عن إصلاح القضاء !!
أحمد يحيى الديلمي
تحفزت للكتابة في موضوع القضاء لأمرين اثنين هامين :
الأول : إيجابي ، ويتمثل في تعيين الأخ العزيز القاضي العلامة / أحمد يحيى المتوكل – رئيساً لمجلس القضاء الأعلى ، نظراً لما أعرفه عن الرجل من سمو أخلاق وغزارة في العلم ونزاهة وتجارب متراكمة في القضاء ، فلقد تدرج في المناصب القضائية ويكاد يكون مر على كل حلقات القضاء الابتدائية والاستئنافية ووصل إلى المحكمة العليا كآخر حلقات التقاضي في بلادنا .
هذه سمة عظيمة تجعل من خبرات الرجل كبيرة وفهمه للقضاء واسعا وتمكنه من الإشراف على برامج الإصلاح في كل مناحي القضاء بقدرة فائقة ممكنة نظراً لسمعته الطيبة التي اشتهر بها في كل المواقع التي تسلمها بعدد من المحافظات ، وقبل فترة كان أول المرشحين لرئاسة اللجنة العليا للانتخابات وهو مؤهل لمثل هذا المنصب ، إلا أن رغبة الإقصاء المبيتة حالت بينه وبين ذلك “إنا لله وإنا إليه راجعون ” أن تبلغ الرغبات الخاصة هذا المستوى من التأثير وهي التي لعبت دوراً سلبياً في اتساع رقعة الخلل وانهيار الأخلاق والقيم والمبادئ.
الثاني : سلبي ، يختص بالحالة التي وصل إليها القضاء في بلادنا ومثلت عنواناً صارخاً للتقهقر وتفشي الظلم ، خاصة عندما وجد القضاة غير المؤهلين أو المؤهلين نظرياً دون الإلمام بقواعد القضاء في الميادين أو انعدام الخبرات المطلوبة وغياب صفات الفراسة والقدرة على فهم وأبعاد القضايا المنظورة .
للأسف الشديد في الفترة الماضية حرص معهد القضاء العالي على الكم ونسي الكيف .. وتم اختيار القضاة بمواصفات خاصة تطلبت استبعاد فئات معينة من البشر والتركيز على سوء الفهم لدى القاضي، وهو أمر محزن حقاً يتطلب إعادة النظر في القضاة غير المؤهلين أو إجراء دورات تدريبية جديدة للتأهيل ، وفي هذا الجانب حديث طويل ومتشعب سنتطرق إليه في مواضيع قادمة إن شاء الله ..
* كتاب جدير بالقراءة
في إطار الحديث عن القضاء لا يفوتني هنا أن أنوه إلى كتاب هام جدير بالقراءة والإمعان في فهم حقائقه وأبعاده ، وفي المقدمة من كل قاض حريص على الإلمام بشروط القضاء ، ذلك هو الكتاب الذي ألفه فقيه الدستور والقانون القاضي الدكتور العلامة / محمد أحمد مرغم ، بعنوان “بدء السير في إجراءات تنفيذ الأحكام ” فقد اشتمل على قواعد وأسس كفيلة بإحقاق الحق وترسيخ مبدأ العدل إلى جانب أنه تضمن نقاطا هامة حددت مواطن الخلل في الإجراءات التي كان يستند إليها القضاة في بعض مراحل تنفيذ الأحكام خلال الفترة الماضية وركز على هذا الجانب باعتبار أن سلامة التنفيذ أهم مرحلة تضع القضاء في نصابه الصحيح وتبين خطأ القاضي من عدمه ، إذ يكفي أن نجد في هذا الكتاب صيغة عملية مزودة بالشواهد الحية عن إجراءات السير في تنفيذ الأحكام ، وهذا وحده كفيل بإتقان المهمة من قبل القاضي الحريص على إحقاق الحق ودحض الظلم وهذا ما يؤهل الكتاب لأن يكون مادة متفردة في معهد القضاء .
لا أستبق الأحداث أترك للكتاب المذكور أن يقدم نفسه.. ففيه من المفاجآت ما لا يتوقعه أحد .. والله من وراء القصد ..