صرواح مارب.. تاريخ شارف على الاندثار

أكثر من 20 ألف غارة نفذها طيران العدوان على صرواح
استهداف متعمد للبنى التحتية والخدمية والمعالم الأثرية من قبل العدوان ومرتزقته
تدمير 400 منزل و30 مزرعة و20 بئر مياه وعشرة جسور
يحيى قاسم المدار
كُتبَ لنا مع مجموعة من الإخوة الإعلاميين زيارة مديرية صرواح بوابة الصمود الأسطوري الواقفة بكل ما تمتلكه من أرض وإنسان لحماية اليمن بأكمله، من عدوان غاشم وغزاة محتلين حاولوا جهدهم عبثا أن يثقبوا في جدار سدها المنيع المملوء بقوة وعزيمة رجال الرجال لكن ذلك كان محالا..
زرنا منطقة صرواح أو ما تبقى منها وكانت أمنية تحققت لأغلبنا، كانت صورة صرواح مرسومة في أذهننا عندما كنا نشاهد في التلفاز، عن تلك الحضارة وذلك التاريخ العظيم لليمني الأول الذي صنع مجدا وعنفوانا للأجيال، في الطريق إلى صرواح واجهتنا الكثير الكثير من مشاهد الدمار والقصف المتعمد لإبادة الحياة في طرقها، عشرات المنازل على جانبي الطريق مهدمة تماما بفعل الغارات المتعاقبة من قبل الطيران السعودي الأمريكي، وعلى تلك الطرق أو ما كانت تسمى طريقا اسفلتيا، أكثر من 10 جسور تربط بين وديانها تلك الجسور تم تدميرها تماما، واجهتنا عشرات السيارات التابعة للمواطنين التي قتل العدوان عليها عددا من المواطنين وارتكب فيها عشرات المجازر بحق أبنائها أطفالا ونساء ورجالا كان أكثرهم نازحين من ديارهم خوفا من قتلهم في منازلهم في صرواح والمناطق المجاورة لها..
وما إن دخلنا صرواح حتى واجهتنا لوحة صغير مكتوب عليها (صرواح) تلك اللكتابة بدا عليها آثار العدوان، وهنالك دخلنا بالفعل سوق صرواح الذي أخافنا كثيرا وأفزعنا منظر تلك المحال التجارية التي أصبحت خرابات وركاماً من الحجارة والحديد والأخشاب المتهالكة، أكثر من خمسين محلا تجاريا دمرت تماما بما فيها من المواد الغذائية ومواد البناء الصيدليات والكهرباء والمطاعم وغيرها، خرج إلينا بعض المرابطين من مجاهدي الجيش واللجان الشعبية جنود الله وحماة اليمن الأبطال رحبوا بوصولنا وأوصونا ببعض الإرشادات التي تعلموها من خلال بقائهم في ذلك المكان الموحش والمفزع بحق وحقيقة، وبدأ آخر يشرح لنا كيف كانت صرواح والحياة والزخم الذي كانت عليه تلك المديرية الاستراتيجية، مررنا من مدينة الأشباح إلى أطرافها ووسطها وجدنا رائحة الموت في كل مكان فيها بين جدران منازلها المهدمة على رؤوس ساكنيها الذين قضوا بغارات العدوان التي بلغت أكثر من عشرين ألف غارة، استشهد على إثرها من أبناء صرواح رجالا ونساء وأطفالا أكثر من 330 مواطنا لا ذنب لهم ولم يجترحوا جريرة بحق دول العدوان ومنافقيهم إلا أنهم تواجدوا في منطقتهم ومنازلهم التي بلغ عدد المدمر منها أكثر من 400 منزل أصبح أغلبها أثرا بعد عين كما تشاهدها العيان..
المجاهدون من أبناء صرواح حدثونا عن أرقام مهولة لجرائم ارتكبها العدوان ومنافقوه في صرواح من قصف الطيران وكذا القذائف والصواريخ التي رموا بها 30 مزرعة أحرقوها لمواطنين كانت هي كل رأس مالهم بالإضافة إلى 20 بئرا ارتوازية لضخ المياه إلى المنازل والمزارع تم ضربها ودفنها تماما، كذلك الثروة الحيوانية المتنوعة والكبيرة جدا التي نفقت بفعل الغارات العدوانية..
طفنا المدينة الماربية بمعية بعض أبنائها شاهدنا ما كان يعرف بالمعاهد الفنية والتقنية مقضياً عليها كذلك مدارسها الخمس المسحوقة وبقايا من كراسي الطلاب وكتب مهترئة وممزقة ومحترقة، رأينا قتل العلم وذبح الطموح ووأد المستقبل في قصاصات دفاتر الطلاب الذين رسموا وكتبوا ما تمنوا لليمن في أوراقهم، لم يعلموا بأن عدوا مجرما يقترب لحظة الغفلة للانقضاض على أحلام الطفولة في صرواح وكل الوطن..
أوجعتنا تلك المناظر وآلمتنا كثيرا مشاهد ما حدث في صرواح، أقل ما توصف به وما حل بها كارثة أو قل زلزالا رهيباً قضى على كل شيء فيها..
السلطة المحلية في مديرية صرواح أعلنتها منطقة منكوبة، وناشدت العالم بالعمل لوقف العدوان الذي قضى على الحياة فيها، عدوان لم تسلم منه الحجر ولا الشجر..
استرحنا قليلا لأداء الصلاة وطعام الغداء، فوجئنا بأن العدوان قد دمر مساجد صرواح الستة بغارات مباشرة، ذهلنا ولم نستغرب لعلمنا بإجرامه ودعشنته!! في كل رحلتنا لم يتوقف طيران العدوان عن التحليق المنخفض جدا بصوته المزعج ومن غارات متباعدة في أطراف المنطقة تستهدف المقصوف وتدمر المدمر، عزيمة وقوة وصلابة وثبات المجاهدين زادتنا شجاعة وحماساً لرؤية ما تبقى في المنطقة، سألنا عن المستشفيات قيل لنا بأن مستشفى صرواح الريفي العام قد دمر تماما وقضت الغارات على كل ما فيه، كما أخبرنا عن ثلاث وحدات صحية تم القضاء عليها أيضا بالإضافة إلى العيادات والصيدليات ومخازن العلاج..
لا تسلني عن شبكة الاتصالات المحلية والنقالة لأنها كانت على رأس أهداف العدوان الإجرامي فما إن تغادر محافظة صنعاء شرقا حتى تنقطع عنك كل الاتصالات تماما وتغيب عنك أخبار العالم، إلا من خلال تواصل المجاهدين بهواتف متنقلة بينهم البين..
تعرضت مديرية صرواح لجرائم وبغي كما غيرها من مدن وقرى اليمن حرب إبادة وفتك بمختلف الأسلحة حتى المحرم منها كما أخبرنا من كانوا في تلك المناطق، فضلا عن آلاف القنابل العنقودية والفسفورية التي شاهدنا نماذج منها عرضها علينا المجاهدون المرابطون هناك..
علمنا بحق من خلال تلك المشاهد أننا نواجه عدوانا شيطانيا زُرِعَ الخبث والبغض والإجرام في قلبه الحاقد الحاسد على الحياة في اليمن، على كل شبر ومنطقة وحي وقرية ومدينة في اليمن، عدنا من صرواح وأعيننا تقطر دما على مدينة كانت تعج بالدنيا وجمالها وروعتها، حاولت يد العدوان أن تطمسها وتلغي تراثها وثروتها التي هي ملك لأبناء اليمن والأمة العربية والإسلامية..

قد يعجبك ايضا