واشنطن تلغم من جديد مسار التسوية .. هل يتجاوز مارتين غريفت التحدي الأول ؟
أبو بكر عبدالله
ماكنة الضغوط الديبلوماسية لواشنطن ولندن ودول تحالف العدوان عاودت العمل من جديد مستبقة استلام المبعوث الأممي الجديد البريطاني مارتن غريفت مهماته المقرر أن تبدأ في مارس المقبل في جهود الأمم المتحدة للتسوية السياسية للأزمة اليمنية، لتكشف النقاب عن مفاعيل الحرب الديبلوماسية الساعية إلى وضع قاطرة التسوية في طريق مزروعة بالألغام.
منذ الخميس الماضي اشعلت الولايات المتحدة المنظمة الدولية بضغوط ديبلوماسية دشنتها سفير ة واشنطن في الأمم المتحدة باستدعاء أعضاء لجنة الخبراء وموظفي الإدارات السياسية التابعة للأمم المتحدة ومعهم سفراء السعودية والإمارات وسفير الفار هادي في الأمم المتحدة وسفراء دوليين لماراثون تعزيز الضمانات الساعية إلى إبقاء مسار التسوية محصورا في إطار القرار الأممي 2216.
تحركات تزامنت مع تقديم بريطانيا مشروعا كشفته “ريتس ووتش” يدعو مجلس الامن لإصدار بيان يشيد ببرنامج الدعم الإنساني والاغاثي لدول العدوان في اليمن سعيا إلى منح دول العدوان الحصانة حيال الكارثة الإنسانية التي أنتجتها 3 سنوات من العدوان والحصار.
البعثتان الديبلوماسيتان السعودية والإماراتية في الأمم المتحدة باشرتا كذلك تحركات مشبوهة بسلسلة جلسات عقدتها مع أعضاء لجنة الخبراء في الأمم المتحدة ومسؤولين في الأمانة العامة للأمم المتحدة في إطار مساعيها المحمومة لاعتماد الرؤى الملغومة ذاتها في الجولة الجديدة لمفاوضات الحل السياسي المقرر أن يقودها البريطاني مارتن غريفت لتلافي حدوث تغيير في المسار الذي كانت فرضته على إدارة المبعوث الأممي السابق الموريتاني ولد الشيخ.
الحرب الديبلوماسية تجاوزت المنظمة الدولية إلى عواصم العالم بتكليف دول العدوان وزير الخارجية في حكومة عملاء الرياض عبد الملك المخلافي بجولة تحركات مشابهة مع مسؤولي الدول المشاركة على هامش مؤتمر ميونخ تزامنت مع حملة بيانات مغلفة بطابع حقوقي وإنساني تعهدتها وزارتا حقوق الإنسان والإعلام في حكومة عملاء الرياض بنعيقها المتأخر عن أحكام الإعدام بحق مدانين بجرائم التخابر ومزاعم الانتهاكات للقوانين الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
على أن الهدف الرئيسي لواشنطن ودول تحالف العدوان من هذه التحركات كان في التوجيه المبكر لحرف مسار الجهود الأممية باستئناف مفاوضات الحل السياسي نحو ذلك المسار الحافل بالفشل القائم على ما تعده أساسا قانونيا للمفاوضات ممثلا بالقرار 2216 إلا أن محاولات التشويش هذه كشفت بجلاء حجم القلق لدى دول تحالف العدوان من مخاطر تحمل التركة الثقيلة لثلاث سنوات من العدوان والحصار على الصعيدين القانوني والإنساني.
تعتمد واشنطن ودول تحالف العدوان على خبراء ومراكز استشارات دولية في كل القضايا المتصلة بتفاعلات الملف اليمني، وآثار ذلك نجدها في الحصانة والغطاء السياسي الذي تحصل عليه دول العدوان كما نجدها واضحة في مواقف عواصم القرار العالمي، في غياب كامل للطرف الوطني بما في ذلك جهود التنسيق الديبلوماسي مع الأشقاء والأصدقاء في المنظمة الدولية ومجلس الأمن ولجنة الخبراء الأممية وجماعات الضغط الحقوقية والإنسانية الناشطة في عواصم العالم.
في ظل الفشل الحاصل للتعاطي مع هذه التفاعلات فإن أكثر ما يأمله اليمنيون هو أن السيد مارتن غريفيت الضليع في ملفات النزاعات الدولية والقادم من مؤسسة أوروبية تحظى بالموثوقية والاحترام صار بحكم خبرته السابقة في ملف الأزمة اليمنية يدرك تماما مدى تأثير الضغوط الديبلوماسية ودورها في عرقلة التوصل إلى تسويات سياسية خلال عامين من المفاوضات، وهو معطى يضعه أمام اختبار أول لتعزيز الثقة في جدوى المفاوضات المقبلة.
بالمقابل فإن هذه المعطيات تضع المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني والبرلمان امام مسؤولية كبيرة في وضع برنامج عاجل وفعال للمواجهة .