اليمن وسباق المسافات الطويلة

عادل الأمين *
1 – هل حوار الحضارات أم صدامها أجدى؟:
عاصفة الحزم وحصار كل اليمن وقتل كل اليمنيين بالقصف والأمراض والأوبئة ليست له علاقة بالعملية السياسية المتعثرة في اليمن والنزاع اليمني اليمني إطلاقاً بل هي مشروع ابادة نموذجي برعاية الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وتخطيط وإشراف البنك الدولي وكما يسميه المفكر العالمي الرائع روجيه غارودي “:هيروشيما البنك الدولي ” في كتابه (امريكا طليعة الانحطاط )..
الحرب ضد الامبريالية ليست بالضرورة تكون بالأسلحة النارية والخراب العظيم ..هي حرب بين القيم وبين عدمها .بين الأخلاقي واللاأخلاقي .ممكن تكون في أكثر من محور
أ- المحور الفكري – معنى وجود الإنسان ورسالته في الأرض ”إني جاعل في الأرض خليفة”
ب- المحور السياسي اعتماد الديمقراطية والانتخابات كحل أوحد للوصول الى السلطة بعد وجود محكمة دستورية عليا كمرجعية ضابطة للعملية السياسية
ج- المحور الاقتصادي توسيع منظومة بريكس “الكتلة الاشتراكية العظمي” والاقتصاد التنموي الموجه الذى تقوم به الصين في دول العالم الثالث الإفريقية والآسيوية دون أوجاع تذكر
د- المحور الإنساني الدولة المدنية والشراكات الذكية مع كل دول العالم بعيداً عن سياسة المحاور العقيمة و تحت شعار .(.الناس صنفان إمّا أخُ لك في الدين أو نظير لك في الخلق *) ولن يجدي في هذه المرحلة الاستعلاء العرقي أو الجمود العقائدي أو التزمت المذهبي في العالم الذى أضحى قرية صغيرة ..يجدي فقط الفكر الإسلامي المجرد الذى يكون في مستوى التحدي في عالم به 6 مليارات نسمة و193 دولة ونهب مؤسس للموارد وإفقار مقصود للشعوب .. وأزمة في التوزيع العادل للسلطة “الديمقراطية ” والتوزيع العادل للثروة “الإشتراكية “..
هـ- الإعلام الحر الذي يكشف كافة أشكال الخداع الامبريالية وتوعية الشعوب بالأهداف الاستراتيجية للتغيير وبالقدوة الحسنة وتعرية أدوات الإمبريالية المهزومة في المنطقة فكريا وثقافيا وسياسيا وإبداعيا أيضاً ..
2 – الخطأ الاستراتيجي للعدوان “عاصفة الحزم “…
بدل من أن يستهل الملك الجديد عهده بدعوة دول الخليج من أهل المال والدول العربية من أهل الخبرة مصر والسودان…للتوجه إلى تنمية اليمن وازدهارها والسعي لدمجها في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي مستقبلا ويراهن على القوى الديمقراطية الحقيقية و التي لها وجود فعلي وجماهيري تضج به الفضائيات .راهن على إعادة عقارب الزمن إلى الوراء وعلاقة السائس والحصان والرؤية الدونية لليمن والرهان على قوى مستنفذة تجاوزتها الحركة الجماهيرية في كل اليمن…..
3 – التنمية والديمقراطية :-
أهم ما يميز الجهد الفكري المجسد لتقارير التنمية البشرية الصادرة حتى الآن هو المنهجية المتبعة والمرشدة لصياغة الاستنتاجات والتوصيات العلمية الهادفة لتطوير وتوسيع البرنامج القطرية والإقليمية والعالمية في هذا المضمار وتتمثل هذه المنهجية بطابع متجدد ومستند الى معطيات وتناقضات الواقع الحافل بالمتغيرات وهى ترتكز على دعامتين أساسيتين هما صياغة مفهوم للتنمية البشرية من ناحية والعامل الآخر هو مؤشر قياسها من ناحية أخرى(الاحصاء)…)ولأول مرة في الأدب التنموي العالمي تعرف التنمية البشرية على نحو محدد واضح بأنها (عملية توسيع خيارات الناس).. والمقصود بخيارات الناس هو الفرص المبتغاة في الميادين الأساسية في الحياة الإنسانية بصورة شاملة وتتلخص في الغايات التالية:
أ- تأمين حاجات الأجيال الراهنة دون الإضرار بإمكانات الأجيال القادمة على تامين احتياجاتها
ب- المحافظة على التوازن البيئي بمكافحة التلوث البيئي وتخريبها والسعي لاستخدام رشيد للموارد وتطويرها بصورة بناءة
ج-العناية بالغايات الاجتماعية وأهمها اجتثاث الفقر والعنصرية والقضاء على البطالة وتوفير فرص عمل متكافئة للمواطنين وتحسين توزيع الدخل الوطني على الجميع ولا فرق بين المركز والهامش بهدف تحسين مستوى معيشتهم وتطوير نوعية حياتهم
د-تأكيد قيم الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية بهدف احترام كرامة الناس وكفالة أمنهم وتمكينهم من المشاركة في رسم مستقبلهم وفى عملية صنع القرار في بلادهم وكذلك توفير الوسائل والآليات الضامنة لإدارة ديمقراطية وشرعية للحكم وإرسائه على سلطة القانون والمؤسسات المنتخبة والدستورية على المدى البعيد
هكذا يأتي التقرير الأخير عن التنمية البشرية ليسجل إضافة نوعية في بلورة الفكر التنموي المعاصر وتأصيله ويؤشر إلى ميادين عمل أساسية ومهمات جوهرية لتحسين نوعية حياة الناس ولإزالة الفقر ومظاهر التفاوت الاقتصادي والاجتماعي على صعيدين القطري والعالمي ..وبهذا المفهوم السليم للعلاقة بين حقوق الإنسان والتنمية البشرية تتساقط المزاعم القائلة ان الحقوق الأساسية هي نوع من الترف والكماليات. .بل يتعين على التشديد على التنمية الشاملة والمجدية لأي مجتمع لا يمكن بلوغها دون الاستجابة الحقة والكاملة للحقوق والحريات التي تمثلها الديمقراطية والمنابر الحرة
4 – الشمعة والدهليز:
بعد صدمة عاصفة الحزم ومرور أكثر من ألف يوم على حرب الفجار ومهزلة قمة جامعة الدول العربية وعودة اليقظة للكثيرين من أبناء اليمن والانعتاق من إصر جامعة الدول العربية الميتة سريريا منذ أمد بعيد ،على اليمن أن تعيد حساباتها الخارجية وتوسع علاقاتها الاقتصادية والسياسية في فضاء جيوبوبلوتيكي جديد مع دول بريكس واليابان وكوريا الجنوبية والجارة الشرقية المحترمة “سلطنة عمان” ومع كل دول القرن الإفريقي ”الصومال وجيبوتي وأثيوبيا وأرتيريا وكينيا وأوغندا وتنزانيا ودولة جنوب السودان” وأن تؤسس سكة حديد عبر ساحلها الطويل من الحديدة –تعز -عدن -المكلا حتى حدود سلطنة عمان وطريق بري وسكة حديد تربطها براً بهذه الدول ”نفق تحت باب المندب” كالذي بين فرنسا وبريطانيا اليورو ستار أو جسر علوي ويربطها شرقا بسلطنة عمان..
بذلك تكون قد أسست لمرحلة جديدة تنهض فيها اليمن بعيدا عن النظام العربي القديم وأيدولوجياته السقيمة والعقيمة التي لا تسمن ولا تغني من جوع وتتحرر أيضا من قرن الشيطان إلى دول القرن الإفريقي المحبة لليمن وينقل الوطنيين الشرفاء استثماراتهم من دول الخليج الي دول شرق إفريقيا عبر شراكة اقتصادية ذكية …..
* كاتب من السودان

قد يعجبك ايضا