روسيا أمام تحديات وفرص جديدة بعد انتخابات 18 مارس

موسكو/وكالات
سيتوجه الروس في 18 من الشهر الجاري من أجل انتخاب رئيسهم الجديد، ومن أجل الحصول على تقييم دقيق للوضع الحالي في روسيا، والتي ستجرى فيها الانتخابات الرئاسية للمواطنين الروس خارج البلاد، ينبغي أن يدرس موقف البلد في سياق التحديات والأزمات الداخلية والخارجية وخاصة تلك التي تتفاعل بشكل واضح واستراتيجي مع السياسة الأمريكية بما فيها ” البيئة الداخلية والاقتصادية والإقليمية” لموسكو. وبينما يقوم بوتين بهندسة وتخطيط أهدافه وتطلعاته بدبلوماسية متعددة في التعامل مع الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية، فإنه يهدف أيضاً إلى تحويل الانتخابات الرئاسية في 18 مارس إلى مسرح لتحسين موقفه من خلال زيادة أصواته في الاقتراع.
العلاقات مع أمريكا..
التعاون الروسي الأمريكي، يعدّ من التحديات الرئيسية للسياسة الخارجية في موسكو. حيث يحاول بوتين كسب نقاط جديدة أمام واشنطن وذلك من خلال الاستفادة من مجموعة متنوعة من التحديات الثنائية والمتعددة الأطراف والدبلوماسية. من بينها أزمات ومواجهات ذات درجات متفاوتة من الأهمية، كالأزمة السورية والأوكرانية والكورية الشمالية، والمواجهة مع مجال نفوذ الناتو، واتفاقيات بدء التشغيل، بما في ذلك الدفاع الصاروخي ودفاع الغواصات، والصواريخ العابرة للقارات، ومجموعة من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى من الرؤوس الحربية الذرية الجديدة. قد تم تجاهل تحديات أخرى في السابق، مثل الاتفاق النووي، وتنظيم داعش الإرهابي في العراق والشام، وعلاقات موسكو مع تل أبيب، واستغلال موسكو للوبي اليهودي في أمريكا، والأزمة اليمنية، والتنافس في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتي قد تكون أقل أهمية من الصراعات السابقة.
الدبلوماسية الروسية استفاقت من جديد وأصبح يحسب لها حساب في هذه الازمات. وهناك تحديات أخرى يمكن اعتبارها من المرتبة الثالثة تشمل ما يلي: ملكية الأراضي في المنطقة الشمالية، والحرب السايبرية، وخطوط أنابيب الغاز في تيار الشمالية ومشاريع ستورك ستريم، والتحديات في بحر الصين الجنوبي وكوبا وفنزويلا، وأخيراً بيع الأسلحة الروسية في المناطق الاستراتيجية لأمريكا، كبيع S 400 إلى تركيا والسعودية ومصر والعراق.
يعدّ النظام الاشتراكي السياسي والاقتصادي الهش واحداً من أبرز المشكلات التي تكافحها روسيا، خاصة بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أمريكا وأوروبا عليها بعد الأزمة الأوكرانية والتي كانت لها عواقب وخيمة على الاقتصاد الروسي حيث أثرت بشكل كبير على الازدهار والنمو الاقتصادي، وانخفاض الاستثمار الروسي وارتفاع نسبة الفقر. هذه المواضيع تناولها بوتين بكل صدق واعترف بها متعهداً بالقضاء على الفقر في روسيا في غضون ست سنوات. وكانت وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت يوم الجمعة الماضي فرض عقوبات جديدة على شخصيات روسية وبعض الشخصيات في دونيتسك ولوغانسك بحجة الأزمة الأوكرانية تشمل 21 مسؤولاً روسياً وأوكرانياً وتسع شركات إضافة إلى تثبيت العقوبات المفروضة على 12 شركة أخرى غير أن وزارة الخارجية الروسية أكدت أن العقوبات الأمريكية الجديدة على روسيا عبثية ولن تنجح في تحقيق أهدافها السياسية داعية واشنطن إلى فهم عقم حملتها العقابية.
ومن بين الأزمات الأخرى التي تواجهها روسيا مسألة كيفية الحفاظ على المصالح الروسية في البيئة الأوروبية الآسيوية وسبل مواجهة محاولات تقويضها عبر العقوبات الأمريكية، والحفاظ على نفوذها التقليدي في إطار تصميم وتنفيذ المشاريع المشتركة بين أوراسيا وشنغهاي؛ والحاجة إلى حماية هذه المشاريع تعدّ من أبرز الاهتمامات التي تقلق السياسة الخارجية الروسية هذه الأيام.
بوتين والانتخابات
وفي ضوء المخاوف المذكورة أعلاه، يخطط بوتين، بأفكاره الدقيقة والذكية، للانتخابات الرئاسية هذا العام في 18 مارس، والتي ستبدأ غداً للمواطنين الروس خارج البلاد، حيث قام بوضع خطة عامة واسعة النطاق من أجل جذب الرأي العام من خلال الأخذ بمبادرات مكافحة الفساد عبر تعيين إدارات جديدة في المناطق التي تعاني من الفساد الإداري ( حيث شهدت بعض المناطق كداغستان الروسية إقالات واعتقالات لبعض المسؤولين هناك) كما قام بالاستفادة من الفضاء الالكتروني والمجازي بشكل مميز عبر إقامة الخطابات المباشرة مع الشباب، كما وتفاعل أيضاً بشكل إيجابي مع الطبقات الوسطى الأمر الذي جعل الانتخابات أكثر دفئاً وغير مقلقة بالنسبة له.
ومن هذا المنطلق، يبدو أن بوتين سيفوز بالانتخابات الروسية القادمة بكل أريحية، حيث أشارت استطلاعات الرأي الحكومية إلى أنه سيحصل على ما يتراوح بين 60 و 65 في المئة من الأصوات في الانتخابات الروسية القادمة. ويبدو الرئيس الروسي واثقاً من الفوز في الدورة الأولى بنسبة أصوات أعلى من النتائج التي حصل عليها عام 2000 وهي 52.5%، ما دفعه إلى الالتفات لأمور ذات أهمية أكثر وخاصة تلك الأزمات التي تواجهها روسيا وذلك بهدف كسب المزيد من المكاسب عبر اتباع سياسة المرونة في علاقاته الخارجية مع أوروبا وأمريكا. وفي هذا السياق، تضغط موسكو بشكل كبير على الصعيد الدبلوماسي عبر خطاب جديد لمعالجة العقوبات الغربية التي فرضتها ألمانيا وفرنسا.
هذا وسيختار سكان روسيا في 18 مارس 2018 رئيساً جديداً لبلادهم من بين 8 مرشحين أولهم فلاديمير بوتين، بافل غرودينين، فلاديمير جيرينوفسكي، سيرغي بابورين، مكسيم سورايكين، بوريس تيتوف، غريغوري يفلينسكي، و كسينيا سوبتشاك.

قد يعجبك ايضا