عواصم/ وكالات
تعيش العلاقات السعودية الجزائرية هذه الأيام حالة من التوتر لم يسبق لها مثيل وترجع بداية هذا التوتر بين هذين البلدين إلى الأسبوع الماضي عندما قام مجموعة من مشجعي لعبة كرة القدم الجزائريين برفع لافتة ضخمة تضمنت صورة جمعت نصف وجه للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ونصف وجه للملك “سلمان” ملك السعودية وإلى جوارهما صورة للمسجد الأقصى وفي اسفل هذه اللافتة تم كتابة عبارة “وجهان لعملة واحدة”، وجاءت هذه الخطوة احتجاجا على القرار الذي أصدره الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، بنقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى مدينة القدس المختلة واعتبار هذه المدينة المقدسة عاصمة رسمية للكيان الإسرائيلي.
لقد أثارت هذه الحادثة غضب الكثير من المواطنين السعوديين الذين باشروا في كتابة العديد من التعلقيات الشرسة والجارحة على مواقع التواصل الاجتماعي تعبيراً عن سخطهم وحنقهم على ما بدر من المشجعين الجزائريين ولقد تسببت هذه اللافتة أيضا في انزعاج المسؤولين السعوديين الذين لم يتعودوا على مثل هذه الإهانات ولهذا فلقد أطلقت الحكومة السعودية حزمة من التهديدات وأعربت أنها سوف تقوم بالرد على هذا العمل المشين حسب تعبيرها وحول هذا السياق صرح “سامي الصالح” السفير السعودي لدى الجزائر، قائلا: “جار التأكد من ذلك وسنقوم بما يجب”، وأكد “الصالح”، قائلا:”هذا واجبنا، ولا خير فينا إن لم نقم به”.
من جهة أخرى لفت الإعلامي الجزائري “حفيظ دراجي” في تدوينه نشرها عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إلى أن “نية المشجعين كانت حسنة ولم تكن للإساءة للسعودية لما رفعوا هذه اللافتة” وأضاف “دراجي”، قائلاً: “من يتوعد بالرد أكيد سيأتيه الرد أقوى من أحفاد الشهيد العربي بن مهيدي.”
تجدر الإشارة إلى انه بعد مرور عدة أيام على هذه الحادثة اعلن رئيس الوزراء الجزائري “أحمد أويحيى” خلال افتتاح معرض الإنتاج الوطني بقصر المعارض بالجزائر بأن السلطات الجزائرية قدمت اعتذارها عن هذه الحادثة لنظيرتها السعودية، حيث، قال :”قدمنا اعتذارنا إلى السفير السعودي في الجزائر على ما حدث في ملعب عين مليلة”، وأضاف رئيس الوزراء “أويحيى”، قائلا :”نحن لسنا شعب عصابات وقوانيننا تنص على احترام رئيسنا وقادة الدول الأخرى وما وقع في الملعب يعتبر أمر غير مقبول و الشعب الجزائري معروف بأخلاقه الحميدة”.
الجدير بالذكر أن اعتذار رئيس الوزراء الجزائري هذا للسعودية عن اللافتة العملاقة التي رُفعت بملعب عين مليلة واجه الكثير من الانتقادات الشديدة من قبل المجتمع الجزائري ولقد عبر الكثير من الإعلاميين والمثقفين والسياسيين الجزائريين، عن امتعاضهم إزاء هذا الاعتذار الذي قدمه رئيس الوزراء الجزائري “أحمد أويحيى” للسلطات السعودية.
وحول هذا السياق اعرب رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر قوة سياسية إسلامية بالجزائر “عبدالمجيد مناصرة”، قائلا: “ما حديث بعين مليلة فعل معزول نرفضه، لكن رفع مثل تلك اللافتة لا يحتاج إلى اعتذار رسمي”.
من جهته قال القيادي في حركة مجتمع السلم الجزائرية “عبدالرزاق مقري” تعليقا على موقف رئيس الوزراء الجزائري :” إن القضية أخذت أكبر من حجمها بوصفها زوبعة في فنجان”، وأضاف قائلا: “أن هذا الاعتذار لم يكن واجباً أن تقدمه الجزائر للسعودية بسبب حرية التعبير عن الرأي التي يمتلكها المواطن الجزائري”.
وفي سياق متصل أطلق نشطاء جزائريون حملة واسعة النطاق عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، جاءت تحت عنوان ” أنا لا أعتذر” ولقد انتقدوا من خلال هذه الحملة الاعتذار الذي قدمه رئيس الوزراء الجزائري للسعودية .
من جهته صرح “الطيب جميعي” احد الأعضاء الناشطين في هذه الحملة، بأن اعتذار “أويحيى” عن تلك اللافتة العملاقة التي صورت وجها نصفه للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ونصفه الآخر للملك “سلمان” ملك السعودية، يعتبر إهانة للجزائريين وأضاف قائلا :” لذا فإن هذا الاعتذار لا يلزمنا كشعب حر”.
وفي السياق ذاته، اعرب “عثمان بحري” احد الإعلاميين الجزائريين، قائلا: ” لماذا لم يحتج الأمريكيون طالما أن الصورة التي اعتبرت مسيئة للملك سلمان حملت أيضا وجها قبيحا لترامب؟ وأضاف”بجري” قائلا: ” في هذه الحالة يجب على رئيس الوزراء الجزائري أن يعتذر للسلطات الأمريكية أيضا”.
أن هذه المهاترات والتعليقات التي يتبادلها المجتمعين السعودي والجزائري قد تتسبب في تأزم العلاقات بين هذين البلدين خاصة وان الحكومة السعودية تقف إلى جانب محور الرأسمالية الأمريكي وتقف الجزائر إلى جانب محور المقاومة وتدعم سوريا والعراق وفلسطين وتُعارض العُدوان على اليمن والتدخل الغربي في ليبيا وتجدر الإشارة هنا أن السعودية خلال السنوات الأخيرة باتت تتدخل في الشؤون الداخلية للكثير من دول المنطقة كما هو واضحا في تدخلها السافر في اليمن ومشاركتها في الأزمة السورية وخذلانها للقضية الفلسطينية ولقد ولد هذا التدخل حالة من السخط لدى المجتمعات العربية تجاه السعودية وهذا ما رأيناه في الآونة الأخيرة في الجزائر ومن المحتمل أن تفقد الحكومة السعودية الكثير من علاقاتها الدبلوماسية مع بلدان المنطقة إذا ما استمرت في نهجها هذا.