معركة ” النفس الطويل “
محمد أحمد المؤيد
من منا لا يستعجل النصر , ومن منا لا يتألم من ويلات الحروب والاقتتال , ويتمنى أن يغمض عينيه ويفتحهما وإذا به يسمع ويشاهد أخبار وبشائر إنهاء الحرب وإعلان النصر المبين , لحظات لا شك جميلة وعظيمة , ولطالما تخيلنا وانتظرنا هذه اللحظات الأكثر من رائعة بشغف وشوق لا يهجع في داخل النفس , فكل يمني قد تجرع المر بما فيه الكفاية وتذوق الكدر في الصفو بما لايدع مجالاً للتشكيك في هذا , وعاش ما لم يرق لعيشه ويناسب طبعه , كل هذا وذاك ولكن الحرب لازالت , أي لازال هناك عدوان وأعداء يتربصون باليمن وشعبه , فمن نصدق، الأمنيات والأحلام (النوم أو اليقظة) وكلها أحلام , أم نصدق الواقع المعاش والحقيقة الماثلة للجميع , فهي حقيقة مرة لكن الأمرَ منها أن تترك دماء الشهداء وأنين الجرحى وقهر الأم والأرملة والثكلى , ونتبع الأحلام والأمنيات .
الوقت يمضي بنا كالبرق الخاطف , سنوات مضت من حرب هوجاء ظالمة وها نحن على مشارف السنة الرابعة, فمن يتذكر كيفية الحياة قبل الحرب وطول وبركة الوقت ويتذكر الوقت في الحرب وكيف أن الأيام والساعات تنطوي بسرعة لم نعرف قط مثلها , مشيئة الله ورحمة منه سبحانه , فالله معنا وهو يتولى الصالحين , ومع هذا فهناك من يتكدر لاستمرار الحرب وهل هناك حل غير الصمود والاستمرار في مواجهة العدوان السعوأمريكي , مالكم كيف تحكمون , فهيا تعالوا معي نصول ونجول مع الأحداث في الحرب , فسنجد أن اليمني إنسان تفرد بالشهامة والنخوة والعنفوان الأبدي , فهي شهادة تشاهد من كل خط ناري يخوضه رجال الله من اليمنيين الأبطال , ولم يتسن للعدو وترسانته المهولة أن يتعدى تبه أو جبل أو ضاحية وقف فيها مقاتل يمني كالخرسانة العتية وضعت أمام المخالفين والمتخلفين , وهم لسنوات صامدون ومستبسلون , يذوقون المر ليحلوا عيشنا , ويطعمون العلقم ليشرئب وَيعذُب مذاقنا , ويتلاطمون مع الأمواج للأجواء التي تكون أما شديدة الحرارة أو شديدة البرودة , وبيئة وعرة وقاسية , يتلحفون السماء ويفترشون التراب , ويستنشقون البارود ويشربون من دماء كل غاز ومعتد , حاملين معهم معركة النفس الطويل براحة تامة وطمأنينة متواصلة وغير متكدرة , ونريد نصراً على طبق من ذهب , وبدون أدنى تضحية توازي بطالعها ولو الجزء اليسير لمن هبوا ووهبوا كل غالٍ ونفيس , وليس أغلى من بذل النفس , ومع هذا لم يهابوا عدو الله من تمثل بالشيطان ويريد طاعته وعصيان الله وأوليائه , ذلك الذي عول سبب هزائمه في أرض المعركة وتأخر نصره – كما يدعي وهذا بعيد عليه كما هو البعد بين المشرق والمغرب – الذي صرح به في بداية الحرب أنه لن يتعدى الثلاثة أيام , أما تصريحه بعد ثلاث سنوات قائلا : ” نحن نخوض معركة النفس الطويل ” فأين ذهبت الترسانة العسكرية كاملة العدة والعتاد , التي وبلا فخر – ولكن الميدان يحكم – لو وجدت عند رجال اليمن الصامدين , لكنا سميناها معركة ” النفس الأقصر من القصير ” , ولكن لا عجب فهو يريد تقليدنا في كل شيء , وخاصة في تلك الانتصارات التي صدرها رجال اليمن الأشاوس , محاولاً نسبها له ولرجاله , كما هو مصرح به من وسائل إعلامه بشأن قصة المجاهد اليمني الذي أنقذ زميله مع وجود وابل من الرصاص الحي بدون أن يتسنه , والذي أذهل العالم بهذا الوفاء المنعدم النظير , ولكن نظام سعود ادعى أنه من رجالهم ..!! , وهكذا يفضحون أنفسهم على الملأ.
كلمة الحق تمضي كالبرق الخاطف , ولا مجال للتخويف والتسويف والتعسيف , فالنصر إن شاء الله لا محالة آتٍ , غير أن عامل الزمن هو المحك الرئيسي في الموضوع , والضامن للزمن هو النفس الطويل , ومعركة النفس الطويل تبدو هي من ستلقن العدو شر هزيمة , فهي استنزاف وهي صقل للرجال وهي تمحيص للمؤمنين الصادقين وهي من ستذيقنا قيمة وطعم النصر المبين .. إن شاء الله رب العالمين .
..ولله عاقبة الأمور..