاليم صغيرة متناحرة ..
كل الذي نتج عن الصراع بين المعسكرين الوطنيين الأفغانيين المواجهين للعدو الخارجي السوفيتي وهما (معسكر مسعود ومعسكر حكمتيار) ، هو ظهور حركة طالبان الجهادية التي تكونت بين ليلة وضحاها من كل الحركات الجهادية والعسكرية نفسها التي كانت ضد الاتحاد السوفيتي..
ظهور طالبان كان على يد شاب يدعى الملا عمر، الذي هرب إلى قبائل الجنوب الأفغاني وهناك بايعه 1500 طالب من قبائل البشتون، وهي القبائل الحاضنة لتنظيم القاعدة، ليؤسس منهم معسكراً سمي معسكر (توحيد الأراضي الأفغانية) ومن خلال هذا المعسكر تمكنت الحركة من الاستيلاء على أفغانستان كلها خلال عام واحد فقط ، قامت خلالها وتحت شعار فضفاض هو الوحدة الأفغانية وإقامة الدولة الأفغانية، ومحاربة الفساد، اذ تمكنت الحركة فعلا من توحيد الأراضي الأفغانية، ولكنها كانت مدعومة لوجستيا وسياسيا وعسكريا وإعلاميا من الخارج عن طريق باكستان..
كان هذا هو الانتصار الشكلي والإعلامي الذي تم صناعته للقبول الشعبي بحركة طالبان الأفغانية، والذي مكن الحركة من فرض وإجبار جميع الفصائل الأفغانية المسلحة على تسليم السلاح لها، وبرعاية دولية بعد أن سيطرت على الحكم والعاصمة كابول حتى أن أول الدول التي اعترفت بها كنظام سياسي أفغاني هي باكستان تلتاها السعودية والإمارات في تاريخ 26 /5 /1997..
إن حكاية الملا عمر وحركة طالبان وطريقة تشكيلها ودعمها من الإمارات والسعودية وباكستان يماثل تماما ما يحدث اليوم لحركة الملا طارق صالح، إذ بدأ تحرك طارق المباشر إلى قبائل شبوة (وهي القبائل الحاضنة أيضا لتنظيم القاعدة في اليمن) تلاه تحرك لوجستي وسياسي باتجاه (عدن) وهو نفس التحرك الذي قامت به حركة طالبان في أكتوبر/ 1994 والتي وسعت من نشاطاتها فاستولت على مديرية “سبين بولدك” الحدودية كما استولت على مخازن الأسلحة والذخيرة المركزية للولايات الجنوبية الغربية التابعة للحزب الإسلامي بزعامة حكمتيار التي تعتبر من أكبر مخازن السلاح في أفغانستان..
وهذه هي الخطوة التي قام بها الملا طارق بالتحرك من عدن باتجاه المناطق الحدودية في الساحل الغربي والخوخة والضالع وإب، والتي مثلها زيارة الزبيدي أولا كتمهيد لتسليم معسكر الصدرين في الضالع بسلاحه الضخم في قعطبة بالضالع، لتمثل له نقطة انطلاق لنهب مخازن سلاح معسكرات الحرس في محافظتي (إب) و (البيضاء) مثلا ومخازن سلاح المنطقة الرابعة من البيضاء حتى الساحل الغربي..
انه تكيتك واحد ممنهج، لحركة طالبان الملا عمر وحركة طالبان الملا طارق، إذ ادى الدعم الدولي لنجاح الملا عمر، كشخصية قيادية إلى تحشيد القبائل البشتونية في المناطق الجبلية، وهو ما يريد عمله الملا طارق في تحشيد قبائل المناطق الوسطى في تعز وإب والضالع والبيضاء ، ومن جهة أخرى قامت حركة الملا عمر وبدعم إماراتي وسعودي بنهب جميع أسلحة القوى الأخرى صديقتها وعدوتها معا وضمها تحت الوصاية والقيادة الطالبانية، وهو ما يخطط للقيام به الملا طارق وبرعاية إماراتية وسعودية أيضا والتي بدأت في ضم كافة قوى المجلس الانتقالي الجنوبي (الحراك) وستنتهي بضم الجيش الوطني التابع لعلي محسن في مارب، وضم أسلحة وإرهابيي النخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية، كما قام الملا عمر بتحشيد وقيادة كل جيوش الارتزاق والميليشيات الإرهابية للقضاء على الحركات الوطنية المواجهة للاحتلال الأجنبي السوفيتي، وهو ما يخطط الملا طارق والأمريكان والسعودية للقضاء على حركة الحوثيين المواجهة للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي..
نهاية المشروع لحركة طالبان الأفغانية ونهاية طالبان اليمنية هو الأخطر أن الملا عمر وحركة طالبان الأفغانية استخدمتهما أمريكا والسعودية والإمارات وباكستان كغطاء دولي للغزو الأمريكي على أفغانستان، ونفس التكتيك (الأمريكي البريطاني الإماراتي السعودي + إسرائيل) والذي يستخدم له كغطاء الملا طارق وحركة طالبان الطارقية في الساحل الغربي ليكونوا الغطاء الذي سيتم من خلاله قرار غزو اليمن كما فعلوا في أفغانستان..