“اليمن يواجه واحدة من اكبر الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم” صورة رسمها العدوان لبلادنا في جبين العالم
أضرار المرافق والأصول المادية قدرت تكلفتها بحوالي 25 مليار دولار
نقل البنك المركزي مخطط عدواني لتعميق الفقر وتقويض أداء مؤسسات الدولة
تقرير/ احمد حسن
“اليمن يواجه واحدة من الكبر الأزمات الإنسانية في العالم” هكذا أوصلنا العدوان السعودي الأمريكي بعد 1000 يوم من عدوانه البربري على اليمن ،في واحدة من اشد الحروب عدوانية وهمجية تفرض على شعب في الآونة الأخيرة على مستوى العالم، لكن في المقابل هناك صمود أسطوري يواجه اعتى آلة قتل سخرها الأمريكيون لصالح تحالف العدوان السعودي الصهيوني .
تقول الحكاية إن اليمن رغم انه شهد في العقود الأخيرة دورات صراع وحروب متعاقبة ،لكن حرب العدوان السعودي عليه منذ 26 مارس 2015م لم يسبق له مثيل فهو اشد الاعتداءات ضراوة وتدميراً والتي سببت أعلى الخسائر في رأس المال البشري والمادي والاقتصادي لليمنيين.
فعلاوة على النزوح الداخلي والخارجي وهجرة الكفاءات بسبب العدوان، فاتورة ثقيلة يدفعها كل يوم فهو يدفع يوميا جزءاً من موارده البشرية الثمينة ومكتسباته المادية المتواضعة .لقد تجاوز عدد الإصابات 55 الفاً وفي مسار موازٍ انتشرت الأمراض الوبائية القاتلة.
كما تعرضت المرافق والأصول المادية لأضرار بالغة قدرت تكلفتها بحوالي 25 مليار دولار من اصل 88 مليار دولار كمتطلبات تمويلية لإعادة الإعمار والتعافي في اليمن حتى 2022م.
ولا تقل التكلفة الاقتصادية ضررا عن التكلفة البشرية والمادية فمثلا قدرت الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 2010م بحوالي 32 مليار دولار بواقع 1180 دولارا للفرد خلال الفترة 2015 – 2017م .وتعطلت الصادرات وانهارت الموازنة العامة للدولة وارتفع التضخم مما عمق الفقر وفاقم سوء التغذية وبات اليمن يواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم .
التكلفة البشرية :
تتجلى ابرز الخسائر البشرية في رأس المال البشري في زيادة عدد القتلى والجرحى والنزوح القسري وانتشار الأمراض سوء التغذية.
القتلى والجرحى
حتى 31 مايو 2017م خلفت الحرب 12 الف قتيل ومنهم 15 % نساء وأطفال وتركت 50 الف جريح منهم 17 % نساء وأطفال ومع ان هذه المعلومات تستند إلى تقارير المرافق الصحية فإنه مما لاشك فيه أن الأرقام الفعلية للقتلى والحرجى أكثر من ذلك بكثير بسبب تعطل الكثير من المرافق الصحية إما جزئيا أو كليا وعدم وجود قاعدة بيانات رسمية شاملة للقتلى أو الجرحى.
النزوح القسري
قدر عدد النازحين من منازلهم قسريا بسبب العدوان السعودي الأمريكي حتى بداية يونيو 2017م بحوالي 3 ملايين شخص يشكلون 10 % من السكان منهم حوالي مليونين مازالوا نازحين داخليا معظمهم جاءوا من المناطق التي يستهدفها العدوان السعودي كحجة وصعدة وتعز والأمانة ومحافظة صنعاء . وبالنسة للنازحين خارج اليمن فقد أشارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى نزوح 190 الف شخص من اليمن إلى البلدان المجاورة .
انتشار الأمراض والأوبئة :
يعتبر انتشار الأمراض والأوبئة التي عادة ماترافق الصراعات والحروب ضمن التكاليف التي يتحملها السكان ومن اخطر الأوبئة التي تفتك بحياة اليمنيين اليوم وباء الكوليرا الذي لحق بوباء حمى الضنك وقد بلغت الحالات المسجلة نحو مليون شخص منهم 48 % دون سن الـ15 عاما ووصل عدد الحالات المتوفية حتى نهاية أغسطس 2017م 2030 شخصا ،ولازال هذا الوباء يقتل كل يوم الأبرياء بسبب انهاك النظام الصحي ومحدودية الوصول للمياه النظيفة وانتشار سوء التغذية .
انتشار سوء التغذية :
يعتبر سوء التغذية في اليمن واحدا من اعلى المعدلات في العالم وقد ازداد الوضع سوءاً بفعل تداعيات العدوان وما ترتبت عليها من أزمات اقتصادية وإنسانية حيث يعاني 400 الف طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد الشديد ،وحسب نتائج التقييم الطارئ للأمن الغذائي والتغذية المنفذ نهاية العام 2016م في 18 محافظة فإنه تجاوز مؤشر سوء التغذية الحاد (الهزال ) في ثلاث محافظات هي الحديدة وحضرموت وأبين) عتبة الطوارئ 15 % حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية بينما بلغ سوء التغذية المزمن (التقزم) مستويات حرجة متجاوزا
40 % في 12 محافظة من اصل 18 محافظة شملها المسح.
وتؤثر التغذية سلباً على نمو الأطفال وقدراتهم العقلية ويؤكد الخبراء الدوليون أن العدوان السعودي الأمريكي مسؤول عن الآثار السلبية التي اصابت الأطفال اليمنيين جراء سوء التغذية ويقدر التقرير الدولي عن التغذية العالمي 2016م الخسائر الاقتصادية لاهمال التغذية بحوالي 10 % من الناتج المحلي الإجمالي .
وتبلغ احتمالات موت الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية المعتدل ثلاثة أمثال احتمال موت اقرانهم الاصحاء ،واما الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد فهم اكثر عرضة للوفاة من أقرانهم بتسع مرات وبالتالي بات سوء التغذية خطرا محدقا بحياة الأطفال اليمنيين.
الأضرار المادية:
التكلفة الاقتصادية (تكلفة الفرصة الضائعة)
1- الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي :
توضح التقارير الاقتصادية الرسمية المحلية والدولية أن الاقتصاد اليمني تأثر بشدة جراء العدوان السعودي المستمر عليه منذ الف يوم فقد اثرت على نموه الفعلي وادت لتقلص مكاسبه المحققة بسبب الخسائر التي خلفها العدوان في حربه على رأس المال المادي والبشري والتشرد الداخلي وهروب رأس المال الوطني وهجرة الكفاءات ومع زيادة حدة العدوان وحربه الظالمة على اليمن واليمنيين ترواحت الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي بين حوالي 6-15 نقطة مئوية في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقارنة بـ4-9 نقطة مئوية في العالم أما في اليمن فقد قدرت الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 41.8 % نقطة مئوية خلال الثلاثة الأعوام الماضية 2015 – 2017م ويعود ارتفاع الخسائر الاقتصادية في اليمن عن متوسط خسائر النزاعات في الإقليم والعالم الى ترافق العدوان المسلح على اليمن بتقييد حركة التجارة وتوقف إنتاج وتصدير النفط والغاز الذي يمثل شريان الحياة للاقتصاد الوطني .
وبالفمية المطلقة يتضح من خلال التقارير الاقتصادية أن الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قدرت بحوالي 32 مليار دولار خلال هذه الفترة وبالتالي قدر نصيب الفرد التراكمي من الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بـ1180 دولارا خلال نفس الفترة ومما يؤسف له ان الخسائر الاقتصادية ودخل الفرد مرشحة للتزايد ما لم يتوقف هذا العدوان الغاشم.
أضرار العدوان على القطاع الخاص :
تعرض القطاع الخاص لصدمات موجعة أدت إلى إغلاق 26% من منشآت الأعمال في الصناعة والتجارة والخدمات ،كما أغلقت 42% من منشآت الأعمال المملوكة للنساء لأسباب عدة أهمها الأضرار المادية التي لحقت بـ95% من إجمالي المنشآت المغلقة اضافة لفقدان رأس المال وأزمة الوقود وغياب الكهرباء وقد قامت 41 % من المنشآت بتسريح حوالي 55 % من موظفيها وبالتوازي تضرر نشاط الزراعة وصيد الأسماك بسبب الوقود وتعطل الصادرات وتدمير العديد من قوارب الصيد ومراكز الانزال السمكي مما اثر على سبل المعيشة في الري لاسيما سكان الساحل الغربي المعتمدين على الصيد السمكي وبدون قطاع خاص قابل للحياة فإن العواقب الاقتصادية والإنسانية وخيمة.
الخسائر في الاقتصاد الكلي
قدرت تقارير اقتصادية رسمية تكلفة الخسائر التراكمية في الإيرادات العامة للدولة بمبلغ 2449 مليار ريال ما يعادل 11.2 مليار دولار عامي 2015-2016م بواقع 421 دولارا للفرد ،وفي 2017م انهارت المالية العامة حيث توقفت النفقات التشغيلية التنموية والاجتماعية بما فيها مرتبات موظفي الدولة ونفقات التشغيل .
وقال تقرير المستجدات الاقتصادية والاجتماعية الصادر عن قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي: إن الأضرار التي لحقت بالمرافق والأصول المادية اليمنية جراء العدوان الخارجي الظالم على اليمن تقدر مبدئيا بحوالي 25 مليار دولار من أصل 88 مليار دولار يحتاجها اليمن كمتطلبات تمويلية لإعادة الإعمار والتعافي حتى عام 2022م .
الخسائر في الموازنة العامة للدولة
قاد العدوان السعودي الأمريكي بحربه الجارية على اليمن إلى تدهور إيرادات الموازنة العامة للدولة بحدة ويمكن تقدير تكلفة الفرصة الضائعة أي الخسائر في الإيرادات العامة بقياس الفرق بين الإيرادات التي كان يتوقع تحصيلها بدون العدوان والإيرادات الفعلية أثناء العدوان وفي هذا السياق شكلت الإيرادات العام الفعلية 44.4 % فقط في المتوسط عامي 2015-2016م من توقعات ما قبل العدوان، ويقول التقرير الرسمي ان الخسائر التراكمية في الإيرادات العامة قدرت بـ2449 مليار ريال ما يعادل 11.4 مليار دولار عند سعر صرف 214 ريالا للعام 2014م او 6.6 مليار دولار عند سعر صرف 370 ريالاً في العام 2016م وبلغ نصيب الفرد التراكمي من تلك لاخسائر 421 دولاراً للفرد عامي 2015 – 2016م ويعود ذلك للتأثير المزدوج لانخفاض أسعار النفط العالمية وتداعيات العدوان الجاري على اليمن.
ورغم انه تم تقليص النفقات العامة بشدة عامي 2015 – 2016م فقد تجاوز عجز الموازنة العامة 14 % من الناتج المحلي الإجمالي وتم تمويل معظمه عبر الاقتراض المباشر من البنك المركزي وبالتالي ارتفع الدين العام المحلي من 44.3 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 2014م الى 91.2 % عام 2016م متجاوزا الحدود الآمنة.
ومنذ الربع الأخير من العام 2016م واجهت المالية العامة ازمة سيولة حادة وانهياراً تاماً حيث توقف دفع مرتبات موظفي الدولة ونفقات تشغيل المرافق الاجتماعية بسبب قرار دول العدوان وحكومة المرتزقة نقل البنك المركزي إلى عدن وهذا اثر على حياة الملايين من اليمنيين وعمق الفقر حيث انه لم يوف بالتزاماته في صرف المرتبات كما قوض أداء مؤسسات الدولة.
تعثر حركة التجارة الخارجية:
تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء إلى تعرض التجارة الخارجية لصدمة حادة عام 2015م حيث انخفضت قيمة الصادرات السلعية بـ87.4 % وانخفضت الواردات السلعية بـ 54.7 % مقارنة بما كانت عليه عام 2014 م. وفي حين تحسن مستوى الاستيراد نسبياً عام 2016م مقارنة بعام 2015م، فقد بقيت الصادرات وعلى رأسها صادرات النفط والغاز متوقفة بصورة شبه تامة. ومقارنة بقبل الأزمة، بلغ التغير في الصادرات والواردات 93.2 % و42.5 % على التوالي عام 2016م مقارنة بما كانت عليه عام 2014 م) ويعود ذلك إلى عدة عوامل أبرزها: ندرة النقد الأجنبي، وتأخر دخول وتخليص السفن في الموانئ اليمنية، وتعرض أهم المنافذ البرية والبحرية والجوية للأضرار المادية وإغلاق بعضها. إضافة إلى خروج شركات النفط والغاز الأجنبية من اليمن.
وبالنتيجة، كانت هناك شحة شديدة في توافر السلع الغذائية والدوائية والوقود بالذات عام 2015م. مما ساهم في اشتعال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية وارتفاع الأسعار. وانعكاساً للقيود على حركة التجارة الخارجية، احتل اليمن أسوأ مرتبة عالمياً في مؤشر التجارة عبر الحدود في تقرير البنك الدولي حول بيئة أداء الأعمال الصادر في يناير 2016م.