تشهد السعودية تراجعاً حادّاً في اقتصادها، بسبب تداعيات الحرب التي يشنها التحالف بقيادة السعودية على اليمن وتكلفتها؛ وقد تناولت تقارير دولية وخليجية تناولت هذه التكلفة المنهكة بأرقام متفاوتة. فقال موقع “الخليج أونلاين” إن التقديرات أشارت إلى أن السعودية قد تنفق نحو 175 مليون دولار شهرياً على الضربات الجوية ضد الحوثيين، باستخدام 100 طائرة. واستمرار الحملة الجوية لأكثر من 5 أشهر، تكلّف الرياض أكثر من مليار دولار.
وقالت مجلة “فوربس” الأمريكية، بعد 6 أشهر من اندلاع الحرب، إن تكلفة الأشهر الستة بلغت نحو 725 مليار دولار، أي إن التكلفة الشهرية تصل لـ 120 مليار دولار. تقدير آخر جاء في دراسة نشرتها مؤخراً جامعة هارفارد الأمريكية، أشارت فيها إلى أن تكلفة الحرب تصل إلى 200 مليون دولار في اليوم الواحد. وتقدر تكلفة تشغيل الطائرات السعودية المشاركة بالحرب بنحو 230 مليون دولار شهرياً، متضمّنة تشغيل الطائرات والذخائر المُستخدمة والاحتياطية، وثمن كافة قطع الغيار والصيانة وغيرها.
من جانبه قدّر موقع “دويتشيه فيليه” الألماني تكلفة تشغيل الطائرات السعودية المشاركة بالحرب، ويبلغ عددها 100 طائرة، بمبلغ 175 مليون دولار شهرياً. وفي ظل هذه الأرقام التي يصعب إيجاد مقاربة بينها للتكلفة الحقيقية، يمكن قياس العمليات السعودية في اليمن على أخرى شبيهة نُفّذت خلال السنوات القليلة الماضية، وكانت تكلفتها معلنة. ومعظم تكلفة الحرب في الحالة اليمنية يستهلكها سلاح الجوّ، فالتحالف العربي لم يتدخّل في اليمن برّياً حتى الآن. وفي مارس من العام الجاري، بلغ عدد الطلعات الجوية التي نفّذها طيران التحالف أكثر من 90 ألفاً. واعتماداً على هذا الرقم، وقياساً بتكلفة الطلعة الجوية الواحدة للطائرات الأمريكية المشاركة بالحرب ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق، التي تُقدّر بـ 84 ألف دولار إلى 104 آلاف دولار، فإن التحالف أنفق على الضربات الجوية في اليمن خلال عامين مابين 7 مليارات و560 مليون دولار، إلى 9 مليارات و360 مليون دولار.
ولا يمكن حساب بقية التكاليف العسكرية للحرب في اليمن؛ فجميع الأرقام والبيانات المتوفّرة حول كميات الأسلحة المستخدمة في الحرب وأنواعها وتكلفتها غير رسمية، ومبالغ في جزء كبير منها، بحسب ما يصف مراقبون عسكريون.
وفي استعراض سريع للبيانات التي تُظهر تأثّر اقتصاد السعودية بالحرب، نجد أن السعودية رفعت قيمة إنفاقها العسكري عام 2015م إلى 82.2 مليار دولار، بعد أن كان قد بلغ في 2013م، 59.6 مليار دولار فقط. وأعلنت وزارة المالية السعودية، في أغسطس الماضي، أن الدين العام للدولة بلغ 91 مليار دولار، تضاف إليهم صكوك محلية طرحتها المملكة خلال سبتمبر الماضي وأكتوبر الحالي، بقيمة 9.9 مليار دولار، وسندات دولية بقيمة 12.5 مليار دولار، ليقفز بذلك حجم الدين السعودي إلى 113.4 مليار دولار.
حرب طائشة
وفي هذا السياق، أكدت صحيفة أميركان كونزرفيتف أن السعودية لا تزال تحمل إيران اللوم على عرقلة جهود السلام واستمرار الحرب في اليمن. وأضافت في مقال للكاتب دانيال لاريسون: بدأ السعوديون وحلفاؤهم تدخلا طائشا قبل عامين ونصف على افتراض أنهم سينتصرون بسرعة، وهم يسعون لتحقيق أهداف غير واقعية منذ البداية. وبعد ثلاثة وثلاثين شهرا، لا يزالون متورطين في حرب لا يستطيعون الفوز بها، والأسوأ من ذلك أنهم ما زالوا يرفضون التوقف وإيجاد مخرج للحرب التي قتلت وشوهت الآلاف من المدنيين في اليمن وتسببت في مجاعة كبرى بالإضافة إلى توسيع تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية والاستيلاء على أراض يمنية شاسعة.
وأشارت الصحيفة إلى أن التحالف لا يزال ملتزما بمجموعة من الظروف السياسية التي لن يقبلها أعداؤه، مضيفة: صحيح أن أطراف النزاع مسؤولة عن إبقاء الصراع قائما، ولكن الحكومات الخارجية التي تدخلت في اليمن تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية تصعيد الحرب وإطالة أمدها”.
ونوهت بأن النتيجة هي بلد دمره القصف وقتل نساءه وأطفاله وجوع الحصار سكانه ويعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
فضائح وجرائم
ولفتت الصحيفة إلى أن قوات التحالف والقوات الغربية التي تدعمها، لم تشعر بالحرج من خلال العديد من التقارير على جرائم الحرب التي ارتكبوها في اليمن ولم تؤد تلك التقارير إلى جعلهم يوقفون الحرب. كما لم تشعر بالخجل جراء دورها في خلق أسوأ أزمة إنسانية في العالم ولم تجعلهم يرفعون الحصار الجوي والبحري المفروض على الشعب اليمني.
وأضافت: إن السعوديين حريصون على إنكار المسؤولية عن الكارثة التي تسببوا فيها، لكن محاولاتهم اليائسة لإلقاء اللوم على الآخرين بسبب مخالفاتهم لن تصمد في وجه التدقيق، موضحة أن من بين العقبات الرئيسية أمام وقف إطلاق النار وإيجاد تسوية سياسية محتملة هو تصميم التحالف على الاستمرار في حملته الحمقى.
وأشارت الصحيفة إلى التصريحات السعودية التي أكدت فيها استمرار الحرب مجددة هذا التصميم بطريقتها الوهمية المعتادة، مشيرة إلى أن اتهام السعوديين ليس له مصداقية، وأن دور إيران ونفوذها في اليمن ضئيل جدا، لذا فمن المشكوك فيه أن تكون حكومتها قادرة على منع الحوثيين من قبول حل توافقي إذا اعتقدوا أن ذلك كان في مصلحتهم.
ادعاءات زائفة
وحسب الصحيفة، تظل الولايات المتحدة والداعمون الغربيون الآخرون في التحالف ينغمسون في هذا الخيال من خلال دعمهم المتواصل للحملة. ومن المتوقع أن تحاول السعودية إلقاء اللوم في استمرار الحرب على الجميع باستثناء الرياض والحلفاء، ولكن لا ينبغي لأحد أن يأخذ ادعاءاتهم الزائفة على محمل الجد.
وأكدت إذا لم تؤمن حكومات التحالف أن علاقتها مع الولايات المتحدة تتعرض للخطر بسبب استمرار الحرب، فإنها ستستمر في حملتها الفاشلة. إن الدعم الأمريكي للحرب على اليمن كارثي، وإحدى الطرق لإنهاء ذلك هي التركيز على الحرب وعواقبها المروعة أكثر بكثير مما شهدناه على مدى العامين والنصف الماضيين.