الغفلة ” الداء والدواء ” ..!!؟
محمد أحمد المؤيد
يجدر بالإنسان أن يعي عواقب الأمور , فلا يغفل عن حق لا بد منه , ويسعى إلى حق ليس منه بد , فحينما يرى أحدنا كل شيء صار نصب عينيه وهو في تلاش وكدر وتذمر مستمر , عبر حياة صارت تتجرع المر بلا توقف , من خلال تلك الأهوال التي صارت تعظم يوما بعد يوم , فيبدو كل شيء أمام أعين الجميع بحال ليس على مايرام , إلا الشر أو الحرام , عندها يجب على كل فطن أن يفطن لتلك الغفلة التي هي سبب التراجع والتلاشي لكل ما نرجو تحقيق التقدم فيه من جل أمور حياتنا , ولكن للأسف بدون جدوى إلا الإنكماش والتراجع إلى الوراء.
فغياب تحقيق أي تقدم يذكر لا يبدو مهماً إن كان في أمر معين واحد فقط أي بصفة فردية , لأن الأخذ بالأسباب قد يكون السبب الرئيسي لعدم التقدم في الأمر , لكنه عندما يبدو لنا تراجع وتذمر وانكماش في كل شؤون وأمور حياتنا , فهنا تكمن المشكلة في غفلتنا ليس إلا , لان الغفلة هي من تحارب الإنسان بحرب إلهية ربانية ملكوتية التي لا تكون في طالعها كتعقيدات الإنسان للإنسان وحربه له , وإنما تبدو تمحيص وتلقين من إله الكون , قال تعالى ” ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ” صدق الله العظيم.
فأن نلقى كل شيء قد بدا منغلقا ومحكما إغلاقه في كل ما يهمنا ونصبو إليه وفيه تكمن مصلحتنا , فلا شيء قد أغلقه إلا من بيده مفاتيح كل شيء (الله سبحانه) , لأن الله قد أمرنا فغفلنا عن أوامره , ونهانا عن أمور فنصبت كل حواسنا وطاقاتنا وأرواحنا تلهث في طلب المنهي عنه , فلكم غفلنا عن الفروض وأدائها في أوقاتها وعن الزكاة في وقت نصابها ووجوب أدائها وعن الحسنات في ساعة ادخارها , وعن السيئات وما يمحوها أو يحكم دوام انسيابها في سجلات الصحف, فإذا لم نقتنع أنا أو أنت عن وقوع الغفلة في عالمنا , فلننظر نظرة خاطفة إلى شوارع المدن وقت النداء إلى الصلاة ثم ندخل ولنصلَّ ولنلاحظ الفرق وكم هم الناس الذين غفلوا عن أداء صلاتهم في وقتها ؟ وكم يبلغ عدد المصلين حينها ؟ , عندئذ سنجد الغفلة قد أعمت البصر والبصيرة لغالبيتنا إن لم نقل جميعنا ..!! وكذا تلك الدماء الزكية التي تسفك في أكثر من دولة عربية وإسلامية بدون أدنى نداء لأحد في محاولة لفض النزاعات وخلق جو من الإخاء والتآخي تحت مظلة الإسلام والعروبة ” ويا فصيح لمن تصيح “.
صارت الغفلة تنهش كل روح مؤمنة ومتيقنة بلا استثناء , ولكن الفرق فقط بين الشخص والأخر هو ارتفاع أو انخفاض نسبة تلك الغفلة فيما بينهم , ولنا أن نختبر أنفسنا هل نحن من أولئك الذين نؤدي الصلاة في وقتها , بكل سننها وواجباتها ؟ وهل الخشوع وحضور البال مع كل كلمة من آيات الله أو تسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة ؟ , أم أن هناك ما يشغل بالنا ويكدر صفونا ليس في السوق وإنما في صلاتنا..!! وكذا دور النصيحة والتناصح فيما بيننا لتوخي الدقة والحذر في كل شؤون حياتنا , وخاصة تلك التي بتعقدها وتمددها تجرف سيلاً من دماء أبناء الإسلام والعروبة .
الغفلة داء , قال تعالى : ” وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ” وقال سبحانه : ” إنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ” صدق الله العظيم , والرجوع إلى الله بيقين وحسن ترتيب وأداء هو الدواء , قال تعالى ” إن الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ” وقال تعالى : ” والله يتولى الصالحين ” وقال سبحانه ” ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فلا كفران لسعيه ” وقال تعالى ” من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ” وقال تعالى : ” يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه ” صدق الله العظيم , فالغفلة هي من جعلت من واقعنا كُتلاً تنهال علينا هموماً ومشاكل , حتى ولكأنها تنصب علينا صبا , ورغم ذلك فلا نكاد نجد ما يبشر بالتوبة والرجوع إلى الله بتوبة نصوحة , كما أننا قد صرنا كمن يئسوا من الدعاء والتضرع إلى الله حتى بالدعاء والإخلاص بذلك لله وحده , لأنه القادر سبحانه وهو من سيفرج عنا كربنا وما نحن فيه من ويلات وحروب و قتال ودماء وشتات , فعلى الناس أن تحث الخطى نحو ما يرضي الله , فمتى ما اكتظت المساجد بالمصلين والجبهات بالمجاهدين ووصل الخير إلى يد كل مسكين من يد الموسرين , وفرجت هموم المعسرين , عندئذ كان على الله حق أن ينصر من نصره , ولا يكون نصرته سبحانه إلا بنصرتنا لدينه ونبيه وآل بيته وأوليائه , قال تعالى ” ولينصرن الله من ينصره ” صدق الله العظيم.
..ولله عاقبة الأمور..