لم يتردد العدوان في ارتكاب الجريمة رغم علمه بإحداثيات الموقع وطبيعته:
تحقيق/ جمال الظاهري
ويأبى تحالف العدوان الشيطاني إلا أن يكشف للعالم عن توحشه ووجهه القبيح, وجديده جريمة إبادة جماعية جديدة بحق أسرى كانوا يحلمون بفك أسرهم وتم تجميعهم إلى مبنى في الشرطة العسكرية بالعاصمة صنعاء استعداداً لعملية تبادل للأسرى هي الثانية بواسطة الصليب الأحمر الدولي الذي كان عنده علم بمكان تواجدهم وبالتأكيد وبحكم أنه على تواصل مع قادة العدوان فإنه قد رفع بإحداثيات المكان لقادة التحالف كي لا يتم استهداف المكان.
جريمة بشعة تضاف إلى سابقاتها يرتكبها العدوان المتغطرس المعتد بأحدث آلات الدمار العسكرية, وبوفرة مالية ضخمة يشتري بها مواقف دول وهيئات ومنظمات وأفراد ورؤساء وأجهزة إعلامية عربية وعالمية حتى أنه اشترى مواقف الشعوب إلا ما ندر منها.
الجريمة استثنائية لأن العدو استهدف القتل والإبادة الجماعية وفي هذه الجريمة يؤكد المؤكد بأنه لا يراعي ولا يحترم حتى من هم منضوون تحت لوائه ويقاتلون في صفوفه.
ففي صباح يوم الأربعاء 13-12-2017م وبسبع غارات وبصواريخ ضخمة وشديدة الانفجار حسب وصف شهود العيان استهدفت طائرات التحالف الشيطاني أسرى كانوا يعدون الساعات والدقائق لإطلاق سراحهم في عملية تبادل هي الثانية برعاية الصليب الأحمر.
الجريمة بشعة والأبشع منها وجه هذا العدوان الذي اسقط كل شيء جميل وكل قيم وشرف العسكرية .. حيث أن نهاية هؤلاء الأسرى لم تكن على يد من ظفر بهم وأسرهم وحافظ على حياتهم.
وأن تكتب نهايتهم المروعة على يد من قاتلوا إلى جانبه ومن أملوا فيه وعلقوا عليه الآمال في خلاصهم من الأسر فهذه فاجعة استثنائية تكشف عن الوجه القبيح لهذا العدوان الساقط أخلاقياً وإنسانيا قبل كل شيء والمنتهك لكل المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية والقيم والأعراف والشرائع السماوية.
هلع ونزوح جماعي
• المواطن يوسف هديش أحد سكان الحي المجاور لمباني الشرطة العسكرية يقول:
في حوالي الساعة الثانية عشرة و”شوية” ارتجت الأرض تحت أقدامنا وتمايلت جدران المباني وانهار العديد منها.
أما الحالة التي عشناها فبعد شعورنا وسماعنا لدوي الانفجار الضخم الذي لم نشهد مثله من قبل, دخلنا في حالة من الهلع والخوف الشديد جعلنا نهرع مغادرين منازلنا متوجهين على غير هدى حاملين أطفالنا ومصطحبين عوائلنا لا ندري إلى أين نتجه لنحتمي ونحمي أبناءنا من الصواريخ التي توالت على المكان.
جميع أهالي الحي خرجوا في حالة نزوح جماعي وخوف وفزع شديد يحملون أطفالهم وهم يبكون والجميع في حالة يرثى لها الجميع يسير على غير هدى شيوخاً ونساء وأطفالاً, وساد المكان حالة من الذعر الشديد.
كان القصف شديداً والدمار الذي لحق بالمساكن كبيراً جداً, ويكفي أن تعرف أن مساحته قد امتدت من مدرسة علي حتى خط مارب، جميع سكان هذه المنطقة عاشوا حالة فظيعة ولحقت بمنازلهم وسياراتهم وممتلكاتهم أضرار بالغة.
حاولوا النجاة فلاحقتهم الصواريخ
أما الأخ/ محمد حسين خمسيني وأحد المصابين من ابناء الحي فيقول:
في حين كنا نستعد للنوم وفجأة سمعنا الانفجار الأول من جهة الشرطة العسكرية ولأن الانفجار كان غير مسبوق وأضراره التي لحقت بالحي المجاور والأحياء الأخرى القريبة كبيرة, فقد سارعنا إلى إخراج أسرنا وأولادنا, بعضنا غادر المكان إلى أقارب لهم ومنا من ذهب بأسرته إلى منازل جيران أكثر أماناً وتتحمل الارتجاجات الكبيرة, أنا واحد منهم أخذت أسرتي إلى بيت (مسلح) لأحد جيراني وسط حالة من الصراخ والخوف الشديد وأثناء نقل أسرتي إلى هناك إذا بالصاروخين الثاني والثالث ينفجران ويهزان الأرض تحت أقدامنا خلال وقت قصير لا يتعدى الدقيقتين.
تركت أسرتي لدى الجيران وعدت لمعرفة ما الذي حدث وأين كان القصف وحينها علمت أن القصف استهدف مبنى السجن الخاص بالأسرى في الشرطة وأن السجناء الذين نجوا من الضربة الأولى قد حاولوا الهرب ولكن الصواريخ تبعتهم في ساحة الشرطة وأن الكثير منهم لقي حتفه في المكان وهم يحاولون النجاة بأرواحهم, وأثناء وقوفي في هذا المكان أصبت بشظية في ذراعي وأيضاً سيارتي تضررت.
• وعن الحالة التي سادت المكان والأضرار التي لحقت بأهالي الحي أضاف:
منازل كثيرة تضررت وأخرى دمرت نهائيا وسقطت أسطحها وجدرانها على سكانها منها منزلي الذي انتهى تماماً وكذلك منزل عبدالله المزومي وعوض وحمود الشريفي وبيت الخولاني والسامعي وهناك منازل أخرى, المهم لقد عشنا حالة لا أعرف كيف أصفها لك, حالة يرثى لها.
كان مقرراً تسليمهم للصليب الأحمر
التقينا في المكان بأحد أفراد الشرطة الذي تحدث عما حدث ووصفه قائلا:
حدثت الضربة الساعة الثانية عشرة و(شوية), وقد استهدف الضرب مبنى في الشرطة مخصص للأسرى الذين كان مقرراً أن يتم تسليمهم للصليب الأحمر, وقد بلغ عدد الجثث التي أحصيناها حتى الآن 29 جثة فيما لا يزال هناك آخرون تحت الأنقاض ونتواصل مع الصليب الأحمر كي يتواصلوا مع التحالف من أجل وقف الاستهداف كي نتمكن من انتشال بقية الجث وإسعاف من لا يزال على قيد الحياة.
• عبدالله محمد من أفراد الحراسة الذين انتشروا في محيط المكان قال:
لقد قام العدوان باستهداف سجن الأسرى بحوالي ثمان غارات الساعة 12 ليلاً وعدد القتلى حسب علمي حتى الآن 29 قتيلاً الكثير منهم مزقت أجسادهم إلى أشلاء تبعثرت في المكان ومحيطه خارج مبنى السجن.
قصف عنيف ومشهد مروع
• التقينا أيضاً بالأخ/ نبيل يوسف هديش الذي وصف ما حدث بالقول:
بدأ القصف في الساعة 12 وشوية وكان القصف عنيفاً جداً وبصواريخ شديدة الانفجار ولأول مرة نسمع هذه القوة للانفجار ونشاهد هذا الحجم الهائل من الدمار الذي ألحقته، وهذه الحفر الكبيرة التي تركتها في مكان الانفجار.
وأضاف: استهدف القصف مبنى الأسرى في الشرطة وقد أسعفنا من استطعنا الوصول إليه ساعتها ولا زالت محاولات الإنقاذ والانتشال جارية حتى اللحظة رغم مخاطر معاودة استهداف المكان.
وتابع بالقول: كان المشهد مروعاً .. حيث تناثرت الجثث في أرجاء المكان والأجساد ممزقة ومحترقة ورائحتها تعم المكان والجثث مفتتة إلى قطع صغيرة مبعثرة هنا وهناك – رؤوس منفصلة وأيد مقطعة وأقدام وصدور مفرومة ومحترقة.
واختتم حديثه قائلاً: كان اغلب القتلى ممن حاولوا النجاة بأرواحهم ولاحقتهم الصواريخ في الساحة وهذا ما فاقم الكارثة وزاد من عدد القتلى, كما أن الاستهداف المتكرر للمباني والساحة ضاعف العدد لأن هناك من فارقوا الحياة احتراقا تحت الركام.