استقلال القضاء مرهون بوحدته ..
أحمد يحيى الديلمي
لا يختلف اثنان على أن القضاء يمثل حائط الصد الأخير لحماية الأنظمة والمجتمعات من الاختراقات والاختلالات ، وفي بلادنا استطاع القضاء خلال العامين الأولين من العدوان الهمجي السافر أن يتماسك ويؤكد استقلاليته من خلال استمرار العمل في كل محافظات الجمهورية تحت إشراف ومتابعة مجلس القضاء الشرعي بالعاصمة صنعاء ، إلى أن ظهرت بعض الأصوات النشاز التي حاولت اختراق هذه القاعدة المتمثلة في الحفاظ على مؤسسة القضاء ككيان واحد وحاولت شيطنة هذه المؤسسة وحشرها في تفاصيل السياسة وشؤون المعيشة من قبل أشخاص لا شك أنهم يعانون من مرض الأنانية المفرطة ولا يهتمون بتداعيات مثل هذه الأعمال المشينة والخطيرة على البلد والوحدة ، وهو أسلوب انتهازي خطير يسعى إلى ترجمة الرغبة الآثمة في تحويل القضاء إلى شعار أو يافطة تمرر من خلاله المؤامرات والرغبات المبيتة والنوايا الخبيثة الهادفة إلى تمزيق المؤسسة القضائية .
فالممارسات والسلوكيات رسمت صورة بشعة حاولت تكريس مبدأ الانقسام واختزال المهمة التآمرية في أشخاص طالما عرفوا بالفساد والإفساد ، وقاموا بأعمال كادت تفقد القضاء الهدف السامي من وجوده وتعطل المحاكم عن القيام بدورها في حماية العدل وتعاظم الإيغال في التآمر أخيراً من خلال قرارات انفرادية اتخذها القائمون على الهيكل المشبوه الموجود في عدن والخاضع لإرادة دول الاحتلال بأسلوب غير طبيعي وضع مثل هؤلاء الناس تحت طائلة المساءلة وتحويلهم إلى المحاكم بتهمة الخيانة العظمى لأن من يحاول شق الصف الوطني والتآمر عليه في أي اتجاه من الاتجاهات إنما يترجم رغبات خبيثة لقوى الاستعمار والاحتلال الأجنبي ، وإن استخدم أسلوبا ناعما لاستقطاب القضاة إلا أنه في نهاية المطاف متآمر ومتمرد على مجلس القضاء الشرعي الذي مثل الحيادية بكل أبعادها في الفترة الماضية ، أليست خيانة عظمى أن يتمادى هؤلاء في الغي ويعملوا على شق وحدة القضاء بدعاوى تافهة ؟! أحياناً يلوحون بقطع أرزاق القضاة ويحولون الراتب الحق المشروع للقاضي إلى وسيلة للابتزاز والضغط كأحقر أسلوب يرفضه العقل والمنطق والمبادئ والقيم الإنسانية ناهيك عن التعاليم السماوية ، وهنا نتساءل كيف يمكن لمن انحدر إلى هذا المنزلق الخطير من التآمر والعمالة أن مؤتمناً على القضاء وحماية حقوق الناس والأعراض والكرامات ، لا شك أنها معادلة صعبة لا يمكن القبول بها ، لأن القاضي لابد أن يكون مؤتمنا وقدوة وأسوة حسنة ودليلا للسلوك القويم الذي يزكي الأفعال ويسمو بالنفوس إلى درجات الإنصاف ، أما أن يتحول القاضي إلى مصدر للتآمر فإنه منعطف يتسم بالخطورة لأنه يلامس مدونة السلوك ويوجد بيئة حاضنة لفكرة الانفصال والفساد وجعل الملوثات المادية بتفاصيلها المخزية وسيلة لتحقيق غايات مريضة .
لذلك فإني وباسم كل مواطن يمني شريف أطالب مجلس القضاء الأعلى بأن يتحرك سريعاً لمحاكمة أمثال هؤلاء المتآمرين على الوطن وحقوق المواطن لكي يظل المجلس صمام أمان ومحورا لحماية حقوق الناس ومنع ومحورا العابثين من المساس بهذه المؤسسة القضائية ، وكما يقول المثل ” من أستقبل وجوه الآراء عرف مواطن الخطأ ” وأي خطأ أفدح من هذا الذي يحول القضاء إلى ملهاة .. أليس خيانة عظمى ؟! وأعمالا إجرامية تستحق أن يعطيها المجلس كل اهتمامه وأن يحول هؤلاء الناس إلى المحاكم بشكل سريع حتى لا ينفثوا سمومهم الخبيثة ويحققوا المرامي الدنيئة .
نأمل أن يبادر المجلس إلى ذلك حتى يحظى باحترام المواطن ويظل في مكانه الطبيعي حامياً للعدالة والإنصاف وحقوق الناس والدولة معاً .
نكرر الأمل بأن تجد هذه الدعوى استجابة سريعة كون الموضوع لا يحتمل التأخير .. والله من وراء القصد ..